
اذا افترضنا ان مسؤولا رفيع المستوى في الحكومة السودانية قام بعقد مؤتمر صحفي فى هذه الأيام واعلن عن تمكن الحكومة من الإيقاف التام لعمليات تهريب الذهب فان اغلب المتابعين سيعتبرون ان الامر لا يعدو عن ان يكون نكتة او انها مقدمة لقصة من نسج الخيال. وبالطبع هنالك الكثير ممن لهم معرفة بالبئر وغطاءها, لكن الدافع لكتابة هذا المقال ليس التهكم بل يتعدى ذلك الى تعريف المشكلة والمساهمة في التحليل واقتراح الحلول.
ان غلاء سعر الذهب يسهل على المهربين ان يستخدموا شبكات واسعة من المتعاونين وطرقا مختلفة للتعاون من اجل التهريب. واذا علمنا ان سعر شراء الكيلوجرام من الذهب يساوى 58 الف دولار فان المهرب لا تعوزه حيلة ولن يعدم وسيلة في إيجاد من يتعاون معه. وأول ما يتبادر الى الذهن ان الرشوة هي الوسيلة الاسهل, لكن هذا الافتراض يصعب اثباته.
لقد ورثت الحكومة الحالية في السودان تركة مرهقة من شبكات فساد النظام البائد تحتوى كل منها على مهربين ونافذين مؤثرين واقاربهم, ويضاف اليهم من نال ترقياته عن طريق ما عرف بسياسة التمكين وضعاف النفوس والساعين الى الثراء السهل الغاضين الطرف عن القيم والأخلاق. وفى كل فصيل من هؤلاء نجد نقاط ضعف مرافقة. وعلى سبيل المثال فان الذى يتحصل على منصبه عن طريق المحاباة هو شخص غير مؤهل في الأساس لتقلد المنصب. وبالتالي على كامل الاهبة لاداء المهام الموكلة اليه لكى لا يفقد منصبه.
فى كل شبكة تهريب يتم تقسيم الأدوار بدقة. فهنالك من يعد الخطط من وهنالك من يجهز مال الرشوة وهنالك من يقوم بالتسليم وهنالك الناقل وهنالك المتأهب للتدخل في حالة الانكشاف الوشيك للعملية. والرشوة سهلها الفقر والأجور الضعيفة, فاذا انفق المهرب ما قيمته راتب شهر لكل من اشترك في العملية فان المبلغ الكلى المنفق لا يشكل سوى نسبة قليلة جدا من قيمة الذهب المهرب.
ان العدالة هي احد أعمدة الثورة السودانية لكن المحزن انها ظلت تعطل باستمرار. وفى عمليات تهريب الذهب فان العدالة اصبحت شبه معدومة، فسهل ذلك تهريب منظم للمعدن وبكميات كبيرة. وعلى الرغم من تداول وسائل الاعلام لانشطة التهريب الا ان الامر لم يستتبع بملاحقات وتقصى للحقائق وعدالة ناجزة وسد للتغرات. ولم يقتصر تقاعس الجهاز العدلى على جرائم التهريب وحدها بل تخطاها ليشمل جريمة فض الاعتصام وجرائم قتل واختطاف وتعذيب واختفاء الثوار وغيرها من الجرائم التي كان الثوار يأملون ان يحاكم مرتكبيها في ظل حكومة هي حكومتهم حسب المنطق الصحيح. ويحدث كل هذا ولكأن تواطؤا قد تم بين عدد من الشبكات على تعطيل سير العدالة.
ليس الترغيب وحده انما الترهيب اصبح يستخدم كاداة لحشد المساعدة للمهربين. ومن يركب راسه يتم تهديده, ومن يرضخ للتهديد يعلم سلفا انه غير مسنود. والضعيف اما ان يتعاون او يصمت. والخلاصة هى ان استغلال النفوذ لهو أسوأ ضلع في جرائم الفساد ومنها جريمة التهريب.
ان المهرب يلجأ لهذا العمل المدمر للاقتصاد لانه لا يريد الإيفاء بالتزاماته الضريبية والمجتمعية. عونا على ذلك فان مهمة الوزرات المختصة ان تراقب حركة أموال المهربين وتدقق في مصدرها وكيفية استثمارها, وهل يستخدم المال في استيراد سلع, وماذا يستورد؟ والتجربة اكدت ان الغالب الاعم من السلع المستوردة هى سلعا لا تدفع عجلة الإنتاج, انما تساهم في تعطيله وبعضها بضائع منتهية الصلاحية.
ان تطهير الأجهزة العدلية والشرطية والإدارية من المفسدين من فلول النظام السابق وغيرهم تعد مقدمة جيدة في سبيل تمكين الحكومة من تفكيك شبكات التهريب وتقديم المجرمين للعدالة. وان هذه الخطوة لابد لها بان تستتبع بإصلاح قانونى وادارى شامل.
من امن العقوبة اساء الادب
لم نستخدم الشرعية الثورية فى ذبح من يستحق الذبح بل نحاكمهم بتهمة تدبير انقلاب يونيو الاسود هل هى تهمة يا ناس ام واقع مر نتجرع حنظله حتى هذه اللحظة وربما الاجيال القادمة اذا استمرت المعاملة الخجولة والافلات من العقاب نحن نعرف من خطط لها ومن نفذها فماذا تريد المحكمة ان تثبت؟؟؟.
لا هيبة للدولة ولا حرص على الوطن والمواطن يا اخى دون لف او دوران عدل القانون الخاص بجريمة التهريب لتصل الى الاعدام لكل من يشارك فيها على الاقل فى هذا الظرف الحرج .
ولن اتحدث عن الشرق فذاك هوان آخر
هناك فرق بين الديمقراطية والضعف
لك الله ايها الوطن