من يكتب نفسه شقياً !ا

تراســـيم..

من يكتب نفسه شقياً !!

عبد الباقي الظافر

ابتعثت الحكومة السودانية وزير الإرشاد في زيارة رسمية لليمن السعيد.. الوزير أزهري تربطه علاقة وثيقة بصنعاء حيث عمل معلماً في تلك البقاع.. الدكتور أزهري بعد أن أنهى مهمته الاستطلاعية حول ثورة اليمن توقّف بجدة السعودية.. بعثة الحج المقيمة هنالك حمّلت سكرتيره الخاص مبلغ خمسة آلاف ريال لزوم تكبد مشاق. ومن قبل حملت تقارير صحفية أنّ حافز وكيل التربية في العام الماضي بلغ نحو مائة وخمسة وستين مليوناً من جنيهاتنا السودانية.. الوكيل دافعت عنه زوجته القيادية بذات الوزارة، وقالت إنّ ثروة الوكيل مخصصة لأعمال الخير منها بنيت بيوت للإخوان والأصدقاء. في سابق الأيام وفي مؤسسة إعلامية حكومية شهيرة عرف صغار الموظفين الشفرة التي تجعل مديرهم يبتسم.. الأفندية كلما صنعوا عملاً كانوا يطلبون حافزاً.. فقط يحرصون على أن يجعلوا اسم كبيرهم أعلى القائمة.. المدير يتحسس اسمه جيّداً ويقول لنفسه ضاحكا “رزقاً تكوسوا ورزقاً يكوسك”. ربما تستغربون لماذا يحرص كثير من مسؤولينا على السفر خارج الحدود.. صافي السفرية الواحدة يبلغ ملايين الجنيهات.. والحقيقة أنّ الخير لا يصيب الكبار وحدهم بل يعم صغار المحظوظين.. قليل من حكامنا من يعود للوحدة الحسابية ليرد لها ما فاض من أموال الشعب.. بل في كثير من الأحيان يطلب المبعوث في مهمة رسمية المزيد من الأموال. قبل أشهر معدودات كانت وزارة المالية تتحدث عن قانون يضبط هذه الحوافز.. ولكن المسعى لم ير النور بعد.. وربما لن يسعى بين الناس أبداً.. نوّاب الشعب أنفسهم ينالهم من البر نصيب.. آخر حافز رئاسي جعل لكل نائب خمسة عشر ألف جنيه لزوم شهر الصيام. أعرف والي ولاية محترم.. عندما غادر منصبه اجتمع قدامى الأصدقاء وجعلوا على كل مؤسسة حكومية ربطاً مالياً.. من لم تساعده الظروف على الاستدانة تبرّع بمواد عينية.. في حفل الوداع قدّم المخلصون الذين أصابهم خير الوالي سيارة فارهة هديّة لسعادته.. الهدية مضت للوالي السابق بحضور الوالي الجديد ولسان الحال يقول “دا الشغل”. في كثير من البلدان المتحضرة هنالك ضوابط تمنع المسئول من أن يحفّز نفسه ولو بطريق غير مباشر.. في الولايات المتحدة سعت السيناتور (وقتها) هيلاري كلنتون لزيادة مخصصات وزير الخارجية.. عندما ساقها الحظ وجلست على ذات المقعد وجدت من يخبرها أنّها لن تسعد بذلك التعديل وستصرف بالدولار (القديم). وفي بلدان أخرى هنالك متحف ترد فيه الهدايا التي يتلقاها المسئول وهو على كرسي المسئولية.. إنّها القاعدة التي أرساها رسولنا الأعظم قبل أربعة عشر قرن عندما سأل موظفا عاماً إنّ كانت الهديّة ستصيبه إن جلس في بيت أبيه وأمّه. آن الأوان أن نضع ضوابط تمنع أن يكون القلم الذي يكتب الحافز حراً طليقاً.. من غير المقبول أن يحفز الإنسان نفسه.. ومن غير المنطقي أن يقيّم الفرد عمله بنفسه. تأكدوا أنّ البلد تسير في المسار الخطأ عندما يصبح (ميري) الحكومة أبرك وأنفع من سوق الله أكبر.

التيار

تعليق واحد

  1. مقال رائع اخي الظافر ووصلت لقناعة تامة ان العاملين بالقطاع الخاص والمغتربين هم أفقر السودانيين !!! الوظيفة العامة اصبحت مرغوبة ليست من راتبها ولكن من المخصصات والحوافز والنثريات التي اصبحت توزع حسب مزاج الوزير او المدير !!! سمعت قصصا كثيرة وزيرا يحكي للآخر ان عمارته تحت التشطيب يساعده الآخر بعمل سفرية خارجية بالدولار !!! أفتعال المشاكل مع المجتمع الدولي ومن ثم السفر بحثا عن الحلول ما هي ال وسيلة ايضا من وسائل التكسب غير المشروع !!! انظر لمستشار الرئيس الابن المدلل كم عدد سفرياته في الشهر وارصدوا المبالغ التي استلمها بالدولار
    وماذا انجز ؟؟؟؟
    باختصار مال الدولة اصبح سائبا في عهد الانقاذ
    وضحكت لعبارتك آن الاوان ان نضع ضوابط تمنع ان يكون القلم الذي يكتب الحافز حرا طليقا !!!! بعد ايه ؟؟؟ ومن الذي يمنع …؟؟ وهل تبقي شي ؟؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..