الحالة الإعلامية لغازي صلاح الدين: متصل الآن

رئيس حركة (الإصلاح الآن) (يغزو) وسائل الإعلام
الحالة الإعلامية لغازي صلاح الدين: متصل الآن

اعتادت الصحف التي تهم بمعانقة أعين القراء، على إصدار تكليفات خاصة لمنسوبيها بإعداد جملة من الحوارات مع أبرز اللاعبين في الساحة السياسية. وجرت العادة على تصنيف الحوارات إلى مستويات عدة، أعلاها مرتبة (الحوارات النوعية) التي تستهدف شخصيات تتحاشى الوسائل الإعلامية وذلك لاستنطاقها عن الراهن السياسي وعن أحداث ـ خلت- وساهمت فيها بنصيب وافر.
وكان رئيس حركة الإصلاح الآن د. غازي صلاح الدين العتباني حتى وقت قريب من جملة النوعيين الذين تستهدفهم الصحف، إذ اشتهر الرجل بندرة ظهوره في وسائل الإعلام، بيد أن تلك الخصيصة في طريقها للتبدل، فقد بات العتباني حضورًا دائمًا في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وما أكثر إطلالاته في الصحافة المكتوبة.
دالة حالة
في غضون الأيام العشرة الأخيرة، استبقى د. غازي حضرته بدءًا من فاتحة الأسبوع المنصرم (السبت) ضمن برنامج أحمد البلال الطيب (في الواجهة)، وفي اليوم الذي يليه (الأحد) أطلّ بجلبابه الأبيض وشاله الرابض على نحو دائم على كتفه الأيسر مع الذين تمت دعوتهم للقاء الرئيس البشير. ومن منصة الحدث أو مائدته المستديرة خاطب الطبيب جمهوره والشعب السوداني بروشتات يرى أن من شأنها إنقاذ الوطن من براثن (الإنقاذ).
ويوم الخميس الماضي جمع الصحفيين لمؤتمر علق خلاله على قرارات الرئيس البشير. وواصل العتباني الظهور يوم أول أمس (الجمعة)، وملأ الأجواء بـ (طلة إعلامية) انطلق فيها من منصة (هنا أم درمان) مخاطباً مستمعي برنامج (مؤتمر إذاعي)، ذلك قبل أن يعاود الإطلالة ثانية بالأمس مع البلال (في الواجهة).
وبُعيد تنقله وحزبه إلى (أم سيالة) بولاية شمال كردفان، أجرى العتباني حوارات لصالح (الصيحة) والزميلة (اليوم التالي)، وغزا الصحف بمقالات كان آخرها ما خص به صحيفتنا عن شاعر الشعب الراحل محجوب شريف تحت عنوان (رسائل وداع من خلف الكمّامة).
أما أخبار غازي (دار الهاتف) في حركة محمد نور سعد، فقد انتشرت وسودت الصحف طيلة الفترة الماضية، سواء أكانت تأييداً لمبدأ الحوار، أو إعمالاً لاشتراطات نجاحه، أو اعتراضًا على أي حالة نكوص عما تم التوافق عليه.
وعند النقطة الثالثة لا يخفي العتباني مخاوفه من شواهد أظهرتها السلطات وبموجبها تم منعهم من ممارسة (الحرية) التي أعلن الرئيس البشير إطلاقها لتشمل الجميع.
الظاهرة العتبانية
لمعرفة حجم النشاط العتباني، زُر صفحة (غازي صلاح الدين العتباني) على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وقتها سترى بأم عينيك ثوثيقاً لخطابات العتباني، وكتابات العتباني، والبيانات الصادرة عن حزب العتباني، والكلمات الوضيئة الخارجة من فم العتباني، مع ما تناولته الصحف إيجاباً عن العتباني).
ومن على ذات الصفحة أدار غازي أول مؤتمر صحفي تفاعلي، وفيه أجاب برحابة صدر على الموضوعي من أسئلة، وهنا تلزم الإشارة إلى أن مدير الصفحة كان قد حذّر قبيل المؤتمر الالكتروني من كون غازي سيقابل بالتجاهل التداخلات (التترية)، والعبارات (الهترية) والبذاءات المجافية للنوازع الأخلاقية.
بين الأمس واليوم
تشير سجلات غازي، لحادثة فريدة تأبّى فيها عن مقابلة الإعلام، واستعصم بمنزله، وذلك بُعيد عودته من منتجع (نيفاشا).
كذلك، يروي الصحافيون ـ فيما يشبه الأسطورة- عن تناهي حرص غازي حيال ما يرد باسمه في الصحافة، ويضيفون أنه لربما يصدر (تصحيحاً) بخصوص كلمة قالها وارتأى محرر صحفي أن يضعها بين قوسين، ما يخل بكامل المعنى عند الطبيب المعني أيما اعتناء بالألفاظ واللغة. وعلّه السبب في تفضيل الدكتور لكتابة رأيه في ما يهم القارئ بنفسه في شكل مقالات صحفية تحتفي الصحف بنشرها على سبيل الحصرية أو على سبيل النشر المشترك، لا فرق.
ولمعرفة كيف انقلب الحال أخيراً بغازي صلاح الدين المقتر في الحديث، ما عليك سوى النقر على اسمه في محرك البحث (قوقل) لتفاجأ وقتها بـ 1,840,000 كلمة مطابقة لاسمه. وعلاوة على ذلك فإن قيامك بزيارة أخرى لذاكرة الرسائل في هواتف الصحفيين تضعك أمام تنبيهات قادة (الإصلاح الآن) لمقالاته المنشورة على صفحته الرسمية ومن ثم في اليوم التالي يعاد نشرها في الصحف.
تفسيرات
وعن أسباب الحضور الكثيف لغازي في وسائل الإعلام، يفسر كاتب صحفي له عدة مقالات تحليلية لمواقف الدكتور ـ فضل حجب أسمه- ظهور غازي الكبير في الإعلام بأنه محاولة للعب دور إقليمي، فصّله في حديثه مع (الصيحة) بالقول: (ينشط غازي في خط موازٍ للشيخ حسن الترابي، ويلاحظ أن غازي أكثر تشددًا في مواقفه مع الحكومة، عكس الشيخ الترابي الذي بدأت تظهر مواقفه التنسيقية من لدن مؤتمر أم جرس إلى تصريحاته التي أذاعها في حواره الأخير مع قناة الجزيرة محسوباً لصالح بناء قاعدة جديدة يرمم من خلالها (الإسلام السياسي)، خصوصًا بعد تراجعه في تونس ومصر، وأخيرا تركياً. يلاحظ أن غازي يجتهد في أن يكون إسلامياً ليبرالياً منذ ورقته ذائعة الصيت (مآلات صعود الإسلاميين إلى السلطة) المقدمة في 2012، وفي كل الأحوال يحاول غازي أن يقدم نسخة جديدة من الإسلام السياسي الذي رفضه الشعب السوداني خلال ربع قرن. ونحى في تفسير الدور الإقليمي بقوله: (غازي ومنذ مفاصلته كان ضيفًا محترماً على دولة قطر التي ترعى جماعة الإخوان إقليمياً، لذلك يمكن القول إنه يتنفس برئة إخوانية إقليمية).
بدوره اعترض عضو حركة الإصلاح الآن، ومدير صفحة د. غازي في (فيسبوك)، محمود الجمل؛ على التأويلات الذاهبة نواحي وجود ترتيبات غير معلنة بين العتباني وحزبه القديم (المؤتمر الوطني) كتفسير لظهوره الكثيف في الوسائط الإعلامية. ورد الجمل ظهور رئيس الحركة في وسائل الإعلام لعنايته بـ (الإصلاح) وحرصه على دعم الحوار الناصح المفضي لحل مشكلات البلاد. وقال لـ (الصيحة) بتماشي المنهج مع خروج الدكتور عن الحزب الحاكم الذي ضاق ذرعًا بالرؤى الإصلاحية، ومن ثم زادنا كيل بعير بالإشارة الى أن معظم اللقاءات التي أجريت مع العتباني تمت بناء على طلب الإعلاميين أنفسهم وجرت جدولتها مسبقاً، واضعة العتباني (في الواجهة).

مقداد خالد/ الخرطوم
[email][email protected][/email] الصيحة
14 أبريل 2014م

تعليق واحد

  1. قد تكون الجاهلية ليس عصر قد يكون فكر … وفي تاريخنا السوداني لا نجكم على زعيم أو قائد أو حنى صاحب فكر أو حتى ترى الذي يأتي بعده لانه تاريخ أفراد … دمت بخير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..