يبدو اننا بدأنا نفهم .. أخيرا !

مواصلة لمقالى السابق حول القرار والرد بالدولار..أقول:
بدأت القصة منذ 1947 ، وطوال ذلك الوقت ظلت الولايات المتحدة تعمل علنا على تأييد اسرائيل واسقاط كل المحاولات لحل القضية على اساس عادل ، ومع ذلك ظلت أغلب الدول العربية والاسلامية تضع كل البيض فى سلة الولايات المتحدة . وللذكرى :
– 1956 ، عارضت الولايات المتحدة التدخل الحربى الثلاتى ? بريطانيا ، فرنسا ، واسرائيل ، وقد كان ذلك هو الطعم الذى دخلت به امريكا الى المنطقة لترث املاك الاستعمارين الغاربين لبريطانيا وفرنسا .
– فى حرب 1967 ، كان موقف الولايات المتحدة مكشوفا فى تأييد الجانب الاسرائيلى .
– فى حرب 1973 ، كانت الولايات المتحدة هى المنقذ لاسرائيل من هزيمة بدت بشائرها واضحة للعيان .
– منذ ذلك الوقت ، وبعد ان أقررنا بوجود 99% من اوراق حل القضية بيد الولايات المتحدة ، وقضية المفاوضات بقيادة الولايات المتحدة لاتراوح مكانها وانما تذهب الى الوراء . حتى جاء اليوم الذى يوقع فيه السيد ترامب ببجاحة ضم القدس لاسرائيل ، ضد كل القوانين والاعراف والمنطق.
الولايات المتحدة كانت دائما واضحة وصريحة فى مواقفها ، لأنها قد تأكدت تماما من اسلوبنا فى معالجة الامر ? بل الامور كلها- فورة عارمة تستمر يوما او اسبوعا اوحتى عاما ، لكنها دائما تنتهى الى لاشئ .وهل أكثر وضوحا لموقف الولايات المتحدة من كامل منطقتنا ، من موضوع الفوضى الخلاقة الذى نشرت نظريته من كل المسئولين فى البيت الابيض وخارجه ، ثم نفذ على الارض حربيا ومؤامراتيا وداعشيا ؟! لم نسال انفسنا : لماذا يحدث هذا ؟
ليس ذلك قدرنا ولا هو بسبب طبيعة شعوبنا ، وانما هناك اسبابا موضوعية لاننتبه لها ، واذا لم نزيل هذه الاسباب فسيظل الحال على ما هو عليه الى الابد .
نحن مقيدون بعدة قيود تمنعنا من التقدم لاكثر من المواقف المتكررة :
أولا : فلوسنا لدى الطرف الآخر ، الذى يستخدمها فى تنمية اقتصاداته وفى مساعدة عدونا بالقروض والسلاح . ونحن نرتعد هلعا من ان الطرف الآخر قد يصادر ما يتبقى لديه بعد التصرف فى جله لمصلحته ومصلحة حليفه الاوحد !
ثانيا : طعامنا ودواؤنا واجهزتنا فى المطبخ وفى المصانع والمكاتب .. الخ تأتينا من هناك . ولذلك فاننا نرفع شعارات مقاطعة السلع ولكننا لانستطيع فعلا !
ثالثا :نحن فى كثير من الاحيان نعادى اصدقاءنا ونستمر فى مصادقة اعدائنا . المثل الصارخ لهذا هو موقفنا من الاتحاد السوفيتى ? الملحد ? رغم المساعدات الى قدمها لنا ووضع كل الاوراق فى يد العدو ، الذى لايستطيع احد اليوم ان يمارى فيه مراءً ظاهرا أو خفيا . والذى حدث فى تلك الحالة هو ان الاتحاد السوفيتى ترك ليسقط بفعل العدو الذى كان يجب ان يعتبر مشتركا ، ثم عدنا بعدها لنقول : انتهى زمن القطبين السعيد واستفرد بنا العدو !
ولأدلل على صحة هذه الاسباب المانعة من اتخاذ المواقف الصحيحة تجاه الاعداء والاصدقاء ، اشير الى الموقف المصرى هذه المرة :
أولا : مواقف مصر فى السياسة الخارجية التى أجبرت الولايات المتحدة على التراجع من كثير من مواقفها السياسية والاقتصادية المعادية . فقد تراجعت فى موضوع الامداد بانواع معينة من الاسلحة الضرورية لمحاربة الارهاب ، كذلك لم تستطع منع المنظمات الدولية من بذل القروض لمصر ..الخ
ثانيا :العمل الجاد فى مجالات التنمية الحقيقية ، من توفير مصادر محلية وخارجية للقمح ، وتنمية مصادر الطاقة محليا ، بالاضافة الى الجهد الكبير فى مجال توفير السلع الاستهلاكية . وكانت النتيجة ان أعلن قطاع الدواء فى مصر مقاطعة الدواء الامريكى .
ثالثا : بروز دور مؤسسات الدولة غير الحكومية . فلأول مرة نرى موقفا قويا مستقلا للازهر وكذلك وزارة الاوقاف .
وعل أى حال ، فان اسرائيل لاتتفوق علينا فقط بسبب دعم الولايات المتحدة ، بل ايضا لاسباب موضوعية كثيرة ، منها على سبيل المثال :
– الديموقراطية ، التى تجعل رئيس وزراء سابق يدخل السجن لثبوت رشوة بالآف الدولارات (فقط! )، ورئيس وزراء حالى يحقق معه ست مرات حتى الآن لنفس السبب ، ولعل هذا أحد اسباب هروبه سياسيا للخارج ، كما فعل صديقه ترامب !
– التطور الهائل فى مجال العلم والاكتشافات العلمية وكذلك كل ضروب التنمية برغم شح الموارد الطبيعية .
وأخيرا ، فان الفرصة الآن تلوح لفرض حل نهائى للقضية بأكملها : دولة فلسطينية كامة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية :
– موقف موحد تماما للفصائل الفلسطينية .
– موقف موحد للدول العربية .
– موقف موحد ، ولأول مرة للمجتمع الدولى ، الذى عزلت امريكا نفسها عنه .
– المنطقة تتعافى تدريجيا من محاولة التقسيم الامريكية لصالح اسرائيل.
على ان تستمر هذه الماقف هذه المرة !