اتساع محنة النخبة السودانية !

اتساع محنة النخبة السودانية !
من صحائف فتحي الضو.. الى صفحة واقعنا الحالي!
محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]
ربما اللقاءات الصحفية وغيرها في حياة الناس الذين يتعاطون الشأن العام ، وما نقصده حصريا هنا السياسة دون غيرها من ضروب الشهرة والأضواء الأخرى اذ ليس المقام يتسع لمقالها هنا .
قد تمثل للغالبية منهم مجرد فرصة لبذر تمنياتهم و معها شعارات يشتتونها جزافا في مشارب طموحهم الى لفت الأنظار وليست أفكارا وثوابت تؤطر معالم نهجهم السياسي المحدد ، وهو ما يفتقر اليه أكثرية الساسة الذين يمتطون متون الأحزاب التقليدية عندنا ويستظلون بسند زعمائها دون أن يبحثوا حتى في دواخل ذواتهم عن برنامج معين قد لاتجد له أثرا لافتا في خطة الحزب كدستور تستطيع القواعد أن تبني عليه ارتباطا عقلانيا ، ينأى بها عن عاطفة الولاء التقليدي المرتبط بالبيوتات وأقطاب الطوائف في حدود شخوصهم وقدسيتها !
وعلى الجانب الآخر من الصورة فان الأحزاب التي قامت على ايدلوجيات عقائدية ، تفاوتت من أقصي اليسار في ريديكاليته الحمراء الى أقصى اليمين في ثيوقراطيته السياسية ، فانها هي الأخرى باتت على مدى تأرجح استقرارالسودان ومنذ الاستقلال تتلون وفق براجماتية تبرير الوسائل لبلوغ الغايات ان جاز لي التعبير !
ولكن ما يجمع بين تلك النخب أنها كثيرا ما تسبح بين الفترة والأخرى في خطابها سواء عبر اللقاءات المسموعة أو المقروءة في اتجاهات متناقضة وتتجاذبها تيارات ليست منسجمة في مجرى واحد ، ولعلها قد تجد هي قبل غيرها معالم ذلك التبدل الذي لا توجد له الدوافع الكافية حتى مع فرضية تحول المراحل ، اذ ما رجعت لما قالته بالأمس و قارنته بما تنطق به اليوم !
في كتاب الزميل والأستاذ الكبير فتحي الضو
( محنة النخبة السودانية )
الذي صدر في اوائل التسعينيات مستعرضا مقابلات صحفية غطت الفترة من 1985 أى بعد انتفاضة ابريل والى ما بعد قيام انقلاب الجبهة الاسلامية العسكري بثلاث سنوات تقريبا !
لعل الكاتب بذكاء المستشرف لمستقبل المنزلقات التي كانت تقف عليها أرجل الوطن ، قد نصب فخاخا للتوثيق نسج خيوطها أبطالها باياديهم وبصموا على صفحاتها بالسنتهم ،و كلهم أو جلهم كانوا من النخب التي تقود دفة الأحداث وقتها ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر !
ولعل أستقرأ أفكار وأراء اولئك النخب قبل عشرين عاما والتي طرحوها على بساط فتحي وقتها ، اما وهم في موقع المسئؤلية المباشر وأما من الظل ومقارنتها بما يقولونه من مواقعهم الحالية ، كحكام أو معارضين ، يعكس حقيقة محنة نخبنا السياسية ، التي يكون لكل مقام هي فيه مقال ، تنقصه ثوابت المبدأ الوطني ، بقدرما يتلون ويتمطى وينكمش تبعا للمزاجية المصلحية المستخفة للعقل الجمعي ، وهذا ما جعل الأنا ..الضيقة دائما ولو كانت في بوتقة كيان ما ، تتغلب سريعا ودون تدرج منطقي على نحن ..الأوسع !
مما عصف بتماسك البنية والشكل العام لاطار العمل الوطني وأصبح مخلخلا وضعيفا فسقطت بالتالي صورة الوطن بين أرجل المصالح الذاتية السالبة التقاذف والقصيرة النظر والطائشة الأهداف ، ومشت عليها في تبادل الأدوار وحطمتها تلك الثنائية التي مس عليها فتحي بايجاز معبر ..
وهي الديكتاتورية وفشل الديمقراطيات ، انقلاب ومن بعده انتفاضة ، طائفية و أفساد الحياة السياسية ، عدم تنمية يقابله تخلف أضف اليها لاحقا وبعد صدور الكتاب طبعا حروبا تنتهي بانفصال أو تصالح منقوص !
الى آخر تلك المنظومة التي باتت حملا ربما يتحمله الشعب الذي يصبر على العسكر الى ما لانهاية ويهمل الديمقراطية دون أن يصبر عليها ولو لمدة قصيرة ، مثلما قال الكاتب في سفره الذي رمى بحجر مبكر في ركود برك التأمل بعمق في تلك المحنة التى تكمل بقية مأساتها في كل مرة نخب الأشرار على كثرتهم وهم يتغولون على حرص القلة من الأخيار ، ولكّن القاسم المشترك بين الجميع انهم مصابون حسب وصف الكاتب بميليودراما النسيان !
وذلك تعبير ايضا ملكيته الفكرية تنسب للصحفي النابه فتحي الضو ، لله دره من كاتب ، وكم يستحق كتابه أن يتصدر مكتبة كل معتبر يجمع بين اصابعه خيوط الماضي ليعقدها مع خيوط الحاضر ، علنا نخرج بنسيج نرى من خلال ثقوبه ولو بصيص حكمة يقودنا الى مستقبل مشرق ، نرمي وراءها المحن ونتجاوز أصحابها من قبيل لكل زمان دول ورجال ..
والله المستعان..
وهو من وراء القصد..
دوما رائع روعة بلادى يا برقاوى. لله درك
دائما ما يطاردني سؤال لماذا ارتمت الانتليجنيسيا في احضان الطائفية؟؟؟
ولماذا دائما حكوماتنا همها هم ذاتي وليس الوطن فالى متى الى متى نحن في ذيل القائمة ونحن وطن بمقومات قارة. لك ولفتحي الضوء ولمولانا سيف الدولة ولكل الحادبين لمصلحة الوطن خالص التقدير لتبصيرنا وتشخيص لما نحن فيه,