تبيان الفساد لايحتاج إلى عصف ذهني

تبيان الفساد لايحتاج إلى عصف ذهني
محمد صديق
[email protected] البريد
(مابُني على باطل فهو باطل) أرتكز بها في حكمي على إنقلاب يونيو 89م، جماعة من العسكر حنثت بالقسم الذي قطعته على نفسها عند إنضمامها لشرف الجندية السودانية بإطاعة أوامر القيادة العليا والحفاظ على وحدة التراب السوداني، وبإشتراكها في التآمر مع حزب الجبهة القومية الإسلامية (الحزب الحربائي) الذي كان مشاركاً في آخرإنتخابات ديمقراطية حرة أفضت به إلى المركز الثالث، بوأد الديمقراطية والسطو على الحكم في ليل بهيم تمخض بعد إثنان وعشرون عاماً إلى إنشاء (مفوضية لمكافحة الفساد / تفعيل قانون الثراء الحرام)، ويقتضي منطق البطلان إعادة الحال إلى ما كانت عليه أصلاً.
أما إذا جارينا الإنقاذ في (خمها) بحكاية إنشاء مفوضية للفساد التي أعلن عنها الرئيس البشير بعد صلاة الجمعة قبل مايزيد عن الشهر ويزيد (حتى الآن لم يتم الإعلان عن تشكيلها)، (وتطلع لينا فوق الكفر) وزارة العدل بحكاية (تفعيل قانون الثراء الحرام “إبراء الذمة”) وإحياء لأطرافها (المستشار القانوني / النيابات/ القضاء العسكري / الفتاوى) وتبنيها جانب المواطن والوقوف معه في مكافحة الفساد والكسب غير المشروع وإسترداد الحقوق. هل ينحصر دور وزارة العدل فقط في الثراء الحرام ؟ أم أنه يشمل جميع جوانب الحياة السودانية ؟ سنفتح كتاب إنقلاب الإنقاذ لوزارة العدل لتتصفحه وتستخرج من بين ثنايا السطور حكمها :
(1)
البيان رقم (1) للعميد عمر حسن أحمد البشير يوم الجمعة 30 يونيو 1989م يتكون من (11) نقطة، بعد عقدين من الزمان فلتصدر حكمها فيه (صفحة ، صفحة ، سطر ، سطر ، نقطة ، نقطة).
(2)
إعدام (28) ضابطاً من القوات المسلحة في شهر رمضان المعظم (مقابل العيد) بتهمة تقويض النظام والإنقلاب على الشرعية، ألا يحق لغيرهم الوصول للسلطة بنفس المبررات التي سطو بها على الحكم؟ يجب نفض الغبار عن القضاء العسكري ليصدر حكمه على من تبقى على قيد الحياة من أعضاء إنقلاب 89م، ويداوي بالتي كانت هي الداء.
(3)
السياسات المالية المتبعة (وزارة المالية / بنك السودان / ديوان الضرائب / ديوان الزكاة) سياسة خبط عشواء إنتهازية، سادية، يهودية.
– (تغيير العملة) ذلة وإفقار لهذا الشعب الذي تعلموا على حسابه حتى تسلموا السلطة، تأخذ كل حلالك وتنتظر في صفوف طويلة تحت وهج الشمس (شيوخ ، نساء) حتى تسلمها لبنوكهم الأخطبوطية ويرجعوا لك مبلغ (5.000) جنيه بالقديم بينما جماعتهم لم يسلموا ولا قرش واحد للبنوك بل على العكس من ذلك تم صرف مدخرات الشعب عليهم ليتنعموا في مال السحت، هل تستطيع وزارة العدل أن تمد مظلتها لتطفي لهب الشمس داخل جوف هذا الشعب؟.
– إعدام (مجدي / جرجس) في المتاجرة بالعملة!! الم تتاجر الحكومة بنفسها في العملة وتضارب في الأسواق؟ وأطلقت يد العنان (لتماسيحها) في سوق النخاسة ليصبحوا من ذوي الجاه والسلطان. هل تستطيع وزارة العدل أن ترد الدين لأسر هؤلاء؟ وتعمل بمبدأ (من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).
– إحراق مبنى بنك السودان وطمس المعالم والمستندات. هل تستطيع وزارة العدل إعادة فتح ملف التحقيق والوصول إلى الأسباب والأهداف؟.
– سعر الصرف للجنيه مقابل الدولار الذي كان يومئذ مايعادل 12 جنيه بالقديم والآن مايقارب 3 جنيه بالجديد أي مايساوي 3000 جنيه بالقديم حسب سعرهم الرسمي (وأترك مايسمى بالسوق الموازي) والتخبط مابين الجنيه إلى الدينار ثم العودة إلى الجنيه ومع ذلك إنعكست عائدات تدفق النفط جنوباً لتخرس الألسن التي تهتف بإنجازات إستخراج النفط.
– تقديرات الضرائب الجزافية لفئات معينة حتى تفقر وجمع العوائد والعتب والأطيان ونقاط العبور في الطرقات وإطلاق موظفي الضرائب في الأسواق والمتاجر والبيوت للتهديد والوعيد والتعامل بأخلاق يمقتها ويتأفف منها هذا الشعب الكريم ذو القيم والمباديء الأصيلة.
– قبل عام 89م كان الشعب السوداني لايعرف عن شيء يقال له ديوان الزكاة غير التي تعلمها من دينه وأسلافه في كيفية إخراج الزكاة ومصارفها الشرعية ومبدأ التكافل والتراحم الفطري، حتى كان بعض التجار من ذوي المرؤة والشهامة والطوية السليمة يتكفلون بإعالة أسر ومدارس ومساجد وخلاوى دون بحث عن سمعة أو رياء، أيعقل أن تفقر الشعب وتذله في معاشه وعلاجه وتعليمه حتى تدعي وتتشدق بكلمة التكافل والتراحم.
(4)
هل تستطيع وزارة العدل أن تبدأ بنفسها وتستدعي وزراء العدل السابقين جميعهم والتحقيق معهم في أسباب عدم تفعيل العمل بقانون الثراء الحرام “إبراء الذمة”؟ الذي بدون أدنى شك قد أضاع حقوق كثيرة للشعب السوداني يصعب الحصول عليها عند العمل به في الوقت الحالي، ومحاكمتهم على ضياع الحقوق التي هم مؤتمنون عليها بحكم مناصبهم الدستورية، إذ لايستقيم الظل والعود أعوج.
(5)
إستدعاء وزير الكهرباء ووحدة تنفيذ السدود حالياً وسابقاً مدير وحدة تنفيذ السدود في قتلى سد الحامداب وكجبارومصادرة الأراضي الموروثة من الأسلاف بحجة الإستثمار الذي لم ينعكس في أي صورة من الصورعلى إنسان تلك المناطق ويجب أن يسأل وبصورة أكثر إلحاحاً من الذي فوضه ليعبث بمقدرات هذا البلد (في لقاء تلفزيوني) تحدث كيف أنه تعلم مسألة التدفقات النقدية (Cash Flow) في القروض المستلمة من سلطنة عمان ودول الخليج (تعلم الحجامة في ضهر اليتامى) هل عقمت حواء السودان من رجالات المالية والإقتصاد؟ (ياحليل الزمن الجميل الكان ناسه يفهموها وهي طايره).
(6)
حرب الجنوب ومآلات الإنفصال والأنفس التي أُزهقت والأموال التي صرفت حتى كانت النتيجة في المحصلة النهائية إنفصال الوطن (إتفاقية نيفاشا) وغنيمة الحركة الشعبية بالجنوب وعليه (كومين زيادة) جنوب كردفان والنيل الأزرق والحمل السفاح (أبيي) الذي ستتبرأ منه الإنقاذ في أول مساومة مقابل المحكمة الجنائية.
(7)
الحرب في دارفور و10000 قتيل حسب قول الرئيس البشير بلسانه غير إحصائيات المنظمات، الم يكرم المولى عز وجل الإنسان وحرم سفك دمه وخلق هذه الدنيا بكل مافيها من أجله، أيستطيع وزير العدل إعمال القصاص في المجرمين وخدمة مواطن دارفور وهم من عشيرته ؟.
(8)
هذا بجانب قتلى بورتسودان وعدم إستقلالية القضاء وتدهور الخدمة المدنية والمحسوبية والرشاوى وتراجع مكانة البلد في المحيط الإقليمي والدولي وإحتلال المراكز الأخيرة في الشفافية والحرية والمراكز الأولى في الفساد، ونشر ثقافة الأنانية والخداع والمباهاة بمظاهر الثراء والثروة دون النظر إلى مصادرها ليقتالوا هذا الشعب في أعز مايملك ويفاخر به في أخلاقه وقيمه وثوابته.
إذا كانت تستطيع وزارة العدل فعليها وإن لم !! فإن رجع صدى أفعالهم سيطرق أذاننا!! أو لتقرع الأجراس.
لله درك يامحمد صديق