بحثاً عن حلول للأزمة.. حراك دبلوماسي إقليمي ودولي من أجل السودان
منذ بدء الصراع السوداني في أبريل/نيسان الماضي، تحاول القوى الإقليمية والدولية إنهاء الحرب من خلال الحراك الدبلوماسي ورعاية المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وعلى رأس هذه الدول، مصر وإثيوبيا والسعودية، فضلاً عن منظمات دولية وإقليمية.

وفي الأسبوع الماضي عُقد اجتماع للقوى السياسية والمدنية السودانية في العاصمة المصرية، تبعته زيارتان منفصلتان لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى مدينة بورتسودان، وكذلك وليد الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي، إذ التقيا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
كما اختُتمت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس الاثنين، اجتماعات يرعاها الاتحاد الإفريقي، شارك بها 14 كياناً وحزباً سودانياً، أبرزها “الحرية والتغيير ـ الكتلة الديمقراطية” للدعوة إلى “وقف الحرب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة وغير حزبية”.
بحث سبل حل الأزمة السودانية
وبرعاية الأمم المتحدة، تُعقد في سويسرا مباحثات غير مباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بشأن إيصال المساعدات الإنسانية، إذ قالت الأمم المتحدة إن طرفي الحرب في السودان وصلا إلى جنيف للمشاركة في محادثات تقودها المنظمة الدولية من أجل التوسط في وقف إطلاق نار محتمل، لحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
وبينما أشارت الأمم المتحدة إلى حضور طرف واحد منهما لم تسمّه، أكد متحدث المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي عقده بمدينة نيويورك الأمريكية مساء الجمعة الماضي، أن المناقشات “ستستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع بصيغ مختلفة وفي أماكن مختلفة، عبر المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان رمضان لعمامرة وليس وجهاً لوجه بين طرفي النزاع”.
وقبيل هذه المباحثات، التقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في 9 يوليو/تموز الجاري، في بورتسودان البرهان، الذي أطلعه على تطورات الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام، وخلال اللقاء أكد آبي أحمد “أهمية السلام باعتباره أساس التنمية”، وضرورة حل مشكلات الدول “داخلياً من دون تدخل خارجي”.
وفي اليوم السابق للقاء رئيس الوزراء الإثيوبي، بحث البرهان مع نائب وزير الخارجية السعودي، في بورتسودان، استئناف “مفاوضات جدة” لوقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ ترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/أيار 2023 محادثات بين الطرفين، نتج عنها في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين لالتزام حماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة، وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين الطرفين، ما دفع الوسيطين لتعليق المفاوضات.
وفي القاهرة في 6 يوليو/تموز، عُقد مؤتمر للقوى السياسية السودانية بعنوان “معاً لوقف الحرب في السودان” بمشاركة ممثلين لتلك القوى، ووزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، إلى جانب عدد من الدول الفاعلة وذات الاهتمام بملف السودان. وأكد البيان الختامي للمؤتمر، ضرورة “الوقف الفوري” للحرب، من دون الكشف عن إجراءات لتحقيق هذا المسار.
حراك على عدة مستويات
وأرجع الكاتب والمحلل السياسي السوداني أمير بابكر الحراك الإقليمي والدولي الأخير إلى أن “الأزمة السودانية وصلت طوراً يمكن معه انفراط عقد الأمن بصورة يصعب السيطرة على تداعياته في الإقليم والعالم الذي يعاني أزمات متعددة”.
وقال بابكر لوكالة الأناضول، إن دول الجوار هي أكثر من استشعر الخطر الذي ستواجهه جراء هذا الوضع، “بعدما ظل السودان يلعب دوراً مهماً في اقتصادها لما يتمتع به من موارد”.
وأشار إلى أن التعثر في التوصل إلى تفاهمات بين أطراف الصراع “أدى إلى ضرورة اللجوء إلى طرق أخرى، قد تعزز دور المنابر القائمة أصلاً”، مردفاً أن الحراك الحالي يعمل على 3 مستويات، “الأول الذي تقوده السعودية، ويهتم بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، والمستوى الثاني، فهو مرتبط بالأول وهو المعني بتسهيل وصول الإغاثة إلى مستحقيها في المناطق الواقعة تحت تأثير الحرب والنازحين واللاجئين، أما الثالث فيتعلق بالعملية السياسية كمستوى مكمل لما بعد وقف إطلاق النار”.
وفي السياق شدد بابكر على أن التوصل لتفاهمات متعلقة بالعملية السياسية لمرحلة ما بعد الحرب “مسألة من المهم رسم ملامحها منذ وقت مبكر”، موضحاً أن مصر حاولت لعب دور في إرساء تلك التفاهمات ونجحت في جمع قوى مؤثرة.
أما عن زيارة آبي أحمد للبرهان، فاعتبرها بابكر تحمل مؤشرات مهمة، أولها وجود تفاهمات بينه وبين طرفي الحرب استدعت زيارته للعاصمة المؤقتة بورتسودان، قائلاً: “لم يأت آبي أحمد للبحث عن حلول للأزمة من نقطة الصفر، ولا وسيطاً بمعزل عما يجري من حراك دولي وإقليمي، بل جاء وفي حقيبته ما يشير إلى أهمية تأكيد تفاهمات قد جرت بالفعل”.
ووصف الباحث الحراك الدبلوماسي الحالي بشأن السودان بأنه “متناغم رغم تعدد خيوطه”، مردفاً: “أرى أن هذا الحراك يهدف إلى تضييق الهوة بين الأطراف المتقاتلة، وضمان الوصول إلى حلول مستدامة”.
من جهته، يرى المحلل السياسي السوداني يوسف حمد أن “الحراك الراهن يمثل بدء عمليات التراجع عن الرهانات الخاسرة، والقراءات الخاطئة بشأن السودان”.
وقال لوكالة للأناضول: “بطريقة ما، نحن إزاء بداية جديدة لطبيعة جديدة حيال السودان، عنوانها الأبرز هو وقف الحرب والدخول في عمليات سلام، ولا نستطيع أن نخمن طبيعة هذا السلام وحدوده”.
وأشار حمد إلى أن أي محاولة لفهم التحركات المصرية أو الإثيوبية تجاه الأزمة في السودان “يجب أن تأخذ في الحسبان التباين الطبيعي بين القاهرة وأديس أبابا، بسبب صراع المياه وسد النهضة” لافتاً إلى أن كلا البلدين “يسعى لضمان حصوله على تأثير ما في الأوضاع المستقبلية في السودان”.
تي ار تي
على المجتمع الدولي التحرك لتدارك الوضع الكارثي في السودان وانقاذ حياة المواطنين سوى برضى الطرفين المتقاتلين أو من غير رضاهم، حيث ثبت أن كلا الطرفين لا يهمه ما يعانيه المواطنين من تقتيل وتشرد ونزوح ونهب واغتصاب، كلاهما لا يهمه إلا الوصول للسلطة ولو على جثث الشعب السوداني، لذلك على المجتمع الدولي، إن كان جادا في مساعيه لإنقاذ حياة السودانيين ووضع حد لمعاناتهم، أن لا ينتظر موافقة أي منهما فكلاهما ليس له شرعية بل يفعل البند السابع كما فعل في كوسوفو ويقضي على الطرفين وبعد ذلك يختار الشعب حكومته الشرعية بعيدا عن الطرفين المتصارعين.