حسن الظن والتعايش الإيجابي مع الآخر

*أعجبتني خطبة الجمعة الماضية التي ألقاها بمجمع الإمام مسلم بالفيحاء – شرق النيل – الدكتور مراد أحمد القدسي عضو هيئة علماء اليمن الذي زار السودان للمشاركة في مؤتمر آل البيت الشريف الذي عقد الأيام الماضية بجامعة افريقيا العالمية بالخرطوم.
*حث الإمام المصلين عبر هذه الخطبة على حسن الظن بالله امتثالاً للحديث القدسي الذي يقول فيه جل جلاله : “أنا عند حسن ظن عبدي بي..”، وأوضح كيف أن حسن الظن بالله لصيق الصلة بحسن الظن بالناس وعدم الحكم عليهم بالشبهات والتصنيفات والأحكام المسبقة.
*الواقع الانساني مليء بالمواقف التي تؤكد أهمية حسن الظن بالله وعدم الحكم على الناس بالظاهر من السلوك، هناك قصص كثيرة تشهد على ذلك منها قصة الرجل الطيب الكريم الذي لا يرد التحية، وكان يرسل الطعام خفية الى منزل عامل فقير يعمل معه، وعندما انتقل إلى رحمة مولاه انقطع الطعام عن العامل واضطر للمطالبة بزيادة أجره، وعندما سألوه ما الذي جد حتى تطالب بزيادة المرتب ؟ حكى لهم حكاية الطعام الذي انقطع عنه بعد وفاة والدهم.
*عرف الأبناء أن والدهم كان يرسل للعامل الطعام بشكل راتب إلى منزله، وعادوا لارساله له كما كان يفعل والدهم، لاحظ العامل الفقير أن ابن الرجل الطيب لا يرد التحية أيضاً، لكن لم تطل دهشته فقد قال له الابن ذات مرة : لا تؤاخذني أنا ضعيف السمع مثل أبي.
*يقول أحد السلف : لو رأيت أحد أخواني ولحيته تقطر خمراً لقلت إنها سكبت عليه، ولو وجدته واقفاً على جبل وهو يقول : أنا ربكم الأعلى .. لقلت إنه يقرأ الآية القرآنية، يقول ابن القيم : والله ليصعب عليه معرفة نيته في عمله فكيف يتسلط على نيات الناس.!!
*ما أحوجنا في هذه الأيام التي تتنامى فيها جماعات الغلو والتكفير وإصدار الأحكام على الآخرين وتنفيذها بصورة تتنافى مع سماحة الإسلام والمسلمين، إلى نشر مثل هذه القيم الدينية والأخلاقية التي تحتاجها الانسانية جمعاء.
* ما أحوجنا إلى تدبر قول رسول الرحمة المهداة إلى العالمين : “أفضل الناس أعذرهم للناس”، ونعمل على هدى هذه القيم السمحة في بيوتنا وفي مواقع عملنا وفي حياتنا العامة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعدلية والأمنية، خاصة تجاه الذين نعيش معهم داخل الوطن .. أو في أوطانهم، وأن نسعى معاً بالتي هي أحسن لمحاصرة تيارات الغلو والتكفير وكراهية الآخر ومحاولة إقصائه بالقوة، وأن نقوي سوياً أواصر التعايش الايجابي في محيطنا العام المحلي والاقليمي والدولي.
[email][email protected][/email]