?تجويع الفقراء?.. زيادة مبالغة بأسعار السلع في رمضان

الخرطوم ? رؤى عز الدين
حُكُم، أم لثلاثة أطفال وبنتين، تقوم على تربيتهم بكدها، حيث تعمل بائعة شاي وسط السوق العربي منذ سنوات. درجت على اقتطاع قليل من دخلها البسيط وتوفيره لغرض شراء احتياجات شهر رمضان، بخطتها تلك كانت تتمكن من جلب مستلزمات الشهر الكريم بكل يسر وراحة بال، إلا أن الأمور لم تسر على ذات الموال هذا العام، بسبب الارتفاع المفاجئ في المواد التموينية مع حلول شهر الصيام. بالتأكيد ليست حُكُم وحدها من اكتوى بنار الأسعار هذه الأيام، غيرها كُثر شربوا من الكأس نفسه، لكن السؤال المُلح، لماذا كلما اقترب موسم ديني كرمضان والأضحى يعاني الفقراء من الارتفاع غير المبرر في أسعار السلع المرتبطة به؟
الجشع والحرمان
قطعاً ارتفاع الأسعار في مثل هكذا مواسم لا علاقة له بقلتها أو حتى ندرتها، إنما له علاقة وطيدة بالأخلاق التي حين تنعدم في نفوس التجار ينمو مكانها الطمع والجشع، هكذا شخّص إبراهيم الأمين العلة وأضاف لـ(اليوم التالي): ?تنعدم هذه الظاهرة لدى الشعوب الواعية التي تمتلك وعياً إنسانياً مكتملاً خاصة دول الغرب غير المسلم، ولكنها للأسف تظهر بجلاء في الدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص، لأن التجار فيها وحتى المصانع نفسها تعمد لاستغلال حاجة الناس للسلعة المعنية، فتتم مضاعفة الأسعار بصورة غير عقلانية البتة مما يتسبب في حرمان الفقراء من قطعة الخبز في بعض الأحيان?.
الأخلاق والكرم
المحزن أن استغلال حاجة الفقراء للسلع المهمة في الأوقات المعنية في الدول الإسلامية يقابله، وفقاً لحيدر سالم فيض أخلاقي كبير في الدول غير الإسلامية، حيث يمنح الفقير ما يحتاجه مجاناً أحياناً أو يباع له بزهيد الأسعار مراعاة لحرمة المناسبة الدينية المعينة، ويرى حيدر أن كل تاجر يفعل ذلك حتى ولو كان لا يؤمن بأي دين سماوي، فدافع الجميع تجده أخلاقياً بحتاً. أما في الدول العربية الإسلامية فيكاد التجار يتجردون من الأخلاق وتصير مهمتهم ربحية فقط وفقاً لقواعد الرأسمالية التي نمت على أنقاض خصخصة الاقتصاد وخروج الدولة منه بالكامل، وهذا كله انعكس سلباً على المواطن البسيط فصار ضحية لا بواكي عليه لا من قبل الدولة التي باعت الاقتصاد للتجار، ولا من التجار الذين صاروا لا يتركون فرصة تمكنهم من استنزاف موارد المواطن البسيط.
حل المعضلة
مهما يكن من شيء، فإن مأساة الفقراء ومعاناتهم لن تُزاح من كاهلهم إلا إذا تخلت الدولة عن صمتها وتدخلت في الاقتصاد وصارت تنتج وتصدر وتستورد بحسب حيدر سالم الذي يؤكد أن جشع التجار وركضهم خلف مضاعفة الأرباح مبرر لحد ما حين يتم النظر له مقروناً بما اتفق عليه التجار مع الدولة التي باعت المواطن للتجار.
ويتفق أبو دجانة موسى صاحب بقالة بالخرطوم مع حيدر، حيث يرى أن هنالك زيادة في أسعار السلع كالسكر والدقيق والبلح والشاي والبن سبقت رمضان بيوم واحد، وسوف تستمر حتى نهايته، لتبدأ موجة مضاعفة أسعار مواد وسلع العيد بأنواعها.
اليوم