أخبار السودان

الماطوري.. إعدام مستشفى .. مباني مهجورة وانعدام لدورات المياه وعنبر واحد لاستقبال المرضى ..!!

العمليات تجرى من غير وجود بنك دم ولا أوكسجين ولا فني تخدير!!

السراميك والمكيفات ملقاة في العراء لأكثر من 4 سنوات

الماطوري: حسن محمد عبد الرحمن

لا أحد يصدق ما وصل إليه الحال في مستشفى الماطوري بولاية الجزيرة، فوضع مستشفى الماطوري أشبه بحال مريض يرقد على سرير المرض وفي حالة موت سريري وللأسف الشديد فإن المتسبب في هذه الكارثة هي وزارة الصحة بولاية الجزيرة التي أجبرت إنسان المنطقة على أن يهرب من تلك المستشفى بسبب الفوضى الإدارية والصحية فالزائر للمستشفى يصاب بصدمة عنيفة فالمبنى عبارة عن ?خرابة? وبعض المباني أشبه بالاطلال لأنها منهارة ومواقع داخلها كأنها حظيرة. ?التيار? تجولت داخل المستشفى وخرجت بتفاصيل حزينة تحكي حال مؤسسة صحية يتعين عليها معالجة المرضي لكن للأسف الشديد فإن المستشفى في حاجة لمعالجة هو الآخر.

الوقوف على الأطلال:

تحركنا من مدني إلى المناقل ثم إلى 24 القرشي ومنها إلى الماطوري رحلة ميدانية للوقوف على حقيقة الأمر وعكسه للرأي العام ليرى كيف يتعالج مواطن تلك المنطقة وعند وصولنا إلى منطقة الماطوري لم نصدق بأن هذا المبنى هو مستشفى يتلقى فيه الإنسان العلاج، وهو مبنى بلا سور وعبارة عن غابة وبها مبان مهجورة، وحتى المباني المهجورة مغلقة بالأشواك ووجدنا عنبرا واحدا لاستقبال المرضى، وكان به أربعة مرضى لحظة دخولنا المستشفى، ولم نجد طبيبا ولا ممرضا سوى الغفير، وبقية المباني مغلقة بالأشواك ثم وجدنا مستشفى بدون دورات مياه ويقضي الإنسان حاجته في العراء إلا أن الحال أشبه بغابة يطلق عليها مستشفى، وزيارة أي مسؤول لهذه المستشفى تكفي لكي يصدر قرارا بإغلاقها ومحاكمة مرتكبي الجريمة ضد الإنسانية.

ذلك الأمر الذي جعل مواطني منطقة الماطوري بالإضافة إلى 36 قرية مجاورة وعدد سكانها أكثر من 120 ألف مواطن كانوا يتلقون العلاج في هذه المستشفى التي تم تشييدها في عام 1982 من أموال المزارعين، إلا أن كل هؤلاء هجروا تلك المستشفى بسبب حالة التردي التي تعيشها.

توقف مفاجئ:

بعد التردي الذي عاشته المستشفى قام ابن المنطقة أحمد حسن بإنشاء مبانٍ بمستشفى جديد داخل المستشفى عام 2010 بتكلفة قدرها في ذلك الوقت 2,5 مليار، باستقطاب المبلغ من منظمات المجتمع المدني بالخرطوم، وتمكن من تكملة المباني بصورتها النهائية وشراء السراميك والمكيفات وإكمال المباني جميعا، إلا أن خلافا مع مدير المستشفى تسبب في توقف العمل بتلك العنابر الجديدة وتم إغلاقها بالأشواك، والسراميك ظل في العراء لأكثر من سبع سنوات بعلم وزارة الصحة بولاية الجزيرة حيث يقف مدير المستشفى في وجه تطوير المستشفى وقبول أي طبيب جديد.

مأساة المرضى:

كان من ضمن المتحدثين لـ(التيار) محمد حسن، رئيس اللجنة الشعبية بوحدة الماطوري الإدارية، الذي تقلد عدة مواقع إدارية بالمنطقة حيث أوضح بأنه تقدم بعدة شكاوى إلى المسؤولين بالولاية عن وضع المستشفى ووضع الطبيب القريب، وكان آخرها تقدمه بشكوى لوالي الجزيرة محمد طاهر إيلا في الفترة الماضية وتحصلت (التيار) على صورة منها، وشملت الشكوى عدة مخالفات في تسيير المستشفى، منها أنه لا يوجد حساب مالي لهذه المستشفى أو إيصالات إلكترونية وكل الرسوم حتى العمليات تذهب للطبيب، وأيضا عائد الدواء الدوار والعيادة، حيث أن الطبيب رفض فتح حساب خاص بالمستشفى بالبنك، وهنالك تبرعات له لعدة سنوات بمبلغ 20 ألف جنيه ظلت أمانة في محلية المناقل نسبة لعدم فتح حساب، وتم تكوين عدة لجان من قبل المعتمدين، إلا أنه رفض التعامل معها وكل الزيارات الميدانية لوزراء الصحة الاتحاديين والولائيين تنتهي بمشكلة وما زال حال المستشفى كما هو عليه، والغريب أنه تم تحوّيل جزءًا من المستشفى لزراعة أبو سبعين للأبقار، وبيع الأنقاض وتشييد عنبر بدون مواصفات وفك الخط الناقل للمياه وتحويله لزريبة الأبقار ولا يوجد صرف صحي لهذه المستشفى، والمرضى يتبرزون في العراء، كما رفض أيضا معالجة الإسهالات المائية بالمحاليل الوريدية.

الوضع الطارد:

من جهته أوضح رئيس اللجنة الشعبية بمبروكة علي محمد مصطفى أن المستشفى أصبحت طاردة لأهالي الماطوري والمناطق المجاورة لها، وأن طبيب المستشفى لا يملك علاجا لغير الملاريا والبلهارسيا، وظل يداوم على صرفها للمرضى، ويواصل علي محمد مصطفى في إفاداته لـ?التيار? قائلا: أصبحنا نذهب لمستشفى 24 القرشي أو المناقل وأن الطبيب العمومي ظل يقوم بإجراء العمليات الجراحية داخل المستشفى، كما أوضح أنه لا توجد وحدة حسابية، وأنهم قاموا بالشكوى عدة مرات لجهات الاختصاص بمحلية المناقل قبل فصلها والقرشي بعد قيام المحلية ووزارة الصحة بهدف نقل هذا الطبيب ونطالب بتدخل والي الجزيرة إيلا بصورة عاجلة لزيارة المستشفى والوقوف على الحقائق بنفسه.

عرضحال:

رئيس اللجنة الشعبية بأم هجليج محلية القرشي محمد الضو، أوضح أن المستشفى أصبح يعيش في حالة متردية وبصورة لا يصدقها العقل وهي أشبه بالكارثية حيث أن المستشفى لا تصلح حتى لعلاج حيوان، ناهيك عن البشر وأن أهالي المنطقة هجروا المستشفى وبدأوا يذهبون إلى القرشي وأنهم مستعدون لدفع أي مبالغ كخلو رجل لمغادرة هذا الطبيب، ومستعدون لتشييد مستشفى جديد كما أوضح محمد فضل اللـه رئيس اتحاد المزارعين الفرعي بقسم الماطوري، أن ما يحدث هنا بمستشفى الماطوري هو انتهاكات وتحدٍّ للقانون والغياب التام للمسؤولية، وأن المسؤولين ووزارة الصحة تتحمل ما يحدث هنا حيث لا توجد بيئة للعلاج ولا يوجد علاج في هذه المستشفى وإنهم مستعدون اليوم قبل الغد بتشييد مستشفى جديد بأحدث المواصفات حالة مغادرة هذا الطبيب.

في موقع المأساة:

بعد وصولنا لمستشفى الماطوري تجولنا داخل المستشفى وهو بلا سور ومفتوح من جميع الاتجاهات وأشبه بمبانٍ داخل غابة وأن هنالك أرض تم حرثها وعلمنا أن ذلك بهدف زراعة أبو سبعين على بعد (5) أمتار من العنابر، ولا توجد دورة مياه داخل المستشفى حيث فضلات المرضى والمرافقين تملأ ساحة المستشفى، أما النفايات الطبية فحدث ولا حرج، إذ هي موجودة في كل شبر من المستشفى وحتى نفايات العمليات موضوعة بساحة المستشفى وتبعد من العنبر ثلاثة أمتار في شكل كوش وقاذورات وهنالك مبنًى جديد مغلق تماما بالأشواك وأمامه سراميك وبعد وصولنا للمستشفى حضر لنا محضر العمليات وأوضح أنهم أجروا عملية في هذا الصباح (بواسير) وطرحنا عليه سؤالنا.. هل يوجد مساعد تخدير؟ ذكر لنا أنه لا يوجد ولا يوجد أوكسجين ولا بنك للدم وأن الذي يقوم بالعملية هو طبيب عمومي يعمل بالمستشفى منذ 23 عاما، كما توجهنا بسؤالنا للموظف المكلف بتحصيل الرسوم أوضح أنه لا توجد لديه إيصالات وأنه يعطي المريض ورقة مكتوب عليها اسم المريض ورقم لحجزه ثم يقوم نهاية اليوم بتسليم المبالغ التي تحصل عليها للطبيب ويقوم بمنحه (10) جنيهات.

تقصي الحقائق:

أفاد رئيس اللجنة الشعبية بالماطوري أنه تقدم بشكوى لوالي الجزيرة، تم تحويلها لوزارة الصحة وتكوين لجنة تقصي الحقائق حول المخالفات المالية وبأن المستشفى يتبع لمحلية القرشي وذهبنا لمدير المراجعة الداخلي وعضو لجنة تقصي الحقائق مع مدير المستشفى حيث رفض لنا الإدلاء بأي معلومات بل ذهب لأبعد من ذلك وطلب منا عدم نشر هذه القضية عبر الصحف، إلا أن مصدرا آخر بالمحلية أكد صحة كل ما حملته الشكوى المقدمة من رئيس اللجنة الشعبية بالماطوري، إذ لا يوجد دورة مستندية ولا دفاتر مالية ولا موظف تحصيل ولا حساب في البنك، وكل ما جاء بالشكوى هو صحيح.. وقتها كان معتمد المحلية خارج المحلية ليوضح لنا الحقائق.

مخالفات بالجملة:

حيث أكد مصدر لـ(التيار) بوزارة الصحة بأنه مما يندر جدً أن يكون هنالك طبيب عمومي لمدة 23 عام، وهذا خلل واضح من وزارة الصحة بالإبقاء على هذا الطبيب في هذه المنطقة لهذه المدة وغير المسموح بجميع مستشفيات وزارة الصحة بإجراء أي نوع من العمليات إلا إذا توفر فني التخدير والبنج أو مساعد التخدير والأوكسجين والتأكد من وجود الدم وهنالك مواصفات موجودة بوزارة الصحة للعمليات الصغيرة والكبيرة وعلى الأطباء الالتزام بها ويستثنى حالات الإنقاذ أو الجروح الخفيفة وتحتاج للتدخل السريع، وأما غير ذلك فمخالف للوائح وحمّل المسؤولين بجهات الاختصاص بالوزارة تلك الأخطاء التي تحدث بالمستشفات الريفية وخاصة عملية بيع الدواء من بعض الأطباء والممرضين والذين يتحولون إلى تجار بدلا عن المهنة الإنسانية.

(التيار) إلتقت بعدد من المواطنين وحملونا رسالة إلى والي الجزيرة محمد طاهر ايلا بأن يقوم بزيارة لتلك المستشفى حتى يرى بأم عينيه ويشهد التردي المريع والذي هو جريمة بحق الإنسانية، وأنه قبل نقل هذا الطبيب يجب مساءلة ومحاسبة كل الذين تسببوا في كارثة مستشفى الماطوري، وأن ما يحدث بمستشفى الماطوري هو صرخة واستنجاد لأكثر من 120 ألف مواطن يطالبون بنقل الطبيب لإرتكابه العديد من المخالفات.. هل تستجيب حكومة الجزيرة؟ ووزارة الصحة بولاية الجزيرة التي تقول أنها تهدف إلى تقديم خدمات علاجية لإنسان الجزيرة؟.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..