أخبار السودان

جمهورية البركاوى !!

زهير السراج
* على خلفية وفاة الترابى كتبت مقالا بتاريخ 16 مارس، 2016 تحت عنوان (نعوش فى الطريق)، تنبأت فيه بوفاة ما يسمى بـ(الحوار الوطنى) و(حزب المؤتمر الشعبى) بعد وفاة الترابى، الذى كان صاحب الحوار الوطنى الذى يهابه النظام الحاكم، وزعيم الحزب الذى يطيعه الجميع، ولقد صدق حدسى فالحوار الوطنى مات وشبع موتا قبل حلول اربعينية وفاة الترابى، بل دفن معه فى حقيقة الأمر، إذ لم يتم تنفيذ شئ من توصياته سوى مشاركة بضعة اشخاص من بعض أحزاب الحوار فى الحكومة وتوابعها مثل (البرطمان)، وانتهى بعد ذلك كل شئ، وها هو البشير الذى لم يحضر حتى تشييع الرجل الذى جاء به الى السلطة، يسعى جاهدا الآن لتعديل الدستور بواسطة (البرطمان) الحالى الذى يضم أغلبية من حزب المؤتمر الوطنى (اللاوطنى) ليضمن الترشح لدورة سابعة، خلافا لما جاء فى توصيات الحوار بأن يتم تعديل الدستور بعد الانتخابات التشريعية القادمة!!

* وكما مات الحوار الوطنى، مات (حزب المؤتمر الشعبى) أيضا، رغم وجوده الصورى فى المشهد السياسى، وقريبا سيصدر الاعلان الرسمى بموته خاصة مع الصراعات الحادة التى تدور داخله، بين عدة مجموعات وأفراد لم تعد تطيق بعضها البعض، وسينتهى بها الحال الى لا شئ، أو الهتاف مع الهتيفة والمنافقين (سير سير يا البشير) الذى انتهى عمليا من دولة كان اسمها السودان !!

* قلت فى المقال إن المماطلة فى عقد الجمعية العمومية للحوار الوطني (فى ذلك الوقت)، بالاضافة الى الصراعات التى نشبت بين حزبى المؤتمر الشعبى والوطنى (اللاوطنى) بعد وفاة الترابى مباشرة حول تفسير بعض ما جاء فى وثيقة (المخرجات)، تكشف بكل وضوح أن الحوار قد مات بموت صاحبه، أو في طريقه إلى الموت .. على أحسن تقدير!!

�* أذكر وقتذاك أن اشتباكا بالأيدي كاد يقع في ندوة عن (مستقبل السودان والحوار الوطني) نظمتها الدائرة السياسية بأمانة الشباب في المؤتمر الوطني بقاعة الشهيد الزبير بين منسوبي حزبي “الشعبي والوطني”، بعد اتهامات من القيادى بحزب المؤتمر الشعبي (الناجي عبدالله) بأن الرئيس البشير لم يحضر تشييع الترابي، وسافر الى إندونيسيا لحضور مؤتمر إسلامي هناك بقرار من المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، ورد عليه (حامد ممتاز) الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني بأن الاتهام غير صحيح، وحدثت مشادات بين أنصار الطرفين كادت تتحول الى اشتباكات بالأيدي لولا تدخل سكرتارية الندوة وتهدئة الأوضاع، وإخلاء القاعة من المتشددين!!

�* وقبل تلك الاشتباكات بيوم واحد، عاد الدكتور نافع (بعد عشرة أيام فقط من وفاة الترابي)، لممارسة هوايته المحببة في توجيه الاتهامات، وصب اللعنات على رؤوس الآخرين وكان قد سكت عنها فترة من الزمن بعد ظهور الترابى بقوة على الساحة السياسة برجاء من البشير لانقاذ الوضع المأزم فى البلاد)، ووصف المعارضة بأنها معارضة الغرف المظلمة (وهو يقصد المشاركين في مؤتمر الحوار وعلى رأسهم حزب المؤتمر الشعبي)، قائلاً بأن سهامهم قد طاشت، وفألهم قد خاب (ويعنى بذلك وفاة الترابي الذي كان وراء إبعاده مع بعض النافذين من مناصبهم القيادية في الدولة والحزب)!!

�* وفى حوار مع قناة الشروق وصف القيادى بالمؤتمر الشعبى (كمال عبدالسلام) الذى جُرد من مناصبه الحزبية مؤخرا، الخلافات التى تدور بين (حزب المؤتمر الشعبى) و(حزب المؤتمر الوطنى) بأنها “محاولات من بعض من أسماهم بالأصوات الشاذة لجر حزبه إلى مربع ما قبل الحوار الوطني، وهو ما لن يحدث ابدا”، وها هو نفس الشخص يوجه الاتهامات لحزب المؤتمر (اللاوطنى) بقتل الحوار، ويطالب حزبه بالخروج من الحكومة (بعد إيه)، وليس مستغربا أن يعود بعد يومين ويهتف مع بقية الهتيفة (سير سير يا البشير)!!

�* كل ذلك، مع ما يحدث فى الساحة السودانية، يدل على أن الحوار مات بموت الترابى، وأن حزب المؤتمر الشعبى لم يكن سوى (الترابى)، وأن كل شئ فى السودان صار بيد البشير الذى جاء موت الترابى بردا وسلاما عليه، فنكص عن كل ما اتفقا عليه، وهو مصر على تدمير ما بقى من السودان (إن كان قد بقى فيه شئ)، ودفنه قبل ان يُدفن !!
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..