إفتتاح سجن.. والعسكر طلقاء..!

عثمان شبونة
* لا أتذكر أنني قرأت عن إفتتاح سجن والترويج له عبر الأخبار بمظهر مهرجاني.. وهاهي الحكومة الإنتقالية في السودان تجعل الأمر متاحاً بتشييد سجن يستوعب 3600 نزيل بمنطقة سوبا والإحتفال به في الأسبوع الماضي.
* قد نعدُّ إفتتاح سجن أحد المنجزات باستصحاب العبارة المعروفة: (السجن إصلاح وتهذيب)؛ لكنه بالتأكيد منجز لا يدعو للفرح أو التصفيق؛ فالشعب لا يحتاج للسجون الجديدة قبل حاجته للمقاصل والعدالة الناجزة التي تجز رؤوس القتلة (القائمين على أمر البلاد اليوم والذين خلعتهم ثورة ديسمبر).
* حشد وصور و(قص شريط ملون) ودعاية ثقيلة للحكومة الإنتقالية الفاشلة في إفتتاح السجن المذكور.. وقد يبدو الأمر عادياً للبعض.. لكنه عندي يشبه تعبير (المُضحكات المُبكيات) إلى حدٍ ما.. فالبلاد (الجنازة) المهلهلة في جميع النواحي لا تجد حكومتها حرجاً بترويج هذا (البؤس)! وليته كان سجناً لإعدام السفاحين من عسكر وجنجويد وكيزان أبادوا الأنفس؛ عطلوا الحياة وأظلموها؛ لنتحول إلى شعب أقصى غاياته أن يعيش فقط ثم يموت (موتاً طبيعياً).
* في هولندا أغلقوا عشرات السجون بدءاً من العام 2016م وما تلاه؛ بسبب الإنخفاض الهائل في أعداد المجرمين.. ومع بُعد المقارنة بين حالهم وحالنا إلا أنه وجب علينا التذكير بمقوماتنا الطبيعية التي نتفوق بها على تلك الدويلة الخضراء ومعظم دول العالم.. هذه المقومات ــ ببساطة ــ كان ينبغي أن تكون حافزنا للكدح والإنهماك في الإنتاج بدلاً عن الجرائم المُسببة بالمطامع وجائحة الفقر.. ليس الفقر وحده من يشل واقعنا؛ ففي أعلى قائمة المتهمين سلطاتنا (التي لا تحسن إدارة الشعب بمثلما لا تحسن إدارة منسوبيها) بل الأدهى في غالب الزمان أن الجالس على الكرسي (الأول ــ الثاني) معتاد إجرام (رسمي)! أما في غالب المكان فتصنع السُّلط المجرمين بفسادها وعتادها وعنادها الموجه ضد المواطن.
* في هذا المنحى تعجبني إشراقة لإحدى الأديبات العالميات؛ إذ تقول: (تستطيع أن تغلق جميع السجون يوم تستطيع أن تجد عملاً لكل إنسان).
* بالتأكيد يصعب إيجاد عمل للكل؛ إنما عبر الكل العريض تستطيع أن تجني خيراً بلا حدود بدلاً عن حصد الجرائم بوفرة؛ هذا لو كان تأهيل وتكريم وتعليم الإنسان في سلم أولوياتك (كمسؤول ــ حكومة).. لكن لأن تفكير العسكر منحط إلى الحد المخيف يهتمون دائماً بأمانهم أكثر من أمان الشعب؛ مهما غرقوا في المظاهر المخادعة.. وإفتتاح سجن بالنسبة لهم أفضل من إفتتاح مدرسة أو مستشفى.. هكذا فطرتهم.. فهم يعلمون أن فترة حكمهم توفر مناخاً وبيئة مثالية للجرائم أكثر من توفير مشاريع التنمية والسلام الإجتماعي.. إنهم العسكر وكفى.. يفتتحون السجن والقتلة منهم طلقاء.
أعوذ بالله
[email protected]
المواكب