
في نهاية سبعينيات القرن الماضي وبحكم عمل الوالد كنا نقيم في مدينة الرهد (أبودكنة) وكان قبل إلتحاقي بالمدرسة وكانت والدتي رحمها الله تأخدني معها وصويحباتها في الحي لدروس دينية كان يقدمها للنساء شيخ جليل أزهري لا انسى صوته الجهوري كان إسمه العالم (تكرور أو دكرور) وكنا نحن الأطفال الذين يأتون مع والداتهم نحبه وكان يستقبلنا بحفاوة وكان يوزع علينا الحلوى ولم يكن وارداً إطلاقاً أن يأخذ العالم أجراً عن هذا الجهد . وكان يعمل معلم تربية إسلامية في المدرسة وكان يقدم دروساً للرجال في المسجد الكبير بالسوق . رحم الله الشيخ إن كان توفاه الله وإن كان حياً وإنقطعت صلتي بهذه المدينة العظيمة
وكنت أرى ان الشيخ عالم دين حقيقي وشخصية عظيمة فكنا وكما نحترم الطبيب والقاضي وضابط الشرطة في المدينة كنا نحترمه فكانت هيبته محفوظة ومكانته لا ينازعه عليها أحد
لكن هذا الزمان قد ولى وتغير السودان وظهر جيل من الدعاة الجدد مختلفين كليا في كل شي وبعض منهم لم يكن خريج دراسات شرعية دينية ونجحوا في إقناع الناس ليس بسبب تبحرهم في العلم أو في الدين وإنما بسبب أناقتهم وطريقة كلامهم اللبغ . ويأخذونا ملايين الجنيهات من دروسهم في القنوات وأصبحت شركات الدعاية تتسابق في رعايتها لمثل هذه البرامج وكان الأجر يحدد على حسب الشركات الراعية .
وإغتنى الكثير منهم وأثروا ثراءا فاحشاً وشيخ عبد الحي يوسف واحد من هؤلاء إمتلك قنوات فضائية ويدفع للقمر الصناعي في اليوم ألاف الدولارات
السؤال من أين لعبد الحي هذه الأموال الضخمة وهو لا يعمل غير داعية في المسجد او قل أستاذ في الجامعة بكل تأكيد هنالك جهات حكومية او أهلية تقوم بتمويله لأجل مهمة عظيمة لها
فماهي هذه المهمة العظيمة؟ المهمة ببساطة كانت تشويش الوعي للناس وأن سبب الأزمة إما ابتلاء من الله يجب عليه أن يتحمله بلا تذمر أو اعتراض، وإما عقاب إلهى هو يستحقه على ذنوب ارتكبها
وكان عبد الحي في كثير من الاحيان يعفى النظام السياسى ورئيسه من أى مسئولية عن أفعاله وإن الاسلام في خطر وان الدين هو الحل لمشاكل الأمة وشغل الناس بقشور الدين وترك جوهر الدين الحرية والعدالة . وأثرى من هذه المهمة المقدسة وبنى العمائر وتزوج ثلاث ورباع نحن نتمنى للناس جميعا، طبعا، أن ينعموا بالثراء ومتعة الحياة لكنه كان أحد (الشيوخ) يحدثونا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عاش فقيرا ومات فقيرا، وبالفعل التاريخ الإسلامى يدلنا على أن الدعوة الى الله لم تكن قط وسيلة لصناعة الثروات..
هنا المعنى الحقيقي للانفصال بين العقيدة والسلوك وأصبح حالة مرضية منتشرة في السودان تجدها عند الكثيرين معظمهم مسلمون يمارسون عباداتهم بكل إتقان لكنهم يقتصرونها على المظهر كاللحى وعلامة الصلاة وفي العبادة صوم الأيام البيض وصلاة الفجر في جماعة دون الأخذ في الإعتبار السلوك والمعاملات حتى وصلت الدولة الى الحضيض في جميع المجالات ومعظم هؤلاء العلماء القدوة من الشيوخ والمتديين من القراءة السلفية التي تجعل الناس أكثر قبولاً للظلم والإستبداد .
وان نجاح الثورة ليس من مصلحة شيخ عبد الحي يوسف وامثاله من المنتفعين لان نجاح الثورة يعني المحاسبة على المال الذي امتلكه وعن العمائر التي بناءها وعن القنوات التي اسسها وعن الفتاوي التي افتاها واباحت قتل الناس في الاعتصام وفرح بمقتلهم . ونجاح الثورة يعني قفل (البلف) بالضبة والمفتاح إذاً اصبحت مسألة حياة او موت وشيخ عبد الحي يعتبر من اعدّ اعداء الثورة وسيعمل على محاربتها ولجأ لامر خطير ورمى بآخر اوراقه وهو خلق الفوضى مثل تكفير الثورة ووزراء الثورة واليوم قام بتكفير وزيرة الشباب والرياضة من على منبر مسجده
على الدولة ان لا تتهاون مع عبد الحي يوسف وغيره في ردعه ومحاسبته على تكفيره للناس بدون وجه حق مستغلا منبرا مقدسا يهدر فيه دم الآخرين بهذه السهولة لمجرد الاختلاف معهم في الرأي وإلا إستعدوا للفوضى
ياسر عبد الكريم
(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
[سورة البروج 8]
كتابتك تدل على جهل عظيم حتى بقواعد اللغة.. وجهل أعظم بالدين والحديث عن الحرية. أما عن ثراء عبد الحي اوغيره من الدعاة فلا يدخل في كونه يتحدث بنصوص واضحه من القرآن والسنة فإذا كان لك أو لغيرك أو حتى لي أنا إعتراض على ما يقول فليكن النقاش موضوعيا وهادفا.. لأننا والله قد سئمنا من كتابات امثالك المثيره للغثيان.. والله المستعان