الطريق إلى البوكس..!ا

منى ابو زيد

«لا يستطيع الكتَّاب أن يكتبوا بالسرعة التي تشعل فيها السلطات المشاكل، فالكتابة تحتاج إلى بعض التفكير».. برتولت بريشت!

على الطريقة اليابانية طالع قراء الصحف ? قبل أيام – خبر اعتذار السيد والي الخرطوم عن حادثة اقتحام مواطن – كان في خلوة شرعية مع زوجته – وجرجرتهما إلى قسم الشرطة، بتهمة ممارسة أفعال فاضحة، برغم إبرازهما قسيمة الزواج.. ثم نشرت صحيفة «القرار» – بعدها بأيام – حواراً مع المواطن صاحب المظلمة، قال فيه إنه قد سمع كغيره بخبر اعتذار السيد الوالي، ولم يحدث قط أن التقى السيد الوالي أو دار بينهما أي حوار من أي نوع..!

فيمّ الاحتفاء إذاً؟!.. بمطلق فعل الاعتذار.. فموقف اعتذار المسؤول – الجديد على ثقافتنا السياسية – ملأ الصحف وشغل مساحات كثيرة اجتهدت في تحليل الاعتذار (الظاهرة).. فتحقق القصد من ورائه تماماً.. ولكن وبقيت مظلمة المواطن – الأولى بالاعتذار – قائمة، لا جديد بشأنها..!

ثم، ما الذي يجمع السودان واليابان سوى انتهاء اسم كل منهما بحرفين متشابهين، ورحابة الانتماء الإنساني الجليل.. لا شئ يذكر! .. أما «لماذا» فذاك هو الاستفهام التقريري المفروغ منه! .. فحقوق المواطنين في اليابان هي «مما لا شك فيه»، أما أخطاء السلطة التنفيذية عندهم فهي «مما شك فيه» ونص وخمسة! .. والنتيجة صداقة قوية بين الدولة والمؤسسات، وسلوك حكومي قائم على آداب وأخلاقيات راسخة، أولها وأولاها أدب الاعتذار .. فالاستقالة .. ثم الانتحار إذا لزم الأمر .. بينما في بلادنا لا تنتحر سوى القوانين – على الطريقة السودانية -عندما ترتمي نصوصها تحت عجلات النفوذ ..!

نهائية أحكام القائمين على تنفيذ إجراءات القبض والتفتيش مُحيرة.. حيث يحكم مواطن ينفذ القانون على مواطن مشكو ضده بأن يجرجر إلى أقسام البوليس بتهمة فعل لا يليق خلف باب مغلق، رغم وجود قسيمة زواج.. ولكي يحدث هذا يتم خرق قانون الإجراءات الجنائية بالقفز من أسوار المنزل لتنفيذ الإجراء..!

وهكذا أصبح البعض قضاة متجولين، يوزعون صكوك العفو وفرمانات العقاب لأن السلطة التقديرية الممنوحة لهم كبيرة.. والمشكلة أن أي جنوح نحو إساءة استخدامها جهلاً أو عمداً لا يعني إزعاج المواطن بتداعيات بلاغات كيدية فحسب، بل انتهاك مقدسات إنسانية عُظمى (الكرامة والحرية وحُسن السمعة ونظافة السيرة).. فالقانون دوماً بيِّن ولكن في آليات تطبيقه أمور مشتبهات.. يكفي أن ما بين لحظة ركوب البوكس وساعة الخروج من بوابة الشرطة.. مسافة تقييم شاسعة تنتهي بإهدار الكرامة وإشانة السمعة وتمكين الخطأ بعدم المحاسبة..!

لماذا يهزم الفساد خطط الحكومات لمحاربته، عوضاً عن أن تهزمه القوانين؟!.. لأن «هزيمة الفساد – كما قال أحد الساسة المفكرين – شبه مستحيلة في دول تشجع تقاليد الحكم فيها بعض منسوبيها على الإفلات من مسؤولية أفعالهم»..!

الراي العام

تعليق واحد

  1. الم يسمع هؤلاء اختي منى بقصة الشباب الذين كانوا يعاقرون الخمر مع سيدنا عمر ، حين اخبروه انهم عصوا الله مرة إلا انت يا عمر فقد عصيته مرتين فالله قال لا تجسسوا فانت تجسست علينا ، ورب العزة قال اتوا البيوت من ابوابها وانت جيتنا طاير بفوق الحيطة. الى متى نظل مستباحين هكذا.

  2. إنتي يا منى بت أبوزيد عينك للفيل تطعني في ضلو .. أي فساد هذا الذي يهزم خطط الحكومه وأي قوانين تشجع على الإفلات من الملاحقه ومن قال أصلاً أن هناك خطط لمحاربة الفساد بل العكس حكومتنا ( الرشيده ) متمثله في رئيسها تشجع المفسدين وتحميهم وتدافع عنهم وتكافئهم بفسادهم وحالات مثل هذه كتيره ومسيخه ومعروفه للداني والغاصي والآن بدلاً من أن ينصب جام غضبك على الوالي نفسه وعدم إعتذاره جايه تقولي خطط حكومه وهزيمه وإفلات من القوانين وبطيخ ؟؟؟؟؟

  3. هولاء هم اصحاب المشروع الحضاري ؟
    مقالك ممتاز وبة اشارات واضحة ومفيدة لهم ولعلهم يعقلون اما الانتهاكات في علي قدر من يشيل ولاحولة ولاقوة للمواطن تجاة هولاء الرباطة والمتجاوزون لكل الاعراف

  4. لو كان الكتاب يكتبون فقط عن المشاكل فلاولى لهم ان ينتحروا كما تنصحيين؟ الكتاب يجب ان يكون هم اعلى معرفة بهموم المواطن البسيط وحلقة الوصل بينه وبين اصحاب البروج العاجية من كروش السلطان والكتاب يا سيدتي هم اصحاب رائ وشوري يوخذ منهم وكما يبين من كتاباتك الفنتازية لا تعرفين غير لغة النغد . نحن هرمنا من الناقدون و عدمنا من الذين يعرفون ان يرسمون الطريق للعامة لذلك جواهل القوم من العسكر يقودوننا

  5. فى بلادى اذا عندك اى خلاف مع وكيل عريف فى النظام العام انصحك ان تطلب منه العفو والصفح والغفران والا يبهدلك ويملطشك ويعمل فيك العايزو . بلاغ كاذب ويسلط عليك (الزميل )والزميل كلمة مقدسة بين افراد قطيع الشرطة لا يستهان ةبها . الله يكون فى عون شعبى

  6. اتمنى من والي الخرطوم ان يسجل زيارة لهذا الشاب لجبر الخاطر المكسور وتقديم دعم مادي يغير من وضعيته الاقتصادية السيئة الى نحو افضل وبهذا قد يقفل هذا الجرح الغائر في دواخل الشاب وزوجته

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..