الضرب في الرجولة

يقول الشاعر أمل دنقل :
من يملك العملة
يمسك بالوجهين
و الفقراء بين .. بين

هنالك ثمة موضوع إجتماعي يعتبر من المسكوت عنه و لكنه بات في تزايد مع الزمن حتى إحتل مكانا مرموقا في حديث المجالس , و ذلك لأنه يمس أعدادا لا يستهان بها من الرجال . هذا الموضوع سوف أقوم بربطه لاحقا بمجريات الأحداث في السودان ..
لقد تبين لي مما وصلتني من أحاديث و روايات لأحداث بعينها يتداولها الرجال و النساء في مجالسهم الخاصة , أن أعدادا كبيرة من الرجال قد أصابتهم العنة في بعض الحالات و ليس في كل الحالات , و السبب كما يقال أن وراءه تحالف شيطاني قد تم بين بعض النساء المقتدرات و أعداد من الشيوخ السحرة أو ( الفقراء ) كما نسميهم ! أظن أن الأمر يحتاج إلى شرح و تفسير . تقول الروايات أنه قد كثرت الدعوات المحبذة لتعدد الزوجات و قد تلقفها الرجال المتزوجون المقتدرون على الصرف ( البذخي ) , و لم يعرها الشباب إنتباها و ذلك لعدم إمكانيتهم على الصرف لضيق ذات أيديهم , اللهم إلا في حالات الزيجات الجماعية و التي يندر إستمراريتها لنفس ضيق ذات اليد . إننا نجد أن هذه الظاهرة قد تفشت مع حالة الفقر بين الفتيات خاصة الطالبات و مع حالة النزوح من الأقاليم للعاصمة . في هذه الحالة ماذا تفعل الزوجة الأولى ذات الحظوة و السطوة و الثروة كي تضمن بقاء زوجها بجانبها ؟ إنها مع نصائح جاراتها و سرد الروايات لها فسوف تجد نفسها تتعامل مع ذلك التحالف الشيطاني !
سابقا كان الشيوخ السحرة يطلبون قطعة من قماش قد إستعمله الزوج ثم يعملون عملهم و يدخلون بسحرهم في تفكير الزوج حتى يشلون إرادته ثم يوسوسون له كي يتصرف كما يشاؤون تجاه تلك الزوجة الجديدة , فيرى منها كل قبيح حتى يتبدل حبه لها إلى كره , و يهرب بنفسه منها و يتركها ! لكن لم تعد تلك الطريقة تنجح مع من يمتلكون قوة في شخصيتهم و في التحكم في تفكيرهم و من هم يتحصنون . أعملت الزوجات الأول تفكيرهن و نظرن إلى القوة الكامنة في الرجل و التي بوجودها يسعى إلى الزواج باخريات و مع عدمها لا يسعى ابدا بل يكتفي بمن هي معه , و قطعا فإن تلك هي القدرة الجنسية رمز رجولته ! هنا أعملن فكرهن في ضربها و قلن في دواخلهن كما قال شمسون الجبار : علي و علي أعدائي يا رب ! لكنهن أعدن النظر بعد أن تيقن بجفاف حياتهن بدون العلاقات الزوجية الطبيعية , و هداهن تفكيرهن إلى ترك الضرب الكامل لرجولة أزواجهن و الإكتفاء بالضرب الجزئي , و جاء دور الشيوخ السحرة لتفصيل العمل على رغبة الزبونات . صار الزوج يقوم بواجبه على أكمل وجه مع زوجته الأولى , لكنه عندما يذهب إلى زوجته الأخرى الجديدة يصاب بالعنة و العجز فيسبب له ذلك ضيقا نفسيا و حرجا , و يسبب لزوجته حيرة تفسرها بأنه قد أتاها ( منتهيا ) من زوجته الأولى , فتدخل معه في مشاحنات مع تكرار عجزه في كل مرة تؤدي بها في النهاية إلى طلبها للطلاق ! بعض الرجال المصابين بحالة الضرب في الرجولة يصارحون أصدقاءهم و المقربين منهم بحالتهم تلك , فيذهبون بهم الى شيوخ يفكون عنهم السحر , لكن عندما تعلم الزوجات الأول بطرقهن الخاصة أن أزواجهن قد أبطلوا السحر , يذهبن إلى شيوخهن السحرة و ( يربطن ) أزواجهن مرة ثانية , و هكذا يظلون بين ربط و فك ! و في كلتا الحالتين يكون المستفيدون ماديا هم الشيوخ ( الفقراء ) بأنواعهم .
مع سؤ الأحوال المعيشية في السودان صار معظم الرجال غير المتنفذين من العامة يعانون من حالة عامة قد أصابتهم و يتحدثون بها و يسخرون مع بعضهم منها , و هذه الحالة قد سمعتها بنفسي في السودان , و هي تتمثل في ضعف القدرة الجنسية عندهم مع الضعف العام للجسم , و قيل في ذلك ان شخصا تعطلت سيارته فطلب من بعض المارة أن يدفعوها ( يدفروها ) له حتى تدار ماكنتها و لكنهم ردوا عليه أن مقدار القدرة التي في أجسامهم محتاجون لها عند الذهاب لمنازلهم ! إنني عندما أفكر في أمر الزوجات الأول أجد العذر لهن , خاصة مع دعوة النائب البرلماني المثير للجدل دفع الله حسب الرسول الذي قال أن الزوجة إذا ما بلغت الخمسين من العمر فعلى زوجها أن يتزوج فيها حتى يزداد عدد المواليد و الذي فيه منعة للقوات المسلحة !
الإيمان بالسحر واجب لكنه قد استغل كثيرا من الدجالين و المشعوذين , و إبطاله يكون عن طريق الشيوخ و بالرقية و بالدعاء , و كما هو يصيب الفرد فإنه يصيب أيضا المجموعات أو الشعب بأكمله . لقد ذكرت في مقالات قبلا أنني محتار في أمر الشعب السوداني , الذي كان رائدا و مقداما و جسورا في تصديه للظلم و لكبت الحريات و للضيق الإقتصادي , و كان معروفا بخروجه للتعبير عن مطالبه , ثم نراه و قد تحول عن كل ذلك 180 درجة , فصار كالمخدر لامباليا و متراخيا و منوما , بينما الوطن يمر بأخطر المنعطفات التي تهدد مستقبله ! هل تم ضرب الشعب أيضا في رجولته و قوته و تماسكه ؟ و ممن ؟ حتما من هؤلاء المتنفذين الذين شوهدوا في بداية التسعينات و هم يطرقون أبواب الشيوخ من ( الفقراء ) ! لذلك إذا أراد تحالف قوى الإجماع الوطني لبرنامج المائة يوم الذي إختطه لإسقاط النظام أن ينجح , عليه أن يلجأ أولا إلى الشيوخ ( القاطعين ) كي يفكوا الشعب من قيود السحر التي أقعدت بهم و أعمتهم !
أخيرا أكرر و أقول : إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم و هو التعايش السلمي بين العروبة و الأفريقانية و التمازج بينهما في سبيل تنمية الموارد و العيش سويا دون إكراه أو تعالٍ أو عنصرية . قبل ألف عام كانت في السودان ثلاث ممالك افريقية في قمة التحضر , و طيلة ألف عام توافد المهاجرون العرب إلى الأراضي السودانية ناشرين رسالتهم الإسلامية و متمسكين بأنبل القيم , فكان الإحترام المتبادل هو ديدن التعامل بين العنصرين العربي و الأفريقاني . إن العودة إلى المكون السوداني القديم تتطلب تغييرا جذريا في المفاهيم و في الرؤى المستحدثة و في الوجوه الكالحة التي ملها الناس !

د. عمر بادي
[email][email protected][/email] عمود : محور اللقيا

تعليق واحد

  1. احييك يا كاتب المقال ..وده كلام منطقى علمى متحضر يدخل مباشرة الى الدماغ الفضل فينا ……
    يا سيدى ان حالة الاحباط والياس والقنوط والشرود الذهنى والنفسيات مترافقة مع سوء التغذية المزمن للغالبية من افراد الشعب السودانى الفضل هو سبب العنة وانعدام الرغبة فى النساء ..
    أمثال شيخ دفع الله قليلين وهم مقتدرين ماديا ومرفهين وما عندهم اى مشكلة تتهدد حياتهم ومعاشهم وهم انانيين جدا وغايبين ذهنيا ومنفصلين عن مشاكل شعبهم … فى طلبهم للمتعة وعدم اهتمامهم بمن يمرض او يموت ا ويتشرد اوينزح من ابناء وطنهم…همهم اشباع شهواتهم البهيمية فقط ..وللاسف ديل ممثلين الشعب بالبرلمان ….؟؟؟
    ساستنا فاشلون لا يقراوا التاريخ ….نحن فى تقشف ومشقة وضيق وضنك عيش منذ العام 1989م وحتى الان ….والله الا الواحد يكون اسد…. او شارب ليهو تنكر مريسة حتى يفكر يتزوج ليهوا واحدة تانية…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..