مسيرة كاذبة و نهاية حتمية !

عدنان زاهر
لا أحد من الشعب السودانى كان يتوقع أن يأتى خطاب المشير بجديد و هو يتناول قضايا الأقتصاد و عزم السلطة على رفع الدعم عن المحروقات،لكن برغم ذلك الاستشعار المبكر المقرون بمعرفة و تجارب باطنية مريرة مع حكم ” الأنقاذ “، الا اننى أجزم بأن الكل أحس بالغبن،الغضب و المهانة و هو يستمع لكلمات ذلك الخطاب و الحجج ” الملولوة ” التى أستهدفت بشكل مباشر اذلال الشعب و الاستهانة به.
الخطاب حاول خداع المواطن بالتطرق لقضايا تشتت الأنتباه و تحاول التقليل من وقع قرارات فاجعة تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن الذى لا يمكن أن يحتمل أكثر مما هو واقع عليه.طرح قضايا مثل ” التطبيع مع اسرائيل و الخضوع لامريكا “، ” حق تقرير المصير و انفصال الجنوب “، ” رحلته الحالمة الى الولايات المتحدة للظهور امام الامم المتحدة ” و هى قضايا انصرافية معظمها نوقش عشرات المرات.ختم المشير حديثه بشكل درامى عن ” دعم سرى ” لا يعرف من أين سوف يأتى ؟! وهو حتى لو حدث لن يحل قضايا الواقع المزرى.
مشاكل السودان التى تسببت فيها حكومة المؤتمر الوطنى بكل ” مسمياته ” و داومت على محاولة حلها ب “التجربة و اعادتها ” و هى تماثل فى ذلك المثل الشعبى السودانى الذى يقول ” تعليم الزيانه فى رؤوس اليتامى “، أوصلت السودان الى الحضيض ، لذلك لن تنفع الوعود الكاذبة و الزائفة باصلاح ما قاموا به من خراب.
تحدث المؤرخون،علماء الاجتماع و التاريخ،فقهاء القانون عبر الأزمان عن مظاهر انهيار الدول المستبدة، ثم زوالها.المتابع لما يجرى فى السودان لا يحتاج لكبير عناء ليصل الى أن الطغمة التى تحكم سودان اليوم تمر بنفس الظروف التى توصم الدول المنحدرة نحو الفناء . الظروف هىالانهيار الأقتصادى الكامل و صعوبة أو استحالة الحصول على ما يقتات به المواطن،الفساد الذى ضرب كل مرافق الدولة،انعدام الأمن و سيادة قيم الرأسمالية الاسلامية الطفيلية التى قادت الى تفكك المجتمع و ترهله .
لتبيان ما وصل اليه حال البلد نكتفى بايراد مثليين فقط حدثا فى الاسبوع المنصرم حتى لا نعاود التكرار،
الأخبار تحدثت عن اغتيال تاجر فى نيالا بطريقة تشابه ما يحدث فى افلام ” المافيا ” الأمريكية و تصفياتها.تاجر مع ابنه يستغل عربة،تعترضه عربة أخرى و تطلق عليه وابل من الرصاص، بعد ذلك ينزل المعتدون من عربتهم و يقومون باطلاق الرصاص على رؤوس الضحايا للتأكد من موتهم !
عندما عمت المظاهرات المدينة احتجاجا على انعدام الأمن، لم تجد السلطة العاجزة حلا غير فرض حظر التجوال !
مجموعة من المواطنين يتجمعون مساءا فى أحد ضواحى الخرطوم و هم يحملون الأسلحة البيضاء و يقومون بمهاجمة منزل بدعوى انه يقوم ببيع الخمور البلدية ثم يقتلون طعنا أحدا من قاطنيه !
تم ذلك فى غياب الامن و ازدواجية العدالة المطبقة بين المواطنين مع انتشار التطرف الدينى فى المجتمع الذى يحاول فرض روءاه على الآخرين خارج اطار قوانين الدولة، و بالقوة التى تصل حد القتل !
سلطة ” الانقاذ ” منذ استيلائها على الحكم بانقلاب، ظلت باستمرار تخشى شيئين، الاعلام الذى يكشف سوءتها و تنظيم الجماهير لذلك استخدمت فى مسيرتها العنف المطلق و المنفلت لقمع الجماهير و حجب الاعلام، بالرغم من ادعائها أحيانا الديمقراطية لخداع المواطن.السلطة تلجأ اليوم لنفس المنهج الذى لم تتوقف أصلا من ممارسته، فهى الآن تلجأ لمصادرة الصحف،اغلاقها و منع الصحفيين من الكتابة،اعتقال قادة قوى المعارضة و أفراد الجماهير الثائرة كما فعلت فى الأيام السابقة. بل وصل بها الحد لانزال الجيش ” الفرقة الأولى مشاة ” فى مدنى بدعوى حفظ الامن !
يبدو أننا نشاهد آخر الفصول فى مسيرة حكمها للسودان الممتد لربع قرن من الزمان،ها نحن نشاهد تكوين تنظيم بأسم ” تحالف القوى الأسلامية الوطنية ” أنعقد مؤتمره الأول فى دار منبر السلام العادل لصاحبه ” العنصرى ” الطيب مصطفى صاحب الانتباهة يطالب باستلام السلطة. كما يقولون ” الفئران تهرب من السفن الغارقة “، هذا التنظيم يخرج من نفس جلباب المؤتمر الوطنى وهم يحتاطون للعودة عند سقوط السلطة بطريق آخر ملتو . جدير بذكره هنا ان تكوين هذه الجبهة جاء من عشرين تنظيما لم يسمع بهم احدا من قبل، من بينهما تنظيم منبر السلام العادل و الأتحاد الأشتراكى السودانى ” بتاع السفاح نميرى ” !!
هؤلاء الناس مهما فعلوا للتشبث بالسلطة لا يستطيعون حكم السودان من جديد، بما فى ذلك سعيهم لانشاء أشكال جديدة من التنظيمات و بمسميات أخرى. هم قد استنفدوا امكانية بقائهم و لا يملكون من الرؤى و البرامج ما يؤهلهم لحل قضايا الشعب السودانى. نضيف بأنهم لن يتركوا السلطة طوعا و اختيارا، لذلك ليس من طريق آخر غير ” قلعهم ” و كنسهم من السلطة بكل الطرق المتاحة و المتوفرة !
نتفق معك على اقتلاع هذا النظام االمستبد جملة وتفصيلا .ولكن ان تمارس سياسة الاقصاء وتوجيه اراء الناس فهذا ما لا نرضاه لانك بهذا تتبع سنن من كان قبلك من الانقاذيين .عددت بعض الجهات ووصفتها بانهم يسعون لانشاءاشكال جديدة من التنظيمات ولم تذكر لنا ما خلفيتك انت وبقية ال 18 تنظيم الاخرى .السودان للجميع دون استثناء لا لسياسة الاقصاء وفرض الراي كل شخص له رائية فيما يتصور ويعتقد ولكن عليه ان يعلم ان حق المواطن وحق الوطن خط احمر .ولك كل التقدير ونسال الله ان تكون من ابناء الوطن المخلصين ….