التالتة ثابتة

لا اعتقد اننا قد استفدنا من ثوراتنا الشعبية فى اكنوبر و ابريل الكثير او حققنا فيها مكاسب تذكر .فعلى الرغم من البطولات و الملاحم التى سطرها شعب السودان فى سنوات باكرة ضد الظلم و الاستبداد الا انه لم تكن النتائج على قدر التضحيات والامنيات فظللنا نقع فى ذات الحفرة و بنفس الطريقة . لتظل بلادنا و لعقودا طويلة مسرحا لنزوات العسكر.. نتيجة لضعفنا السياسى و خوائنا الفكرى و العديد من السوالب الاخرى التى اطلقنا لها عنان الخراب و على راسها الاحزاب الطائفية القابعة تحت عباءة الخرافة و الجهل و الفشل و هى نفس الاحزاب التى انستها صراعات الفساد و المصالح الذاتية ميثاق الشرف للدفاع عن الديمقراطية ضد اى انقلاب عسكرى . فالديمقراطية فى فهم تلك الاحزاب المعطوبة هى سلم الحكم فقط … لذا لم يكن من الغريب ان تفشل الديمقراطية فى بلادنا فى اكمال دورتها بنجاح لتحقق على الاقل احدى قيم الديمقراطية فى التبادل السلمى للسلطه فضعف الاحزاب الطائفية و فشلها السياسى هو من اهم اسباب اجهاض الديمقراطية و تغول المؤسسة العسكرية على السلطة بل ان العديد من الاحزاب السياسية و ما يسمى بالتاريخية هى من اقحمت و باركت فى السر و العلن تغول المؤسسة العكسرية على السلطة فكان من الطبيعى ان يكون مصير اكتوبر المجيدة و ماريل الحبيبة ادراج الرياح
ان الشعب السودانى الذى كان فى ما مضى مفجرا الثورات و معلم الشعوب هو ( ضحية ) لقيادات طائفية قاصرة و احزاب سياسية فاسده و تائهة اورثتنا مانحن فيه اليوم من ضياع و تمزق نتيجة جهلها و سوء تدبيرها و قصر فهمها للوطن و مصالحه و قضاياه الاساسية

لقد كان انقلاب 30 يونيو الاسود نتيجة طبيعية للتردى و الفشل السياسى الذى عاشه السودان منذ بواكير استقلاله فازمة السودان على الدوام كانت فى الشخص المناسب او القائد الحقيقى الذى يقوده فى الاتجاة الصحيح نحو بناء الدولة السودانية القومية الحديثة و الراشدة ديمقراطيا و مؤسسيا . و الاتجاه الصحيح الذى اقصد هو الاتجاه الذى كان من المفترض ان يجنب الوطن الكبير و المترامى الاطراف الغنى بثرواته و مناخاته و تعدد اعراقة كل تلك المزالق و المهالك التى جعلت السودان وطن مسلوب الهوية متناحر و مشحون بالاحقاد المشروعة و الكراهية
لقد كان السير روبرت هاو اخر حاكم بريطانى على السودان محقا عندما وصف السودان بانه وطن كبير ذو حيوية عظيمة اذا سار فى الاتجاه الصحيح و المنطقى الذى يتماشى مع طبيعته وامكانياته و تنوعه او سيكون عكس ذلك تماما اذا سار فى الانجاه الخاطئ
و قد كان ما حذر منه روبرت هاو و سلكنا سكة الضياع و الفشل ليكون السودان مسرحا للحروب الاهلية و الاعدامات السياسية و الصراعات القبلية و التردى الاقتصادى و كافة اشكال الفشل الاخرى ليتمزق الوطن اخر المطاف على ايدى عصابة من تجار الدين الفاسدين
و ما نزال نسير فى نفس الاتجاة الخاطئ و بسرعة مخيفة ايضا
و مازلنا لا نمتلك القوة و الشجاعة لمجابهة الفساد و الظلم و الاستبداد و نفتقر للوعى الكافى للانحياز للوطن فى قضاياه المصرية و ازماته المدمره
و الاخطر من ذلك كله اننا مازلنا مشتتين و نفتقد للعزيمة و الرؤية السليمة للتغيير و مستقبل الوطن .
لقد ضاعت اكتوبر و ابريل من ايدينا هباء و لم تغير فى واقع الحال شيئا ولم يتبقى لنا منها سوى الاغنيات الخالدة و حديث الذكريات .. لاننا لم نعرف ماذا نريد منها او ان هناك من يسرق ثوراتنا و انتفاضة شعبنا لمصلحته و يوجهها و يستغلها كيفما يشاء
لكننا اليوم يجب ان نكون قد ادركنا ماذا نريد من الدعوة للثورة و التغيير …..
نحتاج ان نثور ضد ذاتنا البغيضة اولا
نحتاج ان نؤمن بالسودان ارضا و شعبا
نحتاج ان نقرأ التاريخ جيدا و نستفيد من الدروس و العبر و نكف عن السقوط فى نفس الحفرة
محتاج ان نحرر شهادة وفاة لكل الاحزاب و القيادات الهرمه التى اوصلتنا الى ما نحن فيه اليوم من ضياع و فشل
نحتاج ان يتسلح الشباب بالارادة والوعى اللازم للتغيير و وضع اللبنة الحقيقية لبناء الدولة السودانية الديمقراطية الحديثة ،دولة المؤسسات و حقوق المواطنة و العدل فى التنمية و توزيع الثروات
نحتاج ان تجلس سويا على مائدة مستديرة غير تلك التى دعا لها الصادق المهدى و نتباحت و نتشاور و نجيب على السؤال الذى جعلنا دولة بلا دستور دائم منذ استقلالها .. كيف يحكم السودان ؟
نحتاج الى كل ذلك و اكثر لاصلاح ما افسده الدهر بايدى ساستنا الفاشلين لتكون ثورتنا القادمة هى ثورة التغيير الحقيقى و ميلاد السودان الجديد الذى نتمنى .. الثورة قادمة لا محالة و التغيير هو الحل .. فهل تكون التالتة ثابتة كما يقولون

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..