سيف مسرور في عيد الاضحى: (اهداء الى الصديق عمر جعفر السوري)

أقرب إلى القلب :
(1)
تمدّدت الأيام بيننا، أيها الصديق، فما اتصل قلمي بقلمك لزمانٍ طويل . هذه الآونة التي شهدت كثير اهتزازات وتحوّلات ، أحسستُ أن التفاكر حولها أكثر من واجب، وإني إذ استحث قلمي لمراسلتك فقد حفزني إلى ذلك أمران : أولهما هذا الذي فصلته لك مما طفح على السطح من ظواهر وتحولات أقلقت العالم كله من حولنا وأعرف اهتمامك به وبتداعياته، والثاني هو كثير افتقادي لقلمك الرشيق، وقد ظللت استسقي من عيون مقالاتك ما يطفيء ظمأي في زمانِ تُسابق أيامَه أسابيعُه ، وتطوي الأسابيعُ أشهره، طيّ القاريء النهم لكتابه الشيّق.
يقول المتنبي في قصيده الأشهر: عيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيد..
وإنّهُ- أيّها الصدبق- لا يروق لي زعم المتنبي كون العيد يعود، فكأنه الحراك القادم، وكأنّ البشر هم الثبات والوقوف انتظاراً لقدومه . عندي أن العيد محطة فلكية في ديمومة أبدية . . فيما نحن- البشر- الذين إلى تحوّل وإلى تغيير كلّ ما مررنا
على تلكم المحطة.
لعلك توافقني، أننا نحن الذين نأتي إلى المحطة ، ثم يأتي بشر غيرنا بعد حين، ويرون المحطة غير رؤيتنا، ويكون كسبهم غير كسبنا ، فما ذنب محطة العيـــــد أن نلقي عليها اللعنات كونها قد عادت بما لا يرضي! ؟
هذا قول يشبه قول الكنيسة التي قاتلت “غاليليو” والتي رأت الأرض مركز الكون، تأتي إليها الشمس من الشرق وتغيب إلى الغرب، فكأن الشمس هي التي تتحرك في دورانها من الشرق إلى الغرب، غير أن قول “غاليليو” بمركزية الشمس ودوران الأرض حولها، هو الصحيح علمياً والثابت جغرافيا . ولكن الكنيسة الكاثوليكية رأت في مزاعم “غاليليو” ما يقف مناقضاً لتعاليم كتابها المقدس، فحاصرت محاكم التفتيش في سنوات القرن السابع عشر الميلادي، “غاليليو” وكتمت بمباركة الكنيسة صوته..
نحن الذين عدنا إلى العيد- إذاً- بحساب الفلكيين ولم يعد العيد إلينا ، فلا يخدعنكم المتنبي الذي عاش قبل “غاليليو” بنحو خمسمائة عام ميلادي.. !
لكنك أيها الصديق، ستجد لشاعرنا أبي الطيب عذراً جميلاً، كونه شاعراً صِنعته الخيال وملكته تكمن في اجتراح الصور الذهنية الخلابة. إنه الشاعر..!.
(2)
الذي أزعج عيدنا- وهو عيد فداء سيدنا إسماعيل كما جاء في الكتب السماوية وفي القرآن الكريم- أن من بين المسلمين من يريد أن يفهمنا أن عيد الفداء على قدسيته لكونه شعيرة من شعائر الحج، هو أيضاً عيد يعيدنا إلى استدعاء خلافات السياسة وترهاتها ، ليكون العيد عيدَ ذبحِ غير المسلمين بغير جريرة بيّنة. هو عيد لممارسة المتطرفين من “المتأسلمين الجدد”، قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق. الذي استجدّ هذه المرّة، هو أن السياف “مسرور” الذي يحزّ الرؤوس بأمر الطاغية “شهريار”، ليس مسلماً من مسلمي الشرق الأوسط، بل هو من “المتأسلمين الجدد” من أبناء أوروبا وأمريكا.
هذا الغلو في التطرف ليس من الإسلام في شيء، فيما نحن جميعاً نحسّ بلهب المواجهات الحضارية ، والذي أفرزه هذا الاحتكاك المتواصل بين مختلف العقائد والثقافات والألسن، ونحن نعيش سنوات القرن الحادي والعشرين المليئة بالتحديات. ولا أحتاج أن أعيدك، أيها الصديق العزيز، إلى مثل سوداني قديم :”التركي ولا المتورك”، ولعله انتشر على أيام تفشي الظلم في جمع الضرائب والجبايات في سودان القرن التاسع عشر، فراج المثل، إذ صار الجُباة المحليين أكثر عنفاً من حكام البلاد الأجانب مثل الأتراك وسواهم. ليس غريباً أن تستعمل حركات الإرهاب التي لبستْ رداء الإسلام برفعها رايات سوداء تميزها في أنحاء العراق والشام، أولئك الغربيين الذين استهوتهم العقيدة الجديدة فدخلوها من باب الانتقام واستعراض قدرات العنف المبرر في نظرهم عقائدياً، ضد الحضارة الغربية بكامل رموزها .
إن السياف “مسرور” في قصص “ألف ليلة وليلة”- ولعلهم اعتمدوه مثلا وقدوة- هو غريب و لا “منتمٍ” ، في تلك الأقاليم التي مارس فيها مهنته بقطع الرؤوس، بتلذذ حسدته عليه شخوص “الف ليلة وليلة” الخيالية. . !
(3)
لم تعد للصراعات السياسية والعسكرية أشكالها القديمة الصلبة التي نعرف ، مما شاع في القرنين الماضيين، من مبارزات بالسيوف وتحديات بالغدّارات النارية أو مواجهات قتالية بين المقاتلات الأرضية والجوية، بل تحوّلت المواجهات في هذا الصراع المحتدم إلى شكل جديد من المواجهات تستخدم فيه أسلحة ناعمة حريرية ملساء، هي أسلحة الأفكار والتيارات الفلسفية والعقائدية . ولقد كانت هجمات 11 سبتمبر 2001 هي المحطة التي تبلورت فيها مقومات حرب الأفكار، التي لا تنكر احتدامها عين .
إن الصراع مع الإسلام هو جانب واحد من هذه الحرب الشاملة المحتدمة تحت الرماد، وإني أتفق مع أكثر المراقبين والمحللين في الشرق وفي الغرب، على أن هذه المواجهات الفكرية، ليست وقفاً بين الإسلام العقيدة وما سواه من العقائد، بل هي مواجهات بين مختلف الحضارات التي تسود العالم وما يتفرع عنها من ثقافات وتيارات سياسية وعقائد ولغات وألسن وعادات وتقاليد. طالت هذه المواجهات صراعات الديانات المسيحية نفسها، كتلك التي بين البروتستانت والكاثوليك، أو بين التيارات الإسلامية المختلفة تنوعاً فقهياً وتمايزاً عملياً، خاصة تلك الخلافات الناشبة بين السنة والشيعة وبقية المجموعات المتفرعة عنها أو المتطرفة فيها. لن تعفي الحروبات الفكرية أصحاب الديانات والثقافات البعيدة، مثل الهندوسية والبوذية ، بل وأصحاب العقائد الكريمة من غير أتباع الكتب السماوية. ولا مخرج من هذه المصائر الكارثية إلا بالاعتراف بحقيقة التنوع ونعمة الاختلافات وقراءة قوله جل جلاله : ” وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..”.
(4)
لقد اقتربت أطراف العالم من بعضها البعض، وساعدتْ ثورة الاتصالات والتواصل على ترسيخ ظاهرة العولمة وتلامس الحضارات، وانفتاحها على ساحات التفاعل، وتماثل القيم وتشابه التوجّهات التي تعزز أواصر التعاون بين الدول والشعوب. لو كانت لغتي هنا تقبلها لغة موضوعية، فإني لا أغفل برغم ذلك، عن ذكر تلك الرؤى التي تضمرها الدول الكبرى، وتناور بها وعبرها لاحتواء الدول الصغرى، إذ لا تزال سياسات الهيمنة ومحاولات السيطرة على الموارد الطبيعية الآيلة إلى النضوب، تدار بلا مواربة من أطراف مجموعات سياسية واقتصادية كبيرة في أنحاء العالم. لعل التقارب الذي تحقق بين بلدان وشعوب العالم ، حمل أيضاً ما يناقض مقوّمات تعاون دولي معافى ، فترى شعارات التدخل بذرائع “إنسانية” أو سياسات محاربة “الإرهاب الدولي”، واللتين تخضعان لتعريفات ملتبسة من طرف فاعلين في الساحة الدولية، تستغل بذكاء أحياناً وبغباء في أحايين أخرى، لتحقيق المطامع الآنية وترسيخ هيمنة القويّ على الضعيف في تلك الساحة، وسيطرة الأطول على الأقصر ..
(5)
رأيت بريئاً إسمه “هينينج” من الإنجليز وقد حُزّ عنقه صبيحة عيد الأضحى بلا أدنى التفات لتوسلات أسرته وأطفاله بل وأسرة المجتمع الدولي كله . يقف “السياف “مسرور” متمنطقا برمزية انتمائه إلى الإسلام دين التسامح والرحمة، يرفع سيفه كأنّه يقطع رقبة ملكة بريطانيا، لا عنق بريء جاءت به مهمته الإنسانية في تلك الأنحاء. أمره إلى ذلك الفعل طغيان فكرة جعلت الدين الذي يدعي انتماءه إليه، دين قتل لا يعرف التسامح ولا الرحمة، فيما العبرة الكبرى في عيد الفداء، هي كلمة الله التي فدتْ اسماعيل . نحن في زمنٍ جاء فيه أنبياء كذبة، لم ينتظروا رؤىً تأتيهم في مناماتهم، بل تواروا خلف ستار ثم طفقوا يأمرون السياف “مسرور” لقطع الرقاب . إنهم يكيدون للعقيدة في أصولها وفي عيدنا الكبير…
تقبل أيها الصديق تهنئة حزينة في عيدٍ أراده الله مؤتمرا للمسلمين وأراده الكائدون مأتما للعقيدة…
8/10/2014
[email][email protected][/email]
العنف كامن في قاع المجتمع البشري منذ ليل الحياة وحسب فكرة ربط العنف بالمقدس هو محاولة لتفادي عنف الكل ضد الكل ولجاء المجتمع لفكرة كبش الفداء وهو تقليد في التراث اليهودي وفكرة النبي ابراهيم هي في حقبة إنتهاء تقديم الذبائح البشرية وظهرت في المسيحية في فكرة الضحية البريئة والتي جعلت المسيح آخر الذبائح البشرية وهبهات. وعندنا في السودان مازالت أرتال أعراس الشهداء مستمرة لتأكد أننا مازلنا في زمان ليل الحياة.فعرس الشهيد الذي إبتكره الترابي يرجعنا الي عهود الذبائح البشرية.المطلوب اليوم تقديم الدين للناس في شرح جديد لا يرفض الدراسات الأنثروبولوجية والسيسيولوجية التي تساهم في طرح فهم عصري يخلص الدين من أدعياء الدين.
حكايتك حكاية يالاخو سعاتو عينك فى الفيل وتمشى تطعن فى ضلو؟
بلدك مستباحة من طرف افراد طغمة من اقصى غربها الى اقصى شرقها بعد فصل جنوبها
وجاى بعقدك الظاهرة والمخفية تواسى فى سورى؟
ياخيبتك يالبسيدو انتلكشوال
موضوع جميل لكن ياسيادة السفير الحل شنو ووينووخلى صديق عمر ابوجعفر المبدع ان يتحفنا بسلسلة مقالات عن الصحافة السودانية التحية لكما