مقالات سياسية

لكل زمان ..طوفانُه.. وأبابيلُه..!ا

لكل زمان ..طوفانُه.. وأبابيلُه..!

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]

مشهد من الأرشيف..
قبل مايقارب العشرين سنة جمعني جوار السكن مع أخ سوري طيب في ديار الغربة..كان في حاله . من البيت الى العمل وبالعكس..لايبدو أنه يقيم علاقات اجتماعية الا في حدود اشقائه.!
فقط بادر بزيارتي التي رددتها له عندما حللت جارا عليه للترحيب وأكتفي بعدها بالقاء التحية حينما نلتقي خارج الديار..
في احدي الليالي لاحظ أن اعدادا كبيرة من السيارات تملاء الساحة المواجهة لمنزلي وتجاوزتها الي الموقف الخاص بالمسجد المجاور.. وبما أن أغلب نظام المنازل في أحياء مدينة العين هو أرضي تحفه الأسوار الواسعة.ومناخها يسمح بالجلوس في فنائها.. لعله كان يسمع بوضوح نقاشنا نحن السودانيين الذي يكون فيه الشأن السياسي الوطني قاسما مشتركا أيا كانت المناسبة التي تجمعنا..!
المهم وبعد أن تفرق الجمع وفي ساعة متأخرة من الليل طرق صاحبنا الباب مستفسرا..فقلت له .. أنه مجلس عزاء في وفاة جدتي.. فدلف الي الدار وهو يمسك بالحائط ويتلفت..!
قال لي متسائلا الا تخافون ..؟ تتحدثون مرة عن الرئيس الجديد البشير ومرة عن الصادق وما أدري ايش؟
قلت له هذا قدرنا وهو حالنا حتي داخل السودان..!
تململ قليلا وكأنه يحضّر لتفجير قنبلة طه سليمان..وفرك شاربه وتلمظ ثم قال ..يا أخي أبوماهر لاتظن انني لا أصلي ..!
قلت له ما المناسبة ؟وهذا شأن خاص بك في النهاية.. قال..باعتبار أنني لا ارتاد معكم المسجد وهو علي بعد خمسين مترا..! واردف وهو يخفي خجله في التفاتاته القلقة . والله الواحد يخشي أن يسلّم على جاره في الصلاة ويقول له حرما.. فيطلع من جماعة المخابرات السورية..!
سالته مستغربا..وهنا..؟
أجاب هامسا وهو يدنو مني ..نعم نعم ..هؤلاء ملاعين
في كل مكان..!
قلت له ..أتخاف من حافظ الأسد ولا تخاف من الله..؟ قال .. لاتؤاخذني أخي .. فاللُهُ غفورٌ رحيم ولكّن ذاك الثاني لا يرحم..وبدأ يعدد لي أمثلة عن الذين اختفوا نهائيا من المغتربين بعد دخولهم مباشرة مطار دمشق عند
عودتهم لبلادهم..!

مشهد حديث..
بالأمس وأثناء متابعة اخبار دولة الصمود و التصدي في وجه شعبها الباسل..
شاهدت الشيخ اسامة .. رجل سبعيني وصف بانه امام وخطيب أحد المساجد الكبيرة في سوريا وهو طريح المستشفي بعد أن أوسعه رجال أمن الأسد الشبل وشبيحته ضربا مثلما حطموا ايادي رسام الكاريكاتير الشهيرعلي فرزات..ثم عرض التلفزيون جانبا من خطبة الشيخ التي كؤفي عليها بتلك الطريقة..أذ قال ..دون أن يسمي أحدا ..ان وصف فلان بانه اله .. واجبار مناوئه في السجون بان يقولوا لااله الا فلان ..فهذا امر لايجوز السكوت عليه..لان ذلك الصمت يفضي بصاحبه الي جهنم وبئس المصير.. ثم أن من يخرج الي داره من الحبس وكان مجبرا علي قول ذلك لشراء سلامته..! فلن تصفو نفسه حيال من فعل به سوءا .. ثم استدرك مواصلا. نحن نعلم أن رئيسنا لايرضى قولا ولا فعلا كهذا. . وقد لا يرضاه حتى من فعلوه.. ولكّن الله بالقطع سيغضب من الجميع ان هم سكتوا عليه..!
كان كلاما هادئا ورزينا دون انفعال ولا تشنج ولا رياء أو حتي تجريح..فهو نصح كان يفترض أن يكافأ عليه الرجل..بالشكر والعرفان وليس كما حدث له من أذى جسيم..!
وهو الذي ذكر حقائق شاهدناها مرارا في اشرطة اليوتيوب التي تبث وفيها عساكر يضربون رجالا يجبرونهم علي ترديد صدر الشهادة ولكّن بالوهية بشار!
يحدث هذا وولاية الفقيه وقلعة الاسلام التي أباحت دم سليمان رشدي لا زالت تراهن علي حليفها العلماني وأجهزة أمنه التي جاوزت وقاحة أبرها صاحب الفيل الذي قصد البيت..فيما هم تطالوا علي رب البيت وذاته العلية..!
والشيخ حسن نصرالله الذي يسعي لازالة اسرائيل من الوجود يدعو لانقاذ حليفه في المقاومة ..( اله النظام السوري) وهو يعلم أنه لم يستطع أن يستخدم قدرته في مقاومة الطائرات الأسرائيلية ولو بنظرة شذراء من عينه التي لاتنام من الخوف وقد عبرت فوق قصره تُحطم زجاج غرفة نومه في سريره فاكتفي بجمع الشظايا ..وهو يعد بالرد في الوقت المناسب!
والشيخ حسن وايران وكل الذين في فمهم ماء يشاهدون جرذان الجولان المحتلة وهم يطلون علي اهلهم من خلف السياج الفاصل بينهم ويخاطبونهم عبر مكبرات الصوت والطرفان علي مرمي نبلة من بعضهما.. وأسد المقاومة لم يستطع لاهو ولا قبله أبوه وعلي مدى أربعين عاما مجرد المحاولة لاخراجهم من ذلك الحبس..!
مشهد تراجيدي..
الجامعة العربية بالأمس وعلي استحياء قررت أن ترسل أمينها العام ليقول لاله سوريا رفقا بعبيدك يا مولانا ..لا تقتلهم بالسلاح ..فيكفي لابادتهم غضبك عليهم بالتجويع والحبس خلف جدران جهنمك وعيشهم في ذل عهدك البعثي الطويل..!
صحيح ان عدءات القذافي حتي مع ظله هي التي عجّلت بقرارات الجامعة ضده..ولكّن منظر المأذن وهي تتساقط والأئمة وهم يضربون فضلا عن سحق البشر كالقُمّل في بلاد الشام هو الأحق بالتعجيل علي الأقل بالادانه التي قد لا تعيد الأرواح ولكنها تظل من قبيل أضعف ايمان العاجز..!
ولكّن اين للذين تعدوا الحدود ونازعوا الله في ملكه وملكوته ببر يابس يأويهم من طوفان الزمان الحالي الذي ان هو انهدت ضفافه ..فليس أمام الُزبا الا أن تذهب في ُخطى السيل الجارف..!

بداية الفلم من جديد..
اليوم جاءتني رسالة عبر الاميل من حزب التحرير الاسلامي ولاية السودان ولعلها وزعت للكل كتهنئة بمناسبة العيد وتبشيرا بقرب عودة الخلافة عطفا علي زوال الطغاة في تونس ومصر وليبيا وعلي الجرار حبل سوريا واليمن..وتنديدا بافعال الكفرة الغزاة الذين فصلوا الجنوب .. ويخططون لتقسيم البقية الي دول دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق..ولكّن بيان الحزب نسي أن يذكرّنا بمن كان السبب في نزول طير أبابيل علينا..مثلما سلّط الله طوفانه علي الذين فجروا فطغوا وتألهوا في تلك البلاد..! أم أن التيمم علي طوبة الأنقاذ المرطبة قد كفّي أهل القبلة ومنهم جماعة التحرير عن حرج الوضوء بابريقها لان البغلة فيه ..؟

ان لكل طاغية في زمانه طوفانا.. أوطيرا أبابيل..
فتسليط قوة الكافر علي المسلم قد يكون ابتلاءا علي الشعوب ولكنه ايضا رسالة الى الحاكم الظالم وان كان ينطق الشهادتين ويتظاهر بالورع والتقوى يا شيوخنا الأجلاء ..
فحينما يطلق الله العلي القدير طوفان الشعوب ذاتهاعلي الذين يستننطقوها قسرا بالوهيتهم ..ويجعل البعض الآخر تحت رحمة سطوة الأغراب فذلك كله مجرد مناظرغضبه العاجل عليهم في الدنيا ..أما حساب الآخرة ..فمن لدنه وحده ..
انه الرحمن الرحيم المستعان
.. وهو من وراء القصد..

تعليق واحد

  1. استاذنا برقاوى
    هو الخيار والفقوس فى الربيع العربى المطموس والمنقوص
    الم ترى كيف تتكالب الشركات والعقود على ليبيا-
    بالامس فى قناة العربية فى برنامج فى الموقع البرنامج يتحدث عن فرص الاستثمار فى ليبيا و تخيل ماذا سمى الثورة اليبية: ثورة الفرص—
    والماعنده فرص مافى زول بقيف معاهو— لكن الله غالب ولا نرجو الا نصره فى ثورتنا ضد الظلم والنفاق والدجل والهوس و..

  2. لك التحية استاذ برقاوي
    احزن كثيرا لمن يسمون انفسهم ب (حزب التحرير الاسلامي – ولاية السودان ) – و حزني مرده ان امثال هؤلاء لا يزالون خارج ( متحف التاريخ الطبيعي ) – ولاية السودان ؟ عودة الخلافة العثمانية ؟ اي ( تعامي) هذا ؟ الا يعلم هؤلاء ان اول من ادخل ( اللواط ولا مؤاخذة ) الي السودان كانوا ضباط و جنود تلك الخلافة العثمانيه ؟ – خلينا من دي – الا يقراء هؤلاء في دروس التاريخ ان خلافتهم التي يتمنون عودتها اذلت و افقرت السودانيون بالضرائب الباهظة و الجبايات ؟ – دي برضو خلينا منها – الم يقراء هؤلاء ان اول اسباب حملات الخلافة العثمانية للسودان كان استجلاب ( العبيد و الذهب ) ؟ – يرضو ده كللللو خلينا منو – هل يعيش هؤلاء بيننا في السودان ؟ اذا كانوا يعيشون في السودان : هل بهم صمم و عمي يمنعهم عن رؤية و ادراك ما يعانيه السودانيون من (شيوخ الدولة الرسالية ) ؟ الم تزدهر دار المايقوما في هذا العهد (الرسالي) ؟ الم ينتشر تعاطي المخدرات بين اوساط الشباب في نفس العهد الرسالي ؟ الم ينتشر الفساد الاخلاقي و المالي بمجهودات هؤلاء الرساليين ؟ – الم ينتشر الالحاد ( تحت تحت ) بين الشباب الا في ذات العهد ؟ اذن , و كخلاصة : يتم استخدام الدين لأغراض بعيدة جدا عن الدين , و ايضا , و كخلاصة اضافية : كل هؤلاء يعرفون قوة العاطفة الدينية لدي السودانيين و يعملون علي الاستفادة من هذا الارتباط لتحقيف مأربهم الخاصة و التي هي دنيوية , بل دنيوية جدا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..