مأساة الطفل ريان.. تُعَرى حكم المليشيات أمام دولة القانون

سيطرت مأساة الطفل المغربي على أفئدة الملايين في العالم ولم يكن السودان استثناءً من ذلك. ورغم النهاية المأساوية لقصة الطفل اليافع الذي ظل يكافح لما يقرب من خمسة أيام بعد سقوطه في حفرة عميقة وسط الجبال الموحشة، إلا أن ذلك لم يمنع العالم من الإشادة بالتكاتف الكبير للمغاربة وبالجهود المتواصلة للسلطات هناك لإنقاذ الفتى.
ردود الأفعال في كل العالم تشابهت في الفرح للحظات بإخراج الطفل حياً من غيهب الحفرة، ومن ثم الحزن الشديد بعد إعلان وفاته بعد لحظات من عملية الإنقاذ.
وكما نالت الملحمة المغربية لإنقاذ الطفل إعجاب الملايين في السودان، إلا أنها فتحت الباب واسعاً للتباكي على الحال هناك والمقارنة بين ما عكسته هذه الحادثة من تماسك البيت المغربي بعرشه وحكومته وشعبه وتوحده في إدارة أزمة فردية سرعان ما تحولت لأزمة قومية، وبينما ظلت تقوم به السلطات الانقلابية من قتل وتعذيب وتنكيل بالشعب الذي تسعى لحكمه ونهب موارده.
وفي هذا التقرير، ترصد “مداميك” أبرز ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن حادثة الطفل ريان ومقارنة إفرازاتها مع القمع الذي تمارسه السلطات في السودان، خاصة على الأطفال والشباب، وبوجه أخص المذابح التي ظلت ترتكبها الطغمة العسكرية والتي وصلت حصيلتها لما يزيد عن 70 شهيداً وشهيدة فقط منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. انصبت تعليقات عدد من الكتاب البارزين في صفحات التواصل الاجتماعي على مدى حرص السلطات المغربية على حفظ أرواح مواطنيها وسعيها المتواصل لحمايتهم من أخطار تحيق بهم كواجب مقدس لأي حكومة مدنية لديها قوات عسكرية وأجهزة أمنية تأتمر بأمرها، فيما ينصب حرص سلطة الأمر الواقع في السودان على تثبيت أقدامها في الحكم وبأي ثمن، حتى لو كان أرواحاً غالية تزهقها ميليشياتهم وعصابتهم بدون أدنى شعور بالذنب أو المسؤولية.
وتحت عنوان “أزالوا جبلا لينقذوا طفلا”، كتب سيد الطيب، أن قصة الطفل ريان قد ألهمت العالم أجمع مشيراً إلى أن قوات عسكرية وشرطية ودفاع مدني وأمن وفرق طبية تضافرت جهودهم ليل نهار على مدى 5 ايام لإنقاذ طفل.. وأردف قائلاً “لدينا قوات عسكرية وشرطية وأمنية تتضافر جهودها لقتل أبنائها ليل نهار”. أما الصحفي حيدر الفكي، فقد كتب تغريدة جاء فيها: “قصة الطفل المغربي ريان التي هزت العالم لمدة خمسة أيام جسدت البعد الإنساني لشعب ودولة سخَّرت كل إمكانياتها لإنقاذ طفل .. ويا للمفارقة هنا عندنا مليشيا تحكم باسم الدولة وتقتل شباب الوطن ليل نهار ومع سبق الإصرار والترصد وبدم بارد ويشهد كل العالم على ذلك.
من جانب آخر، تندر السودانيون على خبر أوردته صفحة قناة العربية السودان بموقع فيسبوك عن قيام السودان، ممثلاً في سلطة الأمر الواقع الانقلابية، بتعزية المغرب في وفاة الطفل وإشادته بالجهود الحثيثة التي بذلت لإنقاذه، حيث علق أحد المتابعين قائلاً: والله قمة العار و النفاق أن تقتل شعبك و أبناء شعبك شباب من ذهب غدرتم بهم و سلبتموهم حق الحياة لا لشيء إلا لأنهم خرجوا يطلبون مدنية الدولة وسيادة القانون و أن ينعم الوطن بالسلام و العدالة، بينما قال متابع آخر: امشوا عزوا أسر الشهداء القتلتوهم فالأقربون أولى بالمعروف.
وفيما يشبه المفارقة، أورد معلق مثلاً سودانياً يصب في نفس الاتجاه فحواه “خلت راجلها ممدود ومشت تعزي في محمود” أي أن المرأة تركت عزاء زوجها الذي لم يدفن بعد وذهبت لتعزي في متوفٍ آخر.
الرسوم الكاريكاتورية والتعليقات المصورة كان لها أيضاً نصيب حيث تداولها الناشطين في تطبيقات الهواتف وتحديداً تطبيق “واتس آب)”، ومن ضمنها جاءت الصورة المرفقة مع هذا التقرير لتلخص تماماً الرسالة من كل ما قيل في هذا الشأن وتحتوي لقطتين الأولى للطفل المغربي والثانية لطفل سوداني بريء طالته رصاصة للانقلابيين وهو داخل منزله لتكتب نهاية لحياته القصيرة ولتفجع والديه وأهله وكل البلاد.
مداميك