بـــــدأت أمــــس .جنوب السودان وجولة «الإيقاد» .. «الحكمة سيدة الموقف»

الخرطوم : اسمهان فاروق
لا يزال الحديث عن احتمال وجود تسوية سياسية جديدة تعيد خريطة الاستقرار السياسي والأمني في دولة جنوب السودان حاضرا في كافة المنابر باستثناء الرسمية منها لكونها تدخل ضمن معادلات موقف حكومة دولة الجنوب برئاسة سلفاكير ميارديت ونائبه الأول تعبان دينق قاي الرافض لبروز أي اتجاه يعيد النظر في اتفاقية السلام التي بموجبها تم تعيينه في منصبه عقب خروج رياك مشار زعيم المعارضة المسلحة والخصم التقليدي للرئيس سلفاكير من البلاد.
بالأمس بدأت الجولة التي اعلن عنها رؤساء دول وحكومات منظمة الإيقاد في يونيو الماضي لاجراء لقاءات مع الموقعين على اتفاقية سلام جنوب السودان لبحث سبل تنشيط عملية السلام، حيث اتفق زعماء الإيقاد في قمة يونيو على ادراج جميع المجموعات المتنافسة بجنوب السودان في المناقشة الرامية إلى استعادة وقف دائم لإطلاق النار.
«الايقاد» ..جولة للحل
وابتدر وزراء خارجية كلا من السودان الدكتور ابراهيم غندور و كينيا امينة محمد ووزير خارجية اثيوبيا ووركنيه جيبيهو، أمس جولتهم بجنوب افريقيا للقاء زعيم المعارضة بدولة الجنوب د. رياك مشار في مكان احتجازه ضمن عملية لتنشيط سلام الجنوب ،فيما سيجري وفد اخر لقاءات مع بقية الخصماء على ان تختتم اللقاءات بين وزراء الخارجية ورئيس دولة الجنوب سلفاكير ونائبه الاول تعبان دينق الاسبوع المقبل للتوصل إلى حل ينهي الأزمة التي تنزلق فيها الدولة الوليدة ، على ان تبدأ المشاورات في الثالث عشر من أكتوبر الحالي وتنتهي بعد أربعة أيام، مع التشاور مع قادة حكومة الائتلاف في جنوب السودان أولا.
وبحسب متابعات «الصحافة» تضم المشاورات بالاضافة الى د. رياك، وزير الزراعة السابق لام أكول والأمين العام السابق للحزب الحاكم باقان أموم والرئيس السابق للوجستيات في الجيش الجنرال توماس سيريلو، كما سيجتمع فريق «ايقاد» مع أعضاء جماعات المجتمع المدني والقادة الدينيين خلال مشاوراتهم بشأن عملية السلام.
عرض لتنحي سلفا
وفي الوقت الذي تتحاشى فيه حكومة الجنوب التعرض للتسوية المحتملة التي تحركها ضغوطات إقليمية ودولية ظهرت تسريبات من الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا «إيقاد» -التي لعبت دور الوساطة في سلام جنوب السودان- تلمح إلى تسوية جديدة تبعد سلفاكير عن السلطة وتقترح أسماء بديلة له.
وكشف تقرير مسرب ان واشنطن التي سعت بكل ما تستطيع لانفصال الجنوب عن السودان تتجه حاليا لتقديم عرض لرئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت للتنحي عن حكم دولة الجنوب مقابل خروج واقامة امنة في ولاية تكساس الامريكية هو واسرته.
ومضى التقرير موضحا دوافع زيارة مبعوثة الرئيس الامريكي «ترامب» الى الجنوب السفيرة نيكي هالي خلال الشهر الحالي وعن شكل العرض الذي ستقدمه الى «سلفا» ، مشيرا الى ان العرض المقدم لسلفاكير يعد الفرصة الاخيرة من واشنطن لرئيس دولة الجنوب وبعده ستتخذ قرارات من داخل مجلس الأمن.
واشتمل عرض واشنطن على منح سلفا مزرعة بتكساس تحوي قصرا اكبر من منزله في نيروبي وتتضمن رؤوسا من الماشية وحسابا مصرفيا.
وألمح التقرير الى تهديد مبطن من واشنطن لرئيس دولة الجنوب بانه ان الاوان لخروجه حتى يتحقق السلام العادل في الجنوب، واعلن عن وجود خطة اطلق على الخطة «ب» حال رفض سلفاكير للعرض.
رفض «جوبا»
وعلى فورها عبرت حكومة جوبا عن استنكارها لما حواه تقرير واشنطن ،معلنة عن رفضها لعرض «ترامب»، ونفى سفير دولة الجنوب بالامم المتحدة اكوي بونا ملوال تلقيه معلومات بشأن العرض الامريكي، وقال انه من السخف ان تقدم واشنطن عرضا بهذا الكيفية ، وزاد قائلا ليس من حق الادارة الامريكية ابعاد أي رئيس شرعي في بلد ذي سيادة.
«سلفا » التملص من اتفاق السلام
الرئيس سلفاكير نفسه بدا مغردا خارج سرب واشنطن وهو يؤكد خلال كلمة بثها تلفزيون جنوب السودان الأحد الماضي إن الحوار الوطني سيكون فرصة للشعب للبت في عدد الولايات، مؤكدا أن الحوار يهدف إلى معالجة القضايا التي تجاهلها اتفاق السلام الموقع 2015
سلفاكير قال إن الحوار الوطني يهدف إلى تسليط الضوء على أي خلافات متبقية لم يتم تناولها في اتفاق السلام وان الشعب يمكن ان يوصي بأي نوع حكم يرغب فيه عبر الحوار الوطني وكيفية تشكيل حكومات الولايات وهل هم بحاجة إلى مزيد من الولايات وغيرها من القضايا.»، وقطع زعيم جنوب السودان بان هذه العملية ستمهد الطريق لتحقيق الوحدة والسلام في البلاد، وزاد قائلا إن الغرض من اتفاق 2015 مع المتمردين من الحركة الشعبية بقيادة مشار والجماعات الأخرى هو جمع الأطراف المتحاربة معا لإسكات المدافع في البلاد التي تنزلق في حرب أهلية.
وجدد القول بأن اتفاق السلام الذي توسطت فيه منظمة الإيقاد لم يكن «اتفاقا جيدا» وقد فرضه الغرباء الذين أرادوا توقيعه في 17 أغسطس 2015 لكني لم أوقع وقلت بأنني سأوقع على هذا الاتفاق في البلاد بعد التشاور مع شعبي وعدت إلى جوبا وأجريت مشاورات مع المجموعات المختلفة وبعد ذلك دعوت قادة الإيقاد إلى جوبا .
حل وسطي
وبدا واضحا ان سيناريو الفرص المتاحة لخروج دولة جنوب السودان من أزمتها الدامية لا يبتعد كثيرا من احتمال فرض وصاية دولية او احياء اتفاق السلام الموقع بين الرجلين او اقصاءهما من المشهد .
ولعل نشر قوات دولية وان كان مقبولا عند البعض فى جنوب السودان الا ان هناك من يرفضه وهو ما يفتح الباب واسعا امام استمرار التعقيد . قيادة جنوب السودان ممثلة فى رئيسها وراكان جيشه فى اكثر من مناسبة اعلنوا رفضهم لاى شكل من اشكال الوصاية على جنوب السودان.
مراقبون حذروا من مغبة ابعاد اى من الرجلين من المشهد عطفا على الثقل القبلى لكليهما ، ومضوا الى ان أي بدائل أو محاولات لتنحي رئيس دولة الجنوب أو ابعاد زعيم المعارضة د. ريال مشار من الحكم تعني لا نهاية للحرب ، ورأوا ان الحل التوفيقي بين كافة الفصائل الاوفق لوقف سيل الدماء، فى اشارة منهم لاتفاق السلام الموقع بين الطرفين فى العاصمة الاثيوبية اديس ابابا مايو 2014
«الجنوب دولة وليدة وكانت القارة الافريقية تأمل بان تكون نموذجا للتنمية ولكن الحصاد كان القتل والدمار بسبب الصراعات القبلية والاثنية» ـ هذا ما قاله الكاتب والمحلل السياسي عبد الله ادم خاطر .
خاطر يري ان الحل الامثل ليس خروج سلفاكير من الحكم ولكن التصالح عبر الاطار الافريقي يعد الحل الامثل. وزاد في حديثه مع «الصحافة» أي خروج لاي طرف يعني مزيدا من الصراعات بين القبائل.
وأمن على ذلك الخبير الاستراتيجي في الشأن الخارجي الرشيد ابو شامة بقوله ان الجولة التي تقود بها دول الايقاد يمكن ان تكون ناجحة في حالة واحدة هي ان تكون اجندة الحوار مرضية كافة الفصائل المتناحرة اولا.
وقال لـ«الصحافة» ان سلفاكير سبق وان رفض العرض الامريكي بالتنحي و اجباره يعني اندلاع حرب قبلية واثنية بعيدة المدي، وزاد ان حل المشكلة يمكن في التوصل لاتفاق وسطي اولا ثم تعديد الحكم الى فيدرالي ليشمل كافة الاطراف المتناحرة ،ثانيا ثم تقسيم البترول فيدراليا على ان تقدم اطراف الصراع تنازلات لانه من الصعب ارضاء كافة الفصائل.
تجدد الصراع
استمرار الاشتباكات بين الفصائل المتناحرة فى جنوب السودان ظل عنوانا تتناقله وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية على نحو اضفى الضوء على جولة دول الايقاد التى يعول عليها كثيرا كوسيلة لحل الأزمة فى جنوب السودان التى تسببت فى فرار أكثر من مليون شخص منذ اندلاعها ديسمبر 2013 ، وقتل عشرات الآلاف من المواطنين في أسوأ أعمال عنف تشهدها الدولة الوليدة منذ انفصالها عن السودان 2011م.
الصحافة.