الفرار من الموت الى الموت

التسلط الماثل في هذي البلاد يقود العباد زمراً زمراً الى الجحيم والجحيم الماثل بالبلاد وقوده ساس والفساد ومايسومون الناس من عسف وتجبر هو ما يخرجهم جميعاً زرافاتاً ووحدانا من دورهم مع (النباه) راكضين في مضمار القوت ولا شيء سواه، والجحيم هذا تنتجه الإنقاذ وتنفخ نيرانه خزنتها ممن يبيعون كل عزيز في سبيل مصالحهم كل شيء..كل شيء ..قابل للبيع داخل (ملجة) الانقاذ … الذمة، الضمير، الأرض، العرض (وكل شيء لله)؛ وفق قاموسهم الميكيافيلي تجده مجلوباً للسوق، وجحيمهم هذا (ودا الولد للسوق) في وقت يجلس فيه اقرانه من ابناء خزنة النيران بمقاعد قاعات الدراسة (5) نجوم المكندشة ذات الرسوم الدراسية التي تعترض احلام الغبش كما الرسالة الالكترونية (لا يمكن الوصول اليها)، و جحيم الطغاة هذا ما يخرج السودانيات العفيفات الى الطرقات ليمتهن بيع الشاي؛ وهن يرفضن في إباء تجارة اهل الانقاذ وفقهم المجوز كل شيء بعد ان رفضن بيع اي عزيز؛ لا ترى الطغمة فيه عزة، هو ذا ما اخرج آلاف النسوة الى الطرقات يطلبن من الرزق حلاله، وهن يواجهن شبح الطلاق للغيبة وعدم الانفاق، وهو ما يخرج من الصبايا المليحات كل يوم مثنى وثلاث غير آبهات بتخصصاتهن في الطب والهندسة الى حيث داعش والتنظيمات التى تغريهن بالعرس وحسبهن منه الستر ولايضيرهن ان كان عرساً للشهيد أو عشا تتهدده الغارات المناوئة، فقط يعنيهن من الأمر (ضل راجل) خارج الجحيم هذا في سياق (ولا ضلل حيطة)، وهو ما هن فيه من لظى يذوي عودهن المياس بعد أن عز العرس بالداخل وتحول الى سابعة المستحيلات بفضل هذا الفساد الذي طغى في البلاد، الجحيم هذا ما يدفع المواطنين يفرون من الموت الى الموت، وهم يركبون البحر بكل مخاطره ومجازفاته هروباً إلى اي وضع اخر مؤمنون تماماً بانه أفضل حالاً من جحيم الانقاذ، فإن عبروا فهو الفوز العظيم، وان اخفقوا فهي شهادة في سبيل الله تعدهم بجنة عرضها السماوات والارض، والخيار الاخير يعود بنا الى طرفة الفكهاني بحي العمارات الراقي بالخرطوم وقتها حيث كانت كل فاكهة الله في الارض حاضرة وترد سوق العمارات والأسواق الشبيهة في رقيها وهي حكراً لعملائها من أهل الانقاذ والتماسيح (المُكان) ذوي الفِقَر، وبينما السوق في انتعاشه إذا بمتسول يقف أمام الفكهاني بيد ممدودة وجيوب مقدودة، فناوله الفكهاني (الفيها النصيب)، من نقود إلا أن المتسول رفضها، مشيراً الى الفاكهة؛ فناوله موزتين فرفضها كذلك، فقال له: (داير شنو طيب ؟)، فأشار الى التفاح، وكان وقتها في قمة عزته وتألقه، وهو آتٍ من لبنان (التفاح طبعاً وليس الفكهاني)، وهنا قال له الفكهاني: عايز تفاحة !..دي بتلقاها بعد تخش الدفاع الشعبي، وتمشى الجهاد في الجنوب، وتموت شهيد بتلقاها في الجنة.
والجحيم هذا يخرج (13) سودانياً الى الصحراء الليبية في طريقهم الى اراضيها بحثاً عن حياة لا محالة، مفضية بهم الى هلاك لولا قوات من الجيش والشرطة ارسلتها العناية الالهية الى حيث ما كان “بمثابة مقبرة” لا تحمل شاهداً يدل على من فروا من الموت الى الموت، ومعروف عن الصحراء بالحدود السودانية الليبية قحطها وجدبها الذي يقتل البذرة في مهدها بباطن الأرض.
وجحيمنا هذا ليس ببعيد عن الصحراء في جدبه وقحطه، بل الموت بالصحراء أشرف من موت هنا بين ظهراني نيلين عجزاً عن ترطيب جوف الخرطوم الصائمة عن كل شيء لا عن الماء وحده ، بيد أن الصحراء تملك من القحط ما يبرر عطشها، ما الذي لا يخرج الناس إذن سوى الفرار من الموت الى موت مجهول!، وهل في الأرض كلها أبلغ مما ارتضيناها من خيارات لا تحمل بين كفتيها سوى شق واحد هو “الفرار من الموت الى الموت”، وهل بامكان المثل الشائع التعبير عن حالنا (كالمستجير من الرمضاء بالنار)!، وهل هم بشر من يعجلون على الناس بعذاب الويل ولظى الجحيم، وكل ما ورد بالكتب السماوية من عذاب اليوم الآخر، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..