جوبا تصر علي العملية الانتخابية في يونيو .. والمعارضة ترفض .

إنتخابات دولة جنوب السودان
الاقتراع فوق جثث الضحايا
و البصمة علي تجربة الخرطوم ..!
جوبا : نيروبي :أروشا: مها التلب
الخطوط :
*قاتكوث :أنفصلنا عن الشمال و لن نقتدي بتجربة الخرطوم الفاشلة .
*لاجئة :سلفاكير يقتل شعبه فكيف له ان يرشح نفسه و عليه أن يوقف معاناتنا..؟
أجاز المجلس التشريعي لجنوب السودان قانون الأحزاب السياسية في ٢٩ فبراير ٢٠١٢، وصادق عليه رئيس الجمهورية الفريق سلفاكير ميارديت في مارس من ذات العام لم يتم تكوين مجلس الأحزاب السياسية كما نص القانون لما يقارب الثلاثة أعوام حتي الأن. أحد بنود القانون (المادة السادسة) تطالب الأحزاب في جنوب السودان بتقديم دساتيرها لتوفيق أوضاعها وإعادة التسجيل بما يتماشي مع قوانين الدولة الجديدة. وبحسب المراقبين فإن فشل الحركة الشعبية لتحرير السودان في عقد مؤتمرها العام بسبب خلافاتها الداخلية كان أحد الأسباب التي أدت إلي إندلاع النزاع المسلح والذي دخل عامه الثاني. وعلي الرغم من الحرب الدائرة؛ أعلن الحزب الحاكم “الحركة الشعبية لتحرير السودان” علي لسان أكثر من مسئول كان أخرهم وزير الخارجية في مؤتمر صحفي عقده في بالخرطوم الاسبوع الماضي، عن عزم حكومته قيام الإنتخابات العامة في مواعيدها المقررة في ٢٠١٥. وعلي الرغم من أن هنالك العديد من العقبات المتمثلة في الحرب الجارية الآن وعدم إنطلاق عمليات التعداد السكاني لتعريف وتوزيع الدوائر الإنتخابية؛ وغيرها إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة كيف تشارك أحزاب جنوب السودان وعلي رأسها الحزب الحاكم في هذه الإنتخابات وهي أحزاب مسجلة في جمهورية السودان قبل انفصال الجنوب؟ ولماذا لم يتم تكوين وإنشاء مجلس الأحزاب السياسية؟ وهل هناك إتفاق بين القوي السياسية الجنوبية علي تجاوز قانون الأحزاب السياسية قبل التوجه إلي الإنتخابات العامة؟ وما هو التفسير القانوني لهذا التجاوز؟ “الجريدة” طرحت هذه الأسئلة وغيرها من استفهامات ملحة علي أطراف النزاع وقادة القوي السياسية في الجمهورية الوليدة، فبينما دافعت الحكومة عن توجهها نحو الخيار الانتخابي، هاجمت قوى المعارضة ذلك المسلك ووجهت له جملة من الانتقادات.
أصرار على الانتخابات:
أكد وزير الاعلام بدولة الجنوب مايكل مكوي) الجريدة) بقيام الانتخابات في موعدها وأضاف “علي الأحزاب السياسية بما فيها حزب الحركة الشعبية أن تقوم بعملية التسجيل، وأن هناك أحزاباً سياسية حديثفي دولة الجنوب قد تم تسجيلها لدي مسجل الأحزاب وأكد مايكل لـ “الجريدة” إنشاء حكومته لمسجل الاحزاب وعزا عدم مباشرته لأعماله لعدم أداء القسم غير أنه لم يوضح أسباب تأخر أداء القسم، ولا الكيفية التي تم بها تسجيل الأحزاب التي نشأت حديثاً في دولة الجنوب، وفيما يتعلق بمسألة التعداد السكاني قال مكوي إنه لن يتم إجراؤه وسوف تعمل حكومته علي تعديل مواد الدستور المتعلقة بـ (قانون الاستفتاء) الذي ينص على قيام التعداد السكاني والاستعاضة عن تلك خطوةالتعداد) بالدوائر الجغرافية( طبقاً لما تم في 2010م، لتعذر إجراء التعداد السكاني في مثل هذه الظروف. وأشار الي عزمهم علي إجراء الانتخابات بالرغم من إستمرار الحرب وتأثر بعض الولايات بها، وزاد قائلاً: “نحن جزء لا يتجزأ من العالم الذي يجري الإنتخابات وبعض مناطقه ملتهبة، السودان علي سبيل المثال أجري انتخابات وبعض مناطقه بها حروب كدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، سنجري إنتخاباتنا وكل حزب يريد ان يشارك عليه ان يستعد لذلك.
انتقادات :
من جهة أخري وصف القيادي بالمعارضة المسلحة المهندس فاروق قاتكوث موقف جوبا حول الانتخابات بغير المسئول ويبرهن علي ان سلفاكير وحكومته لا يكترثون لأمر السلام ولمعاناة المواطنين . وحول تسجيل الأحزاب أضاف فاروق أنه لا يمكن ان تنادي الحكومة وحزبها الحاكم بتسجيل الاحزاب دون ان تبدأ بحزبها وشدد في حديثه لـ “الجريدة” علي عدم شرعية رئيس الحكومة وقال ان سلفاكير وصل الي سدة الحكم عقب إتفاق مع الاحزاب السياسية في مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي ٢٠١٠ الذي إتفقت فيه علي مواصلة سلفاكير للفترة الانتقالية بصفته القائد الذي قاد دولة الجنوب الي الاستقلال، فهو لم ينتخب وأن الانتخابات الوحيدة التي خاضها كانت في ظل السودان الموحد لرئاسة حكومة الجنوب الإقليمية.واتهم قاركوث وزير الاعلام مايكل مكوي بفقدان “أدبيات وأخلاقيات مهنة القانون” معتبراً أن تغيير الدستور لتوفير شرعية للإنتخابات فقدان للمصداقية وتلاعب بالقانون مؤكداً أن إصرار الحكومة علي قيام الإنتخابات يدلل علي ان سلفاكير وحكومته فاقدون للمصداقية والبوصلة لانه لا يوجد شخص عاقل يتحدث عن انتخابات في هذا الوقت الصعب التي يمر به شعب الجنوب، وتساءل : كيف لوزير الاعلام ان يدلل بالسودان في مسألة قيام الانتخابات علي الرغم من وجود مناطق ملتهبة وزاد بالقول أن السودان دولة فاشلة وانفصلنا عنها كيف لنا الإستدلال بتجربتها في الانتخابات. وختم القيادي المعارض حديثه بالقول ان جوبا تعيش حالة من الانقسام والخلاف بينها والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وما يدلل علي ذلك منع الحكومة لرئيس حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي لام أكول من مغادرة جوبا .
علي طاولة المفاوضات:
و في ذات السياق أقر نائب رئيس المعارضة السلمية دينق الور بوجود أخطاء صاحبت مسيرة الحركة الشعبية لتحرير السودان بدء من إدارة الجنوب قبل الاستقلال خلال “الفترة الانتقالية ” الي ما بعد الاستقلال.
و كشف الور عن تقاعسهم كقيادات للحركة الشعبية في حسم الكثير من القضايا الحزبية التي أدت الي الازمة الحالية، بدءا من إدارة الحزب الي علاقاتهم بالاحزاب السياسية الاخري، واشار دينق في حديثه لـ (الجريدة ) الي تنسيق بينهم والمعارضة المسلحة باجتماعات أروشا التنزانية من أجل تأجيل العملية الانتخابية في دولة الجنوب، وزاد الاولوية الان الي إنهاء معاناة المواطنيين بتوحيد حزب الحركة الشعبية ثم الوصول الي إتفاقيات في مفاوضات أديس أبابا وعودة الاوضاع الي ما كانت عليه في ظل حكومة انتقالية حكيمة تقود البلاد الي انتخابات حرة و نزيهة .
السلام اولا :
و من جهة أخري قال رئيس حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي الدكتور لام أكول أجاوين أن الانتخابات جزء من العملية الديمقراطية ، ووسيلة تسمح للمواطنين لاختيار ممثليهم فى البرلمان والحكومة بحرية ونزاهة فى جو يسوده السلام والاستقرار حتى يشارك الكل فى العملية ليكون الاختيار تمثيلاً حقيقياً للشعب .
و أشار لام الي أن الانتخابات لا يمكن قيامها في مثل هذا الوقت لان المرحلة تتطلب وجود سلام أولا و من ثم قيام العملية الانتخابات و أضاف الانتخابات ليست هدفا فى حد ذاتها، وليست هى الديمقراطية ، ولكى تخدم غرضها الديمقراطى لابد من توافر شروط معينة اهمها مشاركة شعبية عالية وان تكون حرة ونزيهة ، بمعني أن اى انتخابات جزئية لن تحقق هذه الشروط لانها تعزل قطاعا كبيرا من الشعب فى رقعة جغرافية محددة من المشاركة فى اختيار قادتها السياسيين.
و عقد لام مقارنة بين موقف السياسين الجنوبيين إزاء الإنتخابات الجزئية عند إجرائها في ظل السودان الموحد و التي قاطعتها الحركة الشعبية لتحرير السودان “الحزب الحاكم “و أعتبرتها في ذلك الوقت مقتل للديمقرطية وانها تعمق انفصال جنوب السودان و تعمل علي توسيع دائرة الحرب بجانب تعقيد العملية السلمية ، فكيف يستقيم أن ينادي القادة السياسيون في ظل ذات الظروف بقيام الانتخابات في يونيو من هذا العام .
و قال أكول ان ما قامت به حكومة جوبا يتعارض مع الدستور ، و أشار الي عدم جاهزية اللجنة القومية للانتخابات باعتبار أن مقوماتها غير متوفرة، وذكر: كان من الاحري أن تقوم هذه اللجنة بإعلان الانتخابات و قيام التعداد السكاني منذ 12شهرا قبل الانتخابات ، ووجه لام اكول انتقاداً لوزير الاعلام مايكل مكوي بشأن تعديل “قانون الاستفتاء” قبل الاعلان عن موعد الانتخابات وقال “كان من المفترض ان يجرى التعديل أولا ثم بعد ذلك يتم الاعلان عن الانتخابات ” .
صرخة لاجئة :
و تقول(أ ، ج ) التي تقطن بمعسكر اللاجئين بالشجرة بالخرطوم ، و فضلت حجب أسمها خوفا من تعرضها لمضايقات ، كيف يتم اجراء الانتخابات والحرب مستمرة في مناطق بدولة الجنوب مع استمرار معاناتنا بين معسكرات اللجوء وتقول ” سلفاكير الذي يقتل الشعب كيف له ان يرشح نفسه رئيسا علينا مرة اخري بكل بساطة ، حتي قبل أن يوقف معاناتنا ” ، وتؤكد (أ ) لـ(الجريدة ) ان اللاجئين في المعسكرات لايهتمون لهذه الانتخابات وكل امانيهم هي العودة الي ديارهم ، وتقول ” يجب ان توقف الحرب اولاً ويعود اللاجئون والنازحون الى ديارهم ويحدث الامن والاستقرار وبعدها يمكن الحديث عن الانتخابات.
و تضيف أن ظروف الحرب الدائرة والاوضاع الانسانية المعقدة المزرية بجانب الظروف الامنية لا تساهم في أجراء الانتخابات ، ولا يوجد استقرار والحكومة تدير حربا و تسعى في الوقت ذاته لاجراء الانتخابات ، و طالبت (ج ) الحكومة برئاسة سلفاكير ميارديت و المعارضة المسلحة برئاسة رياك مشار بالتوصل الى اتفاق لوقف الحرب وتحقيق السلام الشامل والعادل واعادة النازحين واللاجئين الى موطنهم .
الحكومة وتيارات الضغط :
السكرتير الصحفي للأمين العام للحركة الشعبية السابق عاطف كير ذهب إلي أنه لا يوجد حزب حاكم في جمهورية جنوب السودان بالقول “بادئ ذي بدء، لابد من التأكيد أولاً علي أنه لا يوجد حزب حاكم بل توجد حكومة تتقاودها تيارات ضغط إقليمية وعرقية. وحتي الحركة الشعبية قبل إندلاع الأزمة الحالية لم تكن تقود الحكومة وإنما ذات اللوبيات التي أشرت إليها والتي مثلت أحد أهم أسباب الأزمة الحالية. أما الحركة الشعبية كحزب فتفرقت أيدي سبأ بين تياراتها المخلتفة”. وأوضح كير لـ (الجريدة) أن الإصرار علي قيام الإنتخابات في ظل الأوضاع الحالية يؤكد عدم إعتراف الحكومة، وتيار الحركة الذي يقودها بوجود أزمة وتسعي من خلال الإنتخابات المزمعة إلي إعادة إنتاج الأزمة. فالحركة الشعبية تنكرت لإتفاقها مع القوي السياسية الذي وقعته في أكتوبر ٢٠١٠ في مؤتمر الأحزاب الجنوبية المتعلق بالإنتخابات والترتيبات الدستورية لجنوب السودان بعد الإستقلال. لهذا فإن قيام الإنتخابات وبالضرورة، إكتساح الحركة جناح الحكومة لنتائجها هو عينه إعادة إنتاج الأزمة وهو أمر لا نستغربه طالما كانت حركة مايكل مكوي تحتذي أُنموذج المؤتمر الوطني وحكومة السودان. وطالب السكرتير الصحفي الحركة بتياراتها المختلفة الإعتراف بمسئوليتها في تعقيد المشهد السياسي بما في ذلكتعطيل تعيين مجلس الأحزاب والإتجاه إلي إجراء مصالحات حقيقية عن كل الأخطاء التي إرتكبتها في حق شعب جنوب السودان. وفي معرض رده علي حديث وزير الإعلام حول وجود أحزاب مسجلة فعلاً، أوضح أن ذلك حديث عارٍ من الصحة لعدم تعيين مجلس الأحزاب السياسية في دولة جنوب السودان بعد الانفصال من ناحية، ولوجود مسجلوحيد للأحزاب السياسية علي المستوي القومي إبان الفترة الإنتقالية في إطار السودان الموحد حينها، وأن مجلس الأحزاب السياسية ليس كالبنك المركزي يعمل بنافذتين حسب إتفاقية نيفاشا إلا إن كان الوزير قد أصابته “جلطة قانونية” لتفسير القوانين وتعطليها كيفما أتفق مزاجه الشخصي. وأعتبر أن دعوة الوزير القوي السياسية للإستعداد للإنتخابات لا تعدو كونها “عزومة مراكبية”. ونبه كير في خاتمة حديثه إلي خطورة الدور الذي يعلبه مكوي من خلال النُصح القانوني الذي يسديه لرئيس الجمهورية مؤكدا أن ذلك النصح تسبب بشكل أو بأخر في إندلاع الأزمة الحالية ويعمل علي مفاقمتها إن إستمر الوزير في ذلك السلوك. وأن تطاول أمد النزاع وأخيراً الدعوة إلي قيام الإنتخابات يكشف عدم حساسية النخب السياسية للمعاناة والألم الذي يعيشه شعب جنوب السودان الذي نال أكثر من حظه في الشقاء.
خسارة شعب جنوب السودان :
تكشف الإفادات السابقة تباعد مواقف التيارات السياسية في جنوب السودان وإهتماماتها المختلفة فالحكومة، تبحث عن شرعية تبقيها في السلطة لسنوات قادمة، و المعارضة المسلحة، تبحث من خلال تعنتها في موقفها التفاوضية عن موطء قدم يوفره لها معادلة الثروة والسلطة التي يتم التفاوض عليها ، والمعارضة السلمية لا تقوى علي التأثير وتغيير ميزان القوة الذي يفرضه الطرفان المتحاربان ، أما شعب جنوب السودان الذي يعاني ويلات الحروب وشرور اللجوء والنزوح فهو الخاسر الأكبر في هذه العملية الانتخابية المطعون في صحتها.
لا يوجد لديك الموضوع
وضاع الحنوب حتي لا بظهر تمرد اخر ويدعي ان الانفصال هو الحل