بحثا عن الاسلام الصحيح

السيستاني الذي أظهر اهتماما لافتا بالقبور لم يكن مكترثا بمصير الإنسان والأرض والعرض يوم وقعت كارثة الاحتلال الاميركي.

ميدل ايست أونلاين

بقلم: فاروق يوسف

يُقال إن الدين والتدين ليسا مسؤولين عما نحن فيه من مآس. فالدين الحقيقي لا يدعو إلى العنف أما المتدين الحقيقي فلا يكون سببا في التهلكة. وهو كلام نظري، نقبل به لكي لا تفسد علاقتنا بالدين ولكي لا تلحق تهمة الارهاب بكل متدين ولكي نكون في منأى من الاتهام بالكفر ومعاداة الدين.

غير أن المتدينيين، وهي صفة صارت توضع دائما بين قوسين لما تنطوي عليه من شبهات، يختلفون في ما بينهم في شروط التدين ووصورة المتدين المثالي. اما الدين فوصفته المطلقة مستلهمة دائما من سلوكهم الذي تحول بحكم ما يرافقه من مرويات ملفقة إلى نوع العقيدة.

من وجهة نظر حزب الله فإن اللبناني الذي يقاتل في سوريا، يَقتل ويُقتل في حرب ضيع أصحاب الحق حقهم أو أجبروا على ذلك هو أقرب إلى الاسلام الحقيقي من الشيشاني الذي يقاتل في العراق، يَقتل ويُقتل في حرب سوداء، سيكون فيها عار الانتصار أكثر خزيا من عار الهزيمة.

هل يملك اللبناني تفويضا دينيا بالقتل حتى الانتحار لا يملكه الشيشاني؟

سؤال هو من وجهة نظر المغيبة عقولهم اما أن يكون دليل جهل بروح الدين أو أنه يخفي موقفا مريبا من الدين.

ولكن هل الدفاع عن نظام بشار الاسد هو جزء من بنيان العقيدة بحيث لا يقتصر على اللبنانيين بل يتعداهم إلى العراقيين والايرانيين والأفغان؟

هناك فكرة مقابلة لا تقل بلاهة او تضليلا. تلك الفكرة التي تقول إن المساهمة في اسقاط نظام بشار الاسد بعد تهديم سوريا وقتل وتشريد شعبها هو واجب شرعي.

أعتقد أن هناك الكثير من السخرية في الافكار الخرافية التي صار حملة الفكر الثأري يدسونها في عقول العامة بإعتبارها بداهات دينية. سأذهب إلى أصعب الامثلة.

يُقال إن حزب الله ما كان يتدخل في الحرب السورية لولا أن هناك خطرا صار يقترب من الاضرحة المقدسة. وإذا عرفنا أن تلك الاضرحة هي مجرد قبور لإناس عاديين، إضفاء أي نوع من القداسة عليهم يمس جوهر الإسلام بضرر فادح يمكننا أن ندرك النبرة الطائفية التي انطوت عليها فتوى السيستاني وهو كبير مراجع الحوزة الدينية في النجف والتي دعا فيها أتباعه إلى الجهاد من أجل درء الخطر عن تلك الاماكن المقدسة.

السيستاني الذي أظهر اهتماما لافتا بالقبور لم يكن مكترثا بمصير الإنسان والأرض والعرض يوم وقعت كارثة الاحتلال الاميركي، بل أنه كان ايجابيا في تفاعله مع المحتل حين اجاز لأتباعه التعاون مع القتلة.

هل كانت خيانة الوطن واجبا شرعيا؟

بالنسبة للبعض من الاصوليين والسلفيين فإن الدفاع عن عائشة، زوجة النبي الشابة التي كانت شخصية اشكالية في التاريخ الاسلامي يتطلب الكثير من الاستعدادات النفسية والثقافية وحتى القتالية كما لو لو أن الاساءة الحمقاء إليها هي بمثابة احداث شرخ في العقيدة الاسلامية. اما كونها أم المؤمنين فهي صفة تُدخل الايمان بالله في قلب الخلاف على التاريخ. وهو ما يمكن أن يجر على الإسلام المزيد من التعاسة.

غير أن هناك مَن يقاوم التاريخ بإسم العقيدة. فبغداد عاصمة الخلافة العباسية التي بناها ابو جعفر المنصور وصنعت في زمن حفيده هارون الرشيد عصرها الذهبي، حين صارت عاصمة الحضارة البشرية هناك اليوم من يسعى إلى الحاقها بزمن المظلومية لينادي بها عاصمة لموسى الكاظم، الرجل الذي توفي فيها مَن غير أن يترك أي أثر فكري يشير إليه.

صحيح أن الرشيد كان بحكم منصبه اميرا للمؤمنين، غير أنه كان رجل دولة استطاعت حضارة العرب المسلمين في زمانه أن تخترق بنورها ظلمات العصور الوسطى الاوروبية. اما الرجل الزاهد والورع والعازف عن الدنيا موسى الكاظم فلا أثر يذكر له في مسيرة الحضارة الإنسانية.

هناك الكثير من الخلط بين ما هو ديني وما هو تاريخي، بين ما هو طائفي وما هو من أصول العقيدة، يُراد من خلاله أن تحل السياسة محل الدين، فتحل معركة الجمل التي كاد المسلمون فيها فنون عن بكرة أبيهم محل فتح مكة المبين. يحدث كل ذلك الخلط في ظلال الادعاء الكاذب بالإسلام الصحيح.

فاروق يوسف

تعليق واحد

  1. لقد استمتعت كثيرا بقراءة مقالك وسعدت كثيرا بما فيه من تجرد وحياد وموضوعية في نقد كل طرف من اطراف “المختلفين”موضوع المقال وفهمت اشارتك بانه ثمة تعطيل للعقل وتغييب للنظر والبصيرة ومتابعة مقدمين اقل يوصفون به الجهل والظلامية؛ يقودون اتباعهم من مشاعرهم لامن عقولهم.ولكن اسمح لي اخي الكريم ان ابدي بعض التحفظات على بعض العبارات التي جاءت في فقرة من فقرات المقال وهي
    1-وصفك للسيدة عائشة بالزوجةالشابة للنبي المثيرة للاشكالات .فان قولك هذا اعطى احساسا بالميل الي تصديق ما قذفت به من افك بطبيعة مرحلتها العمرية ومعلوم بالضرورة براءتها الذي جاءقرآن يتلى الى يومناهذا ومعلوم بالضرورةان ما جاءفي القرآن يجب ان يكون معتقدا بالاصالة
    2-استنكارك لموقف من سميتهم بالاصوليين والسلفيين من اعتبار تناول السيدة عائشةبالسوءشرخافي العقيدةوهواستنكارليس في مكانه لان اقل ما توصف به انها صحابية والصحابة مزكون جميعا من قبل رب العباد هذابالاضافةالي خصوصيةانهازوج النبي الطاهر الزكي الذي لايمكن ان تكون زوجه الاطاهرةونقية(الزاني لاينكح الازانية اومشركةوالزانيةلاينكحهاالازان اومشرك وحرم ذلك على المؤمنين)ولاشك ان الاساءةالى عرض عائشةاساءةللنبي وذاك شرخ في العقيدة كبير.
    قلت هذا ما استشعرته مما جاء في الفقرة المشاراليها وقد اكون مخطئا ولكن قد يشعرقارئ بماشعرت به فيضيف اليه ما كتبت فائدة
    ولك يا استاذي العتبى ان اسأت فهم مقصدك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..