فلا يناضلن أحد علينا فنناضل فوق نضال المناضلين!

أول مظاهرة جماهيرية كانت طلابية بحتة (جامعة الخرطوم وحدها) ضد النظام الشرس الإجرامي المعلوم (كنا نعرف وجاهزين للتضحية) كنت أنا شخصي الضعيف أحد منظميها (تلك المظاهرة) مش مشارك بس بل منظم وتعرضنا للإعتقال والتعذيب والمطاردة والفصل والتشريد ونحن طلبة في السنة الأولى.. لا أحد قبلنا في الشعب بهذا الإطلاق.. ذلك كان اول إحتجاج سوداني في الخرطوم على الإطلاق ضد نظام الإنقاذ ولا أدري ماذا كان يفعل البقية منكم لغاية شهر سبعة سنة 1991 (انتم لم تكونو معنا، لم نراكم ذلك اليوم) .. نحن .. ايوة نحن.. نحن بس عملنا مظاهرتين ومات مننا أربعة (موت مادي مش معنوي بالرصاص أو السكين في القلب: بشير والتاية وسليم وطارق على أرواحهم السلام) وبقية عذابات الأحياء الناشطين معلومة بالضرورة!. أربعة ما شوية الزمن داك في الخرطوم.. تلك النفوس الجميلة التي أحببناها وسنظل.. الأقاليم لسا، الجنوب وحده كان يحارب لأسبابه الخاصة التي نحترم.. ونحن أيضاً وحدنا كنا كقطاع طلابي.. ليس الشرق ولا الغرب ولا أي حتة آنذاك أعلنت الإحتجاج العام والظاهر والمعلن.. أعني أحتجت صراحة وفي العلن وكشي معلوم تناقلته وسائط الإعلام.. لم يحدث.. لا يوجد.. إذن قل لي.. وعد لن تستطيع لأنني أعرف عملياً ما اقول!.

لم نر مثلاً مظاهرة تلك الأيام للمفصولين من الخدمة المدنية والجيش، لم يحدث!. وهم طبعا على العين والراس ونفهم ظروفهم وأظننا نعرف الواقع.. ولا الفقهاء والمتدينين النزهاء ونحن نحترم.. ولا الملحدين الذين يلعلعون الآن.. فقط محاولة شهداء رمضان الأكارم فلذاتنا معلومة لكنها محاولة عسكرية وليست جماهيرية وهي طبعاً محترمة ولأهلها الإحترام والقداسة “لعلمنا بهم” بس هنا نحن في مقام الحديث عن الفعل الجماهيري المدني الشعبي أي كان.

لقدام حصلت أشياء (لاحقاً) يعني بعد أكثر من عشرة سنة من محاولتنا الدامية في عهد الإنقاذ قامت إحتجاجات في بعض الأقاليم.. الجنوب منا ذهب.. مأساتنا هنا قديمة ومعلومة أظن.

الرواية هنا عن الشمال، السودان الحاضر.. لا أحد خرج معنا من الشعب آنذاك.. هنا إحالة إلى الحاضر.

متنا برانا في الجامعة (في مظاهرة طلابية سلمية أعني آنذاك) الناس لم تصنع من ديسمبر ثورة كما أكتوبر وهو شهر إستشهاد الشهيدة التاية ولا بقية الشهداء في الشهور المقبلة من السنوات الأولى من عمر الإنقاذ (نحن بس عملناها لا غيرنا) أكرر وأتحدى… أين كنتم أنتم الملعلعون كشخصوص وأنتم في نفس أعمارنا أو أكبر منا؟ من الفعل العام لا الخاص ولا نعني الجهود الخاصة هنا.. لا ندين الشعب طبعاً على وجه العموم لاننا نحن منه وهو منا.. عشان مافي زول يضيع زمنه في الفراغ في الحتة دي!.

بعد داك فضاء شاسع من الفراغ.. والحرب والدمار.. شخصياً خرجت من البلاد ولا أزال افعل جهدي بلا كلل ولم أرجع للسودان ولا زيارة أبداً لأنني لم اهادن الباطل.. أو هو وعيي الذاتي وفق خياري الذاتي ولا أمثل أحداً ولا حزب لي فقط خياراتي كأحد الناس ولست هنا في رجاء الثواب أي كان طبعاً أعرف أنهم مستحيل كما لا حوجة في المنتهى!.

1989-2003 لا إحتجاج جماهيري جد كلي “صراعات الجهات محترمة فقط مسقطة موقتا هنا”!.

منذ العام 1991 لا أعترف شخصياً بأي محاولة عامة جادة إلا سبتمر 2013 عملتها ذات الخلفيات ولم يمت أربعة بس زي زمننا بل 200!. أيضاً لا أحد خرج معهم عام 2013 يعني بعد 14 سنة من المحاولة الأولى ولكن أيضاً الشعب لم يتجاوب مع سبتمبر 2013 كما لم يفعل في ديسمبر 1989 ويوليو 1991 تلك التي شاركت أنا شخصياً في تنظيمها (شخصياً هنا مهمة عشان هدف هذا البوست مش الذات.. ما كنت براي طبعا ولم أكن في ألامام.. كان الشهداء منا آنذاك والمزيد) كان هدفنا عشان الشعب يقوم معنا وعشانه أصلاً في ذاك الخيال الثوري الذي كنا نظنه ناجحاً ونحن في ذلك العمر ونظنه حل فعلي (التغيير العاجل قبل الدمار الشامل) لكن تقاصرت عنه الهمم العامة التي تلعلع الآن.. نحن منها طبعاً.. الفشل عام!. كل شيء معلوم (عندنا) أعني الناس المحددين العارفين وربما الكل عارف.. المهم أظن القصة معلومة.. لا داعي للشرح الكتير!.

فلا يجهلن أحد علينا في مشروع السودان200.. لأن البعض الذي لا يعلم والشوية المغرضين حسبوه مشروع مترف بتاع ناس بعاد من عذابات أهلنا.. لا، وعد.. نحن النار ذاتها.. نحن اهلنا!.

نحن أظن كلنا عارفين تقريباً كل الهزائم ولما لم يتحقق الأمل في التغيير السياسي.. أظن أن اهلنا كانو زاهدين أو ما جاهزين لتقديراتنا الأكاديمية!.

الآن التاريخ تغير، أظن!.. لأنه ببساطة كان التغيير آنذاك مستحيلاً كما التجربة الماثلة وهو الذي حدث ويحدث والواقع يحدثنا الآن بوضوح لا جدال فيه أزعم.. ولن يحدث التغيير المنشود إلا وفق صبر لم نستطيعه بعد، خيالنا قاصر حتى الآن.. علينا أن نفكر في شيء مختلف شي جديد، ولدينا هنا خطة!.

أريد من هنا وضمنه أن أقول الأفضل لنا أن نتعارف أفضل بدلاً من العراك الوهمي والرغبوي والهلام وحالة التكويش المهيمنة التي تشبه حالة التمكين الإنقاذي الأول المدمر كجماعات وأشخاص متناحرة على مستقبل مظلم لأن البعض ظن أن الإنقاذ أنتهت وجاءت دورته، لا يجب أن نعيد هذه الدورة الشريرة!.

وأعرف جيداً الذين يودون الحط من مشروع السودان200.. لم يقولو الكثير بعد، دا كله تحذير للمستقبل.. عشان تكونو جاهزين، أنا جاهز واعرف أن الكثير منكم عندهم علم وتجربة أفضل مني.. أقدر.. لكن أنا بتكلم كتير ما صبور أو مجامل زي بعضنا وأحترم.

لا يجب أن نجاملهم لأننا نعرف كم هم فاشلون وخاسرون وعبر تجربة حقيقية وممتدة ونعرف من هم ولما هم ولماذا هم كذلك “تلك النخب”! .. ولا بد من المعركة.. لا بد من تعب في مواجهة التغيير والسير إلى الأمام عشانا البلد وعشانا كلنا والمستقبل!.

مشروع السودان200 تلاقي موجب “ملتقى للفعل الموجب” في خط التغيير الشامل “الثورة الحقيقية الشاملة لا الشكلية والمرحلية.. إنها محاولة لصناعة الحضارة” وهو خيار من اختاره!.

إنتهى.. شكراً لصبركم وتفهمكم صحابي… هناك اشياء تدفعنا للفضفضة.. لكن صبرنا طويل.. وعد.. نحن من هذا الشعب الصبور.. منكم!.

* هذا الكلام المختلف عن المعتاد من وحي مناسبة خاصة في حوار مع بعض الأصدقاء في الواتساب وأحببت أن اشركه الأصدقاء بالفيسبوك للضرورة التي حسبت.. وعملته على علاته بلا كثير مراجعة.. لكن هو ما أشعر والمشاعر دائماً خاصة ولو كانت صادقة .. طابت أيامكم ومعاّ من اجل السودان200.. خطة للعمل الجماعي في سبيل صناعة الحضارة.

امر صعب طبعا ونعرف حالة الدمار الشاملة.. نعلم ونحن بعد له!.

في الختام في بداية الكلام دا أول العنوان، تحريف حميد لبيت شعر جاهلي: لا يناضلن أحد علينا فنناضل فوق نضال المناضلين… الساي!

وطابت أمسياتكم صحاب.. وهذا من الحب.. وأعرف أنه متبادل!.

محمد جمال الدين.. ناشط في مشروع السودان200

تعليق واحد

  1. لك كامل الحق في اطلاق ( زفرات حرى )
    ولكنها لا تشبهك أيها الكاتب الذى عرفناك عميقا و رزينا

  2. بالله الحب متبادل وكده! يا سلام! حكاية روعة.

    المرحوم غازي سليمان قال في إحدى الندوات “نحن دخلنا الغابة قبل جون قرنق” بعد الندوة سأله بعض اصدقاءه “متين دخلت الغابة يا أستاذ؟” رد عليهم “غابة شنو! البلد دي كلها إدعاء في إدعاء” فلست الأول يابتاع “متبادل” انت.

  3. كلام غير صحيح

    التضامن الوطنى الطلابى هو من قاد المظاهرات ضد اغتيال بشير وتم فيها اغتيال سليم ابوبكر والتاية ابوعاقلة
    لم نشاهدك وانت تعتلى المنابر او تخطط لتك المظاهرات

    ابعد عن الانا والنفخة الكذابة زبعد داك سوط سواطتك ذى ماداير

  4. هل تخاطب أشباحاً يا سيد محمد جمال الدين، أم شخوصاً كان معك في نفس الزمان والمكان؟
    نحن أيضاً كنا شهود عصرٍ على تلك الجرائم البشعة التي دشن بها نظام الإنقاذ الدموي عصره الاسود بتقديم طلاب جامعة الخرطوم قرابين في مذبحه المضرج بالدماء.

    بشير أغتيل بسكين الغدر في “اللفة” بين اقتصاد وآداب، وقد بقيت زخات من دمه على الأرض أياماً تشهد على ظلم النظام لأهل السودان.

    التاية أبو عاقلة، طالبة التربية، أصابها طلق قاتل في النشاط ممزقاً صدرها وكان أقرب الناس إليها إسماعيل…….

    سليم محمد أبو بكر أصابه طلق في صدره ليسلم الروح في ال Clinic شاهدته مسجى بقميصة الكحلي الداكن…..

    وهل نسيت تلك المظاهرة الهادرة التي نظمها طلاب جامعة الخرطوم وهم عائدون من مقابر حلة خوجلي بعد أن واروا جثمان سليم التراب؟ لقد زلزلوا أركان النظام وهو بعد في عنفوانه حتى اضطر لإغلاق كبري النيل الأزرق لمنع المتظاهرين من العبور من بحري للخرطوم.

    طارق محمد إبراهيم، ابن كوستي، استقرت رصاصة في قلبه الرهيف رغم احتماءه بصهريج ماء ملقي على الأرض لم يكن كافياً ليقيه طلقات الغدر والخيانة. وقد احتجر الأمن البصات العائدة من العزاء ونكل بالطلاب في الطريق…

    ثمانية وعشرون عاماً بالتمام مرت على هذه الأحداث الجسام، ولكنها لا تزال رطبة غضة في عقولنا، وهل تنسَ أخاك وقد واريته مضرجاً بدماءه في التراب؟

    كل الإصابات كانت مباشرة في الصدر والقلب، مما يعيد إلينا سنياريو سبتمبر 2013 الذي لم يختلف أبداً.

    لقد غسل الجلاد سيفه ويدينه وتناسى جريمته ولكننا نحصيها له أحصاءَ منكرٍ ونكير. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.

  5. لك كامل الحق في اطلاق ( زفرات حرى )
    ولكنها لا تشبهك أيها الكاتب الذى عرفناك عميقا و رزينا

  6. بالله الحب متبادل وكده! يا سلام! حكاية روعة.

    المرحوم غازي سليمان قال في إحدى الندوات “نحن دخلنا الغابة قبل جون قرنق” بعد الندوة سأله بعض اصدقاءه “متين دخلت الغابة يا أستاذ؟” رد عليهم “غابة شنو! البلد دي كلها إدعاء في إدعاء” فلست الأول يابتاع “متبادل” انت.

  7. كلام غير صحيح

    التضامن الوطنى الطلابى هو من قاد المظاهرات ضد اغتيال بشير وتم فيها اغتيال سليم ابوبكر والتاية ابوعاقلة
    لم نشاهدك وانت تعتلى المنابر او تخطط لتك المظاهرات

    ابعد عن الانا والنفخة الكذابة زبعد داك سوط سواطتك ذى ماداير

  8. هل تخاطب أشباحاً يا سيد محمد جمال الدين، أم شخوصاً كان معك في نفس الزمان والمكان؟
    نحن أيضاً كنا شهود عصرٍ على تلك الجرائم البشعة التي دشن بها نظام الإنقاذ الدموي عصره الاسود بتقديم طلاب جامعة الخرطوم قرابين في مذبحه المضرج بالدماء.

    بشير أغتيل بسكين الغدر في “اللفة” بين اقتصاد وآداب، وقد بقيت زخات من دمه على الأرض أياماً تشهد على ظلم النظام لأهل السودان.

    التاية أبو عاقلة، طالبة التربية، أصابها طلق قاتل في النشاط ممزقاً صدرها وكان أقرب الناس إليها إسماعيل…….

    سليم محمد أبو بكر أصابه طلق في صدره ليسلم الروح في ال Clinic شاهدته مسجى بقميصة الكحلي الداكن…..

    وهل نسيت تلك المظاهرة الهادرة التي نظمها طلاب جامعة الخرطوم وهم عائدون من مقابر حلة خوجلي بعد أن واروا جثمان سليم التراب؟ لقد زلزلوا أركان النظام وهو بعد في عنفوانه حتى اضطر لإغلاق كبري النيل الأزرق لمنع المتظاهرين من العبور من بحري للخرطوم.

    طارق محمد إبراهيم، ابن كوستي، استقرت رصاصة في قلبه الرهيف رغم احتماءه بصهريج ماء ملقي على الأرض لم يكن كافياً ليقيه طلقات الغدر والخيانة. وقد احتجر الأمن البصات العائدة من العزاء ونكل بالطلاب في الطريق…

    ثمانية وعشرون عاماً بالتمام مرت على هذه الأحداث الجسام، ولكنها لا تزال رطبة غضة في عقولنا، وهل تنسَ أخاك وقد واريته مضرجاً بدماءه في التراب؟

    كل الإصابات كانت مباشرة في الصدر والقلب، مما يعيد إلينا سنياريو سبتمبر 2013 الذي لم يختلف أبداً.

    لقد غسل الجلاد سيفه ويدينه وتناسى جريمته ولكننا نحصيها له أحصاءَ منكرٍ ونكير. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..