في الأدب و قِلَّتِه ..!

«الإنتاج الأدبي الغزير إساءة اجتماعية» .. جورج إليوت!
الذين يصرون على افتراض رسالية الأدب ومشروعية الوصاية الفكرية، كانوا ولا يزالون مع الحجب الإسفيري والمنع الجائر لنصوص روائيين سودانيين كثر من النشر، بدعوى أن الوصاية على القارئ والرقابة على الأدب من واجبات الدولة التي يجوز لها ما لا يجوز لغيرها كلما تحدث كاتب سوداني بما لا يليق من آفات مجتمعه ..!
وهذا يؤكد أن العلاقة بين حرية الأدب وديموقراطية الحكومات دوما طردية، وإن الذي يجاهر في مثل مجتمعنا المحلي برأيه الصريح عن كون الكتابة الأدبية ليست رسالة تربوية بل حالة فنية خالصة متجردة لا بد أن يحتمل ما يحتمله المارقون الفاسدون ..!
صحيفة الشرق الأوسط ناقشت – ذات سانحة – في ملحقها الأدبي موجبات وتداعيات اتهام وسجن كاتب مصري مغمور صدرت له رواية بعنوان «لصوص العاصمة وشرفاء الجنازة» اعتبرها أهالي قريته إساءة إليهم وتشهيراً بهم ..! ..
الرواية تنهض على فكرة «بطولة المكان» وهو لون فني أرسى دعائمه الكاتب الفرنسي بلزاك الذي نصب أحياء باريس أبطالاً لنصوصه، وهو أيضاً ذات النهج الروائي الذي اتكأ عليه علاء الأسواني في روايته الشهيرة «عمارة يعقوبيان»، ومن قبله الثلاثية الشهيرة لنجيب محفوظ الذي كتب أيضاً عن تضاريس «الزمن الذي يذيب الصخور، ويفتت الصروح، ويغير وجه البسيطة» .. فالثابت في هذا الضرب الروائي هو المكان، والمتغير هو ما عداه من زمان، وأحداث، وشخوص ..!
والحقيقة أن حساسية المجتمعات في مواجهة تعرية الأدب لعيوبها ونواقصها نزعة فطرية ليست حكراً على المجتمعات العربية، لكن الفرق يكمن في عملية التحجيم والتشذيب وقصقصة الرويشات، الأمر الذي تحكمه عوامل التعرية الحضارية المتفاوتة ..!
التاريخ الفرنسي مثلاً يحفظ في أضابيره محاكمة الأديب جوستاف فلوبير على تعرية الانحطاط الأخلاقي للمكان «باريس» في قالب رمزي هو شخصية مدام بوفاري ..!
بينما يحفظ لكاتب بحجم ماركيز أنه قد ابتنى مدنه وقراه ودويلاته المستقلة وعوالمه الخاصة على أرض الخيال، فأغلق بذلك الباب في وجه الافتراضات الواقعية المتصيدة، وفتح نافذة الخيال الأدبي العريض لقراء نصوصه على مصراعيها ..!
تنصيب المكان بطلاً على العمل الروائي في المجتمعات التقليدية يترك الباب موارباً في وجه التكهن والافتراض ومن ثم التجريم، لأنه يمزج الواقع «التضاريس والتاريخ والملامح الاجتماعية لبقعة جغرافية حقيقية» بالخيال الروائي الذي ينتهج تعرية المسكوت، فلا يروق في الغالب لألئك الذين يدينون للصور الزائفة، والمثاليات المصنوعة بالولاء ..!
في مجتمعات الوصائية الفكرية والرقابة الثقافية حيث الأنظمة الشمولية والفرمانات الحكومية التي تقود فيها كتابة الأدب إلى السجن، على الكاتب أن يختار، بين موت اسمه أو حياة نصوصه .. وياله من خيار ..!
اخر لحظة
والله في واحدين لو الحكومة ادتهم القرين لايت مابقولو بغم لانهم خلاس اتربي ليهم الخفيف وعشش فيهم الجبن واوعك تقولي انا قاصداك
يرفعون شعارات الديمغراطية والحريات وهم مقيدين بعقد تريوية وفرضيات ومخاوف لاتوجد الا في خيالهم المريض وتثور حفيظتهم اذا لم يصفق الاخرون لكتاباتهم التي تفوح منها روائح الاذعان والخنوع والتطبيل للشمولية واحيانا دون ان يشعروا ينزلقوا في مستنقع الانكار والنرجسية ولايرون ان الاقنعة ماعادت تسترهم فقد بليت واكل الدهر عليها وشرب
ادمان الاذعان والخنوع والجبن احيانا اقوي من ادمان الهيروين اذا خرج عن السيطرة
والمكتولة مابتسمع الصايحة
مقال في غاية الأهمية (منى أبو زيد)
في البدء الأدب ليس رسالياً !!؟….
و لاسيما فن السرد
للإمتاع و التغيير
ثم أن الأدب ليس مقروناً بقلة الأدب
و الرواية بالتحديد إذا كان المكان محورها
أو الإنسان مهمتها أن تفضح و تعري دون خشية
من واعز حتى إذا كانت السلطة الباطشة
و إلا لما كان هناك معتقلون من الأدباء
منذ خرجت الرواية من معطف المدينة
ظلت تنافح العسف و الجبروت
و كذلك تجار الدين
إذن هناك أدب و ليس قلته !؟!؟…