لا جديد يذكر لدى ولد الشيخ لليمن يختلف به عن بنعمر

المبعوث الأممي يعود لصنعاء في مهمة شبه مستحيلة من اجل إعادة إطلاق الحوار، وذلك بعد نمو نزعة من التشدد في شروط الفرقاء للتفاوض.
ميدل ايست أونلاين
فرقة لا تنفع معها تدخلات خارجية
صنعاء ـ وصل إلى العاصمة اليمنية صنعاء الجمعة مبعوث امين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في ثاني زيارة له خلال نحو أسبوعين، بينما تؤكد الوقائع أن الدبلوماسي الموريتاني لا يملك أي نفوذ لجمع الفرقاء اليمنيين مرة جديدة وعلى طاولة مفاوضات واحدة، لا سيما وأن الخلاف بين الأطراف السياسية الرئيسية في اليمن قد نحى منحى اللاعودة بعد مرور أكثر من شهرين على الحرب التي يقودها تحالف عربي ضد المتمردين الشيعة الذين انقلبوا على الحكومة الشرعية وفرضوا سيطرتهم على الدولة اليمنية بدعم سخي من الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وقال مصدر مطلع إن زيارة ولد الشيخ أحمد إلى صنعاء تهدف إلى بحث مستجدات الأزمة اليمنية والالتقاء بالأطراف السياسية، في محاولة للتوصل لحلّ سياسي للأزمة التي وصلت للاحتراب في معظم المحافظات اليمنية.
وزار ولد الشيخ أحمد صنعاء للمرة الأولى 12 مايو/أيار، حيث بحث مع الأطراف اليمنية، الجلوس إلى مائدة الحوار، في محاولة للوصول إلى حلّ للأزمة في البلاد قبل أن يغادر في الـ14 من الشهر ذاته دون أن يعلن عن نتائج مباحثاته.
وتم تعيين ولد الشيخ أحمد مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن في ابريل/نيسان، خلفا للدبلوماسي المغربي جمال بنعمر الذي دفع في 6 أبريل/نيسان إلى الاستقالة من منصبه بعد أربع سنوات أشرف فيها على العملية السياسية الانتقالية في اليمن منذ عام 2011، ومني في ذلك بفشل ذريع، بل لعله أحد ابرز الاسباب التي أدت لانتكاسة الوضع اليمني عندما تغافل عن تجاوزات الحوثيين العديدة التي أوصلتهم في النهاية إلى قرار الزحف نحو صنعاء وتنفيذ انقلابهم العسكري الذي اوصل البلاد الى ما وصلت اليه من حرب ضروس وفرقة لن تنفع معها التدخلات الخارجية، ولو كانت من الأمم المتحدة كما يقول مراقبون.
ويشهد اليمن فوضى أمنية وسياسية، بعد سيطرة جماعة “أنصار الله” الشيعية (معروفة بالحوثي) على المحافظات الشمالية منه وفرض سلطة الأمر الواقع، مجبرة السلطات المعترف بها دوليا على المغادرة نحو عدن جنوبي البلاد، وممارسة السلطة لفترة وجيزة من هناك، قبل أن يزحف مقاتلو الجماعة على مدينة عدن وينجحون في السيطرة على أجزاء فيها من ضمنها القصر الرئاسي.
ويوم 21 أبريل/نيسان أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، انتهاء عملية “عاصفة الحزم” العسكرية التي بدأها يوم 26 مارس/آذار، وبدء عملية “إعادة الأمل” في اليوم التالي، التي قال إن من أهدافها شقا سياسيا يتعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، بجانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة من خلال غارات جوية.
ويقول محللون إن تطورات الوضع اليمني طيلة نحو ثلاثة اشهر أعقبت “عاصفة الحزم” التي شنها التحالف العربي بقيادة السعودية، قد تجعل مهمة المبعوث الأممي الجديد لإعادة اليمنيين الى طريق المفاوضات شبه مستحيلة، وذلك بعد ظهور نزعة من التشدد في موقفي الطرفين في فرض شروطهما للتفاوض.
وبينما يرفض الحوثيون أن تستضيف المملكة العربية السعودية اي جولة جديدة للمفاوضات، تصر السلطات اليمنية المعترف بها والتي تقيم حاليا في الرياض على انه لن يكون هناك تفاوض مع الحوثيين إلا اذا عدلوا عن انقلابهم وانسحبوا الى مواقعهم الأصلية.
وكان يفترض ان تجرى الخميس (28 أيار/مايو) مفاوضات السلام حول اليمن، كانت مقررة في جنيف برعاية الأمم المتحدة، لكنه تقرر تأجيلها مسبقا على ما أعلن مسؤول أممي الأحد.
وكان مقررا أن يبدأ هذا الاجتماع وسط غموض حول هوية المشاركين فيه، بينما أكد الرئيس منصور هادي في رسالة انسحاب الحوثيين شرطا للمشاركة في هذا الحوار.
ويبدو أن شرط هادي ليس السبب الوحيد لتأجيل المفاوضات الى اجل غير مسمى، وقد يكون لموقف السعودية إحدى ابرز الدول المتداخلة في المفاوضات اليمنية المصر على إجراء جلسات الحوار في الرياض، دورا بارزا في تأجيلها بل وربما تعليقها الى زمن طويل.
ويقول مراقبون إنه في مثل هذا الوضع لاشك أن ولد الشيخ سيكون عليه تذليل هذه الصعوبات في وقت يبدو فيه ذلك شبه مستحيل مع صعوبة التقريب بين شروط السلطة اليمنية الشرعية المدعومة من الرياض، وشروط الحوثيين المدعومين من طهران للحوار.
ورغم الحرب الشرسة التي يشنها عليهم التحالف العربي والتي تتواصل بشكل أو بآخر منذ إعلان التحالف العربي عن نهاية نحو شهر من “عاصفة الحزم”، ورغم الدمار الهائل الذي لحق بيتهم التحتية وقواتهم المسلحة، مايزال الحوثيون يرفضون الاستجابة لكل الدعوات التي تطالبهم بالعودة عن انقلابهم مدعومين في ذلك بموقف ايراني يحرضهم على الاستمرار في هذا الموقف خدمة لأجندتها السياسية الخاصة في اليمن وفي عموم المنطقة العربية.
وفي العاصمة صنعاء، فرق مسلحون يتبعون جماعة الحوثي بالقوة مظاهرة شعبية انطلقت من ساحة التغيير (من أمام بوابة جامعة صنعاء وسط المدينة) طالبت بتوفير الخدمات الأساسية من مشتقات نفطية وكهرباء، وتخفيض الأسعار.
وأفاد شهود عيان أن مسلحين حوثيين قاموا بتفريق المظاهرة التي شارك فيها المئات بالقوة ومنع تقدمها في خط سيرها وتهديد المتظاهرين بإشهار الأسلحة في وجوههم ومنعهم من التجمع لاستئناف المسيرة مرة أخرى.
وتكررت المظاهرات المناهضة لجماعة الحوثي في صنعاء ومدن يمنية أخرى في ظل تدهور اقتصادي وأمني غير مسبوق منذ سيطرة الحوثيين على السلطة بقوة السلاح في شهر سبتمبر/أيلول.