واشنطن تردّ على إثيوبيا.. ملء سد النهضة لن يمر مرور الكرام
الإدارة الأميركية تخفض 100 مليون دولار مساعادات لإثيوبيا وسط خلاف مع مصر والسودان بخصوص سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل.

واشنطن – بعد يومين فقط من طلب إثيوبيا توضيحا أميركيا بشأن تقرير يفيد قطع ما يصل إلى 100 مليون دولار من المساعدات الموجهة لها بسبب ملف سد النهضة، جاء الرد الأميركي سريعا، ليؤكد أن خطوة أديس أبابا أحادية الجانب بشأن ملء السد لن تمر مرور الكرام.
وأعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها علّقت جزءا من مساعداتها المالية لإثيوبيا ردّا على قرار أديس أبابا البدء بملء سدّ النهضة قبل التوصّل لاتّفاق مع مصر والسودان بشأن هذا المشروع الكهرمائي الضخم الذي تبنيه على النيل الأزرق.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّه “بسبب قرار إثيوبيا الأحادي الجانب ملء سدّ النهضة بدون اتّفاق مع مصر والسودان” فإنّ وزير الخارجية مايك بومبيو وبتوجيهات من الرئيس دونالد ترامب “قرّر تعليق جزء من المساعدات المخصّصة لإثيوبيا مؤقتاً”.
وشدّد البيان على أنّ “الولايات المتّحدة تشعر بقلق متزايد إزاء عدم إحراز تقدّم في المفاوضات الرامية للتوصّل إلى اتّفاق ثلاثي حول ملء سدّ النهضة وإدارته”.
كما كشف مصدر بالكونغرس، الأربعاء، لرويترز أن الولايات المتحدة قررت خفض 100 مليون دولار من مساعداتها لإثيوبيا.
وأوضحت واشنطن أنّ قرارها تعليق جزء من المساعدات المخصصة لإثيوبيا يعكس “مخاوف” الولايات المتحدة من القرار الأثيوبي، معتبرة أن الشروع في ملء خزّان السدّ “قبل اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية” ينطوي على “مخاطر جسيمة على سكّان دول المصبّ”.
وأضاف المتحدّث باسم الخارجية الأميركية في بيانه أنّ الانتقال إلى “الملء أثناء المفاوضات يقوّض ثقة الأطراف الأخرى”، متّهماً الحكومة الإثيوبية بعدم الوفاء بـ”التزاماتها” لجهة انتظار مصير المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي قبل الشروع بأي خطوة عملية.
وأكّد أنّ واشنطن “تجري مباحثات حثيثة مع الحكومات الثلاث” بهدف “تسهيل وصولها إلى اتّفاق عادل ومنصف يحقق توازناً” بين “مصالحها”.
وأضاف أنّ الإدارة الأميركية لن تتوانى عن استخدام “كل الأدوات المتاحة أمامها” للضغط على الدول الثلاث للوصول إلى الاتفاق المرجو.
وأكد السفير الإثيوبي لدى واشنطن فيتسوم أريغا، الثلاثاء، في منشور على فيسبوك أنّه تلقّى تأكيدات بأنّ أيّ تخفيض في المساعدة الأميركية لبلده سيكون “مؤقتاً”.
وقال السفير “السدّ لنا وسننجز بناءه بسواعدنا”.
وسدّ النهضة الذي بدأت أديس أبابا ببنائه في 2011 سيصبح عند إنجازه أكبر سدّ كهرمائي في إفريقيا، مع قدرة إنتاج بقوة ستة آلاف ميغاواط. لكنّ هذا المشروع الحيوي لأثيوبيا والذي أقيم بارتفاع 145 مترا، يثير توترات حادّة بينها وبين كلّ من السودان ومصر اللتين تتقاسمان مع إثيوبيا مياه النيل وتخشيان أن يحد السد من كمية المياه التي تصل إليهما
ومنذ 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتّفاق حول ملء السدّ وتشغيله، لكنّها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في التوصّل لاتّفاق.
وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد الفقير البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
لكنّ مصر والسودان تقولان إنّ السد يهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق حيث بني السدّ، وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادهما ومواردهما المائية والغذائية، ولا سيما بالنسبة إلى مصر التي يؤمّن النيل 97 في المئة من احتياجاتها من المياه.
وكانت إثيوبيا تحفّظت سابقاً على تدخّل أطراف أخرى في النزاع، لا سيما بعد محاولة وساطة قامت بها الولايات المتحدة، بناء على طلب مصر، وانتهت في فبراير إلى الفشل. واتّهمت أديس أبابا في حينه واشنطن بالتحيّز للقاهرة.
وتشدد مصر والسودان أيضاً على “ضرورة التوصّل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقّع في عام 2015 ومبادئ القانون الدولي، على أن يضمن آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات”، لكنّ أديس أبابا ترفض هذا الأمر باعتبار أنّ السدّ ملك لها.
يشار إلى أن أديس أبابا كانت نفذت هذا العام المرحلة الأولى من ملء خزان السد، وذلك بهدف التوربينين الأولين، وهي خطوة حاسمة للبدء بإنتاج الطاقة.
العرب