البشير والدعوة الى الحريق .. في المكان والزمان الخطأ..!ا

البشير والدعوة الى الحريق .. في المكان والزمان الخطأ..!
الطيب الزين

منذ ان وصلت الانقاذ الى السلطة عبر الخيانة والتآمر والإنقلاب على الديمقراطية، غابت الحرية والحيوية، غابت صورة الشعب السوداني الاصيل، صورة المبدعين والمثقفين، وحلت محلهما، صورة التهريج والفوضى، في المشهد السياسي والثقافي والاعلامي، صورة النظام الشمولي ومظاهره، من جنود مدججون بالسلاح ينتشرون في الطرقات والجسور، ومداخل المدن والأحياء، صورة الدبابات والدبابيين، والسجن، والقيد، والسوط، وبيوت الاشباح، صورة جنرال هزيل، متواضع فكراً، وثقافة، وقيماً، واخلاقاً، جنرال لا يجيد سوى المسك بأحد طرفي عصاه تقليداً لسابقه جعفر نميري فكراً وسلوكاً، مبشراً بثقافة الجهل والتخلف والتجهيل، سعياً منه لتجميد حركة العقل والفكر والتفكير، عبر مخاطبته للعواطف والغزائر، املاً منه ان يصبح الشعب ومبدعيه ومثقفيه صورة منه ومن ونظامه القميء، ومن أجل هذا الهدف الكاذب، ظل عشرون عاماً وأكثر، يملأ الفضاء عبر وسائل الاعلام بالكذب والنفاق والدجل ولغة الحقد والتخدير، حاثاً الشعب والشباب لتلبية دعوة الحرب والجهاد، لمحاربة المتمردين الكفرة في الجنوب، والخونة في دارفور، لذلك فتح معسكرات التدريب، فارضاً على الشباب والطلاب، عبر قوانين سَنها هو ان يصطفوا في طوابير انتظاراً لناقلات الجنود، لتنقلهم الى حيث يتم تعبئتهم وتدجينهم، ومن هناك يتم الدفع بهم الى ساحات الجهاد وحقول الألغام، من إجل القضاء على التمرد في وسط غابات الموز والأنانس والمانجو، وجبل مرة وصحاري دارفور، مما جعل الغابات تبكي الماً وحسرة على أبناءها، الذين سقطوا في احراشها، وقبله تبكي من مصيرها وخيبة رجاءها، حيث كانت تنتظر الأهتمام والرعاية والتطوير لتعود بالخير والنماء على رعاتها، لكن ما حيلتها والبلد يسيطر عليها جنرال فاسد، ومن حوله بطانة أفسد، لا تجيد سوى، كلمة حاضر “سعادتك” .. وسعادتك هذا، لا يعرف سوى، إطلاق الشعارات الزائفة، والوعود الكاذبة، والرقص على أشلاء الضحايا، وأنين الجرحى والثكالى والآرامل، في بلد طالما فاحت منه رائحة الحرب والحرائق، وتضور فيها الملايين من الفقر والجوع والفاقة.
في الأمس القريب، وفي المجلد بالتحديد، تفوه المشير، بكلمات فيها إصرار على التشبث بالحرب والدمار والخراب، مرة أخرى، ليس لأنه جسور يقرن أقواله بأفعاله، ومن ثم ينزع جلبابه ويلبس الكاكي كما قال، مفارقاً القصر الجمهوري، متجهاً الى الى ابيي ليسكن في راكوبة أو تحت شجرة، يتوسد الارض ويلتحف السماء، في الصفوف الأمامية لفرسان المسيرية في ساحات الوغى من إجل الدفاع عن أبيي وأهلها، وإنما تفوهه هذا، لا يعدو كونه، دفع بهم، الى أتون، حرب جديدة، ستقضي على الأخضر واليابس، غيرمكترث، بالنتائج الكارثية على المسيرية وشبابهم، في الحاضر والمستقبل، الذين قدموا حتى الآن الكثير من الضحايا وشلالات من الدماء، منذ الأيام الاولى لتوقيع إتفاق نيفاشا، مادام نظام حكمه باقي في السلطة في الخرطوم، يبيع الناس الأوهام ليل نهارا، لذلك يجدد وعده لهذا الشعب الذي عانى كثيراً، بمزيداً من الحريق ، إعتقاداً منه أن البحث عن النصر هو وحده الذي يحقق الامن والاستقرار ويصوغ التقدم .. لذا نقول ان منطق الحياة ليس كذلك أنه كثيراً ما يعوق هذا التقدم ويحطمه. أن البحث عن الإنتصار على الطبيعة هو الذي قد يصوغ التقدم ويحقق الإستقرار الذي ينشده أهلنا المسيرية في المجلد، وسكان أبيي، بل وكل سكان السودان، وليس الإنتصار على الأنداد والآخر، فهذا هو الدمار والخراب بعينه، إنها عبقرية الدكتاتور الكبرى التي تجعله دوماً يبحث عن الإنتصار على الناس وظروفهم وتطلعاتهم، لا على الطبيعة وتحدياتها، حتى لو في المكان والزمان الخطأ..!
الطيب الزين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..