مقالات سياسية

البحث عن سياح

يمكن للسودان أن يصبح بلداً سياحياً من الدرجة الأولى لو أولت الحكومة القطاع السياحي اهتمامها، ولوفرت الحكومة للسودان موارد مالية ضخمة ووظائف كثيرة للمواطنين ولاحتفظت بصورة السودان الجميلة، فالسودان يملك مناطق كثيرة ذات طبيعة نادرة إضافة لإرثه التاريخي، كما أنه بلد ثر بالتراث والأنشطة السياحية وفرص ابتكارها، ولكن القطاع السياحي واجه نفس الإهمال الذي واجهته كل القطاعات الأخرى حتى إن وزارة السياحة والآثار أصبحت مجرد اسم على غير مسمى لا نسمع عنها إلا في مناسبات نادرة طموحها لا يتعدى حدود نفسها.
وزارة السياحة والآثار والحياة البرية وهذا اسمها الكامل، قدمت أمام البرلمان تقريرها للعام 2015، ملخص التقرير يقول: إن عدد السياح بلغ 741 ألف سائح بزيادة بلغت 7.7%من العام 2014 ، وزيادة في الإيرادات بلغت 8.1 % حدث هذا نتيجة لزيادة القدوم السياحي وذلك للظروف الأمنية التي شهدتها شمال أفريقيا والشرق الأوسط إضافة للعمليات الترويجية بالخارج والتي قامت بها الوزارة طبعاً، كما أن خطة وزارة السياحة تستهدف رفع عدد السياح إلى 5 مليون بحلول العام 2020 أي مضاعفته 4 مرات وزيادة، وفي هذا الإطار وقعت اتفاقية مع الصين لتسهيل إجراءات القدوم السياحي الصيني إلى السودان، لأن الصين تعتبر أكبر بلد في العالم مصدر للسياح.
تقرير وزارة السياحة لا يقل بؤساً عن بقية التقارير التي قدمتها كل الوزارات الأخرى دون استثناء، ويكشف مدى السطحية التي تتعامل بها الحكومة مع القطاعات الاقتصادية عموماً، وواضح أن كل وزير يأتي بتقريره وفي باله أن يفوز بصفقة مدوية من أعضاء البرلمان لتنتهي الحكاية ثم يختفي هو ولا يظهر إلا في العام القادم في موسم التقارير، ولا أدري لماذا دائماً يعكس الوزراء ما يعتقدون أنها أشياء جيدة ولا يتحدثون عن المشاكل الحقيقية التي تواجه وزاراتهم فكلهم يتجملون أمام البرلمان مع أنه أقبح من كل الوزارات.
الرقم الذي قاله السيد الوزير رغم ضعفه لا أظن أنه حقيقة، فالسياحة تعتمد على الأمن أولاً وأخبار السودان في الإعلام العالمي حدث ولا حرج، وكذلك أخبار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعادة السياح يعتمدون على هذه الأخبار حتى وأن كانت ترويجاً، فهم لديهم قدرة على قراءة الواقع .
كان يجدر بوزير السياحة أن يكون واضحاً ويتحدث بشفافية فإن لم تتغيَّر الصورة الحالية للسودان لن يزوره أحد، كما أن السياح لا يبحث عنهم في الصين أو غيرها، بل يتم جذبهم بعوامل كثيرة منها الأمن وبيئة السياحة وبنيتها التحتية، فالسائح عادة يريد أن يستمتع برحلته وإضافة إلى الأمان يحتاج إلى الراحة وسهولة الخدمات وحرية التحرك، ويحتاج أن يرى نشاطات سياحية مختلفة، فالسياحة ليست مشاهدة أماكن فقط فقد أصبحت صناعة، فهل أخبر وزير السياحة برلمانه إلى أي مدى وصلت حكومته بهذا القطاع؟ وما هو الثمن الحقيقي لإصلاحه ؟ وهل أخبرهم كيف صنعت الصين قطاع سياحي عظيم من العدم؟ .
الحكومة لن تخلق قطاع سياحي فاعل في ظل وضع اللا دولة الذي يعيشه السودان وعدم رغبتها الحقيقية في التغيير، والصين مهما صدرت لها من سياح باتفاقيات (الفبركة) هذه لن تغيِّر من الحقيقة شيئاً، فالسياحة مغريات حقيقية تتحدث عن نفسها.

التيار

تعليق واحد

  1. من هو وزير الآثار والسياحة ان كل عمله الآن هو ان يجد فرصة ليفجر المواقع الاثريه كما فعلت طالبان فى آثار بوذا الافغانيه

  2. من هو وزير الآثار والسياحة ان كل عمله الآن هو ان يجد فرصة ليفجر المواقع الاثريه كما فعلت طالبان فى آثار بوذا الافغانيه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..