آن الأوان للأتحاديين أن يتحدوا

قضايا ليست كذلك

لاشك أن ازمة السودان الوطنية والسياسية قد تفاقمت للمستوى الذى لا تنفع فيه الحلول التقليدية، بل تحتاج لقراءة علمية متأنية لجذور الأزمة وتداعياتها على المديين القريب والبعيد للخروج بالوطن لوضع آمن يجنبه ويلات الأنقسام والأستقطاب الحاد الموجود الآن فى المجتمع السودانى بسبب سياسات الأنقاذ الأيدولوجية لا الوطنية على مدى ثمانية وعشرون عاماً قد هدت فيها كثير من المرتكزات التى يمكن أن يبنى عليها لتغيير النظام بالطرق التقليدية التى أعتمدها الشعب السودانى فى مساره السابق لأسقاط النظم العسكرية الديكتاتورية. وحدة الصراع وشدته مع أنقسام المجتمع السودانى وأأستقطابه فى جهات متعددة مع توفر السلاح والحروب قد لا تكون مفيدة حتى ولو أدت لأسقاط النظام وقد تؤدى الى فوضى بعد أن هدمت الأنقاذ كل المنظمات التى كانت تربط النسيج الأجتماعى السودانى من أحزاب وطرق صوفية وأدارة أهلية ومنظمات مجتمع مدنى حديثة ممثلة فى النقابات والروابط الأجتماعية. وبالنظر الى كيف يتسنى لحكومة ما بعد أسقاط النظام حكم وأدارة وطن وهو فى هذه الحالة من الأستقطاب وأنتفاء الأنتماء الوطنى للسودان ككل واحد؟ هذه اسئلة واوضاع نتحتاج لتحليلها بصورة متانية من منطلق وطنى لا حزبى ولا أيدولوجى لنرى كيف نعبر بالوطن الى بر الأمان فى وحدة كاملة وتواثق على القضايا الوطنية وحلولها بأجماع غالب والآ سندخل الوطن فى فوضى لا تبقى ولا تذر. وأى التفاف حول شعارات ثورية أو راديكالية والتى قد تجد هوى عند النفس المظلومة والمقهورة فلن تؤدى الى حل مستدام للقضية الوطنية وستغرق الوطن فى دوامة ليس لها مخرج.
كل هذه المقدمة قصدت بها الأتتحاديين خاصة والذين أنا جزء منهم وبقية القوى السياسية عامة والشعب السودانى ككل. وكما كتبت من قبل أنه لن يتم أسقاط هذا النظام جماهيرياً وبثورة دون وحدة الأتحاديين ونبذهم للفرقة والشتات والأنقسامات والتنابذ بالألقاب ويحدث كل ذلك بوضع اليد دونما قرارات مؤسسية أو أنتخاب ديمقراطى مؤسسي وأنما تحلق حول قيادات افتقدت البصر والبصيرة الوطنية فى كل الفصائل والأحزاب الأتحادية. وقلت أنهم القادرين على أحداث التغيير أذا توحدوا لأنهم يمثلون الطبقة الوسطى والطبقة المستنيرة والمتعلمة فى الشعب السودانى وأنهم هم المحيطين بمركز السلطة فى الخرطوم لأن معظم جماهيرهم من وسط وشمال السودان ولذلك فعلهم وحراكهم مؤثر اكثر من أى قوى سياسية أخرى. ومع ذلك ليحدث التغيير وهم جزء أساسي منه لابد أن يكون ما أوردناه فى الفقرة الأولى من هذا المقال هو مستندهم الفكرى والوطنى. وليحدث التغيير بألتفاف الشعب السودانى لابد من تقديم برنامج بديل لحكم السودان مقنع لجماهير الشعب السودانى بخارطة طريق واضحة شاملة لكل مقومات تطبيق هذا البديل لئلا يكون شعارات تذروهها الرياح. ولا بد أيضاً من قيادات تثق فييها جماهير الشعب السودانى وأنها هى القمينة على تنفيذ ما وعدت به وفى هذا لابد للآتحاديين من تقديم قيادات صادقة مناضلة نزيهة وأمينة على قضايا الوطن وأكثر تجرداً وأمانة ونزاهة فى الحق العاام.
الآن هنالك حراك متسارع فى الساحة الوطنية والسياسية السودانية سواءاً داخلياً لأحداث التغيير ثورياً او الخروج بتسوية سياسية يقودها المجتمع الأقليمى والدولى والساحة السياسية منقسمة تجاه المخرجين والأتحاديون بالذات أكثر أنقساماً تجاه الحلين وأيهما أنجح للشعب السودانى بأقل الخسائر. وفى كل هذا الأتحاديون لا فى العير ولا فى النفير لكل ما يجرى حول الأزمة السودانية. ومن وجد منهم كفصائل أو أحزاب فى موقفى المعارضة ليس لهم أى تأثير فى خلق الموقف الذى يحقق طموحات الشعب السودانى. لا يمكن لحزب له كل هذه القاعدة الجماهيرية الفاعلة وتاريخ ثر حقق به الأستقلال وقيادات من الرعيل الأول تجد المحمدة من كل جماهير الشعب السودانى وموقف صلب فى مناهضة الأنظمة العسكرية الشمولية أن يكون فى حالة يرثى لها من الأنقسام والتشرذم والسلبية فى أحرج الأوقات التى يمر بها السودان ومهدد بأن يكون أو لا يكون وشبح أنقسامه وتجزئته لدويلات صغيرة الكل يراه رأى العين أن لم نتداركه. والمسئولية الكبيرة والعظمى تقع على عاتق الأتحاديين لأن أسم حزبهم مشتق من الوحدة وهم المناط بهم الحفاظ على ما تبقى من وحدة السودان. ولكن كيف يتسنى لهم الحفاظ على وحدة السودان وهم لم يستطيعوا أن يحافظوا على وحدتهم ووحدة حزبهم؟ هذه اشياء يجب أن يفكر فيها الأتحاديون بعقل وتأنى وبصيرة بعيداً عن الراديكالية والديماجوجية حتى يتحدوا ويعبروا بالوطن الى بر الأمان.
لتتم وحدة الأتحاديين يجب أولاً تجاوز كل الخلافات التى أدت للأنقسام سواءاً مبدئية أو مواقف أو غيرها بما فيها المشاركة فى هذا النظام أو عدمه لأن هذه هى العقبة الكأداء التى يجب أن نتجاوزها من أجل وحدة الأتحاديين. وكلا الموقفين نتيجة لأجتهادات كل فريق مبرراته ومع ذلك ليس هنالك فريق أو فصيل أو حزب أتحادى له شرعية مؤسسية أكثر من الشريف زين العابدين الهندى الذى أنتخب اميناً عاماً على ضوء مكتب سياسي تأثثيى متوافق عليه بعد أنتفاضة ابريل 1985م وشرعية واحد وستون نائباً فى الجمعية التاسيسية فى حكومة الديمقراطية الثالثة. وهذا أجتهاده يحاسب عليه بواسطة المؤتمر العام عند قيامه أو بواسطة المكتب السياسي الذى أنتخبه أذا اكتمل نصابه أو نواب الجمعية التاسيسية المنتخبين بواسطة جل الأتحاديين. وأسأل لماذا لم يخرج الأتحاديون أو ينقسموا على الشريف حسين الهندى عندما وقع أتفاقاً مع سلطة مايو وقال لن يرجع ألا بعد تنفيذ الأتفاق وبنود الأتفاق موجودة لمن أراد أن يبحث عنها لم تختلف كثيراً عما أتفق عليه الشريف زين العابدين مع سلطة الأنقاذ والذى لم تنفذه كما أنه لم يخرج عندما لم ينفذوه والسبب فى ذلك بعض الأجندة الخاصة للشريف زين العابدين الذى فشل فى أقناعنا بأستمراريته مع الأنقاذ برغم أنهم لم يلتزموا بتنفيذ ما أتفق به معهم وهذا الأمر سنعود له فى مقالات أخرى متواترة بأذن الله.
من أجل الهدف الأسمى وهو أنقاذ الوطن يجب أن نتجاوز الخلافات الحزبية والأنقسامات والأنشقاقات الحزبية لأن المستفيد أولاً وأخيراً من هذا الوضع الحزبى والوطنى هو نظام الأنقاذ الجاثم على صدر الشعب السودانى دون أرادته. ولو تفكرنا ملياً وعرفنا أن الحزب هو وسيلة والغاية هى الوطن لما كانت هذه حالنا من التشرذم والأنقسام ليقيننا أن الوسيلة غير السوية لن تنتج غاية سوية. وأحزاب منقسمة ومتشرذمة لن تنتج وطناً واحداً موحداً. ولهذا من أجل وحدة الأتحاديين وحزبهم أدعو لتجاوز أمر المشاركة فى نظام الأنقاذ من عدمه للمؤتمر العام ليقول كلمته الفاصلة بعد وصولنا للمؤتمر كوحدة واحدة وليقنع كل من يريد المؤتمرين بوجهة نظره وألا ستكونون قد أرتكبتم الجريمة الكبرى فى حق الوطن. ولهذ ادعو الأخوة فى الأتحادى الديمقراطى والأتحادى الديمقراطى الأصل بشقيهم والحزب الوطنى الأتحادى الموحد والحزب الوطنى االأتحادى وحزب الأتحاد الديمقراطىى الليبرالى وحزب الأتحاديين الأحرار وحزب الحركة الأتحادية لتنادى والألتقاء مع بعض للخروج بلجنة مشتركة تدعو للمؤتمر العام بأسم الحزب الأتحادى الديمقراطى لأته أول الأحزاب الأتحادية المسجلة كما أن المؤتمر تحت رايته قد يوقف معاكسات الأنقاذ لقيام المؤتمر العام خوفاً من أن يكون خصماً عليه وبعد ذلك الحشاش يملأ شبكته فى المؤتمر. وأذا المعارضون للأنقاذ والذين يععملون لأسقاطها أستطاعوا أن يقنعوا المؤتمرين بوجهة نظرهم ويخرجوا بحزب وأحد قوى ينزلون به الساحة السياسية فأن عمر الأنقاذ سيكون قليلاًً وقد يخرج البديل الذى يعيد السودان لمكانته المحلية والأقليمية والدولية. وانى لعلى يقين أن أصحاب الرؤى الثورية والراديكالية والمتبنية للفكر اليسارى سيملآون الدنيا ضجيجاً بعد هذا المقال وسيملآون الأسافير اسفافاً فى حق كاتبه ولكن المثل عندنا يقول الكلب ينبح والجمل ماشى والحمد لله قد تعودت أن أصدح بما أومن به ولا تهمنى لومة لائم ما دمت أرى ما قلت أنه الحق الى أن تثبت لى الأيام والتجربة أنه باطل وما تعودت الأصرار على التمادى على الباطل متى ما ظهر لى بطلانه. الأتحاديون الآن خارج أى حل يحدث للقضية الوطنية سواءاً بالثورة والأنتفاضة أو بالتسوية السياسية. الا اللهم قد بلغت فاشهد.

بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. التحية ليك ولابواتنا و اعمامنا الذين توفوا وفي حلوقهم مرارة الهزيمة. فليرحمهم الله و نتمنى ان نعمل عملا يريح ارواحهم.لم تذكر كيف يمكن عقد مؤتمر ديمقراطي نزيه بدون فرض ناس ” امعة” لاغراق المؤتمر كممارسة الانقاذ في حوار الطرش الجاري الان.

  2. الحزب الاتحادي اسم أصبح في ذمة التاريخ ولم يتبق فيه إلا جماهير الطائفة الختمية وهي مجموعة منقادة لسيدهاالميرغني المستكين استكانة قسرية في لندرة ولن يستطيع بعد ممارسة العمل السياسي خاصة بعد خيبة العودة إلى البلاد عام 2008 م، والرجل كان يمني النفس أن تتصدق عليه الحكومة بوزارتين يقضي بهما أموره الخاصة كما حدثنا أحد اللصيقين بسيادته. عليكم با يروف أن تلموا شعثكم وتصنعوا لكم حزباًبعيداً عن هذه الطائفة إن كانت هناك برامج وطنية حقيقيةوإلا فتتفرقون أيدي سبا.

  3. الاخ الدكتور محمد زين.. يا أخي دعوتكم للتوحيد مقدرة وأمل منتظر،، وكم أسلفت بأن وحدة الإتحاديين تعني سقوط الإنقاذ.. إذن قد يستصعب التوحيد وغواصات الحكم الباطش يخترقون الحزب.. وبعدين يا أخي من أين حتى للمرحوم الشريف زين العابدين شرعية الأمانة العامة،، ألا تذكر مقولة العم الصامد الراحل (البطن بطرانة)عندما كان التوجه لتعينه،، حتى زعامة الزعيم الحسين كانت مرحلية نسبة لظروف الزمان،، وكان من المتوقع والمنتظر انعقاد مؤتمر عام ينظر حتي في مسألة الإندماج مع الشعب الديمقراطي لما كان من انبطاح لزعامات الختمية تحت مظلة مايو،، إن أردنا الإصلاح لابد من إتخاذ الحيطة والعبرة من حقائق الماضي القريب.. كيف تكون وحدة مع من تنكروا وخانوا الثوابت،، على كل لكم يا دكتور حسنات النية والله المستع

  4. مخزي ومحزن ان بكون رجل بمقام الاستاذية العلمية ولا يزال في فمه بعض من الغث القديم ..!!ان الاتحاديين يجترون في ماضي يزينون به حاضرهم المخزي .. وحتى ذاك الماضي كان مليئا بالاخطاء والسقطات والاكاذيب ..
    انهم اكبر من نافق الانقاذ وناصرها ولا يزالون .. من كبيرهم شيخ الطائفة الذي يحمل له حذاءه الي رجل يدعي انه سواداني قح يتابط ذاك الحذاء مبتسما ..وما بينهما ممن يسمون بالوزراء امثال الدقير واشراقة واحمد بلال وسماني الوسيلة .. يقتاتون من قاذورات الانقاذ وفتات طعامها ..ويظنون انهم بمناي عن الحساب ..
    الانقاذ بكل سواءاتها الا ان لها حسنة واحدة الا وهي كشفها لهولاء الصغار ..ليعرف الشعب السوداني من اي طينة هم ولماذا يدافعون عن الانقاذ ويخدمونها ..

  5. ولا تنسوا أنكم أول من أيد هذه الحكومة ..وتعاون معها
    طبعدين يا سيد اتحادي مع من مع مصر؟

    حزبكم صنيعة مصرية ..تحرروا أولا
    اقرا مذكرات من مذكرات محمد نجييب وقد اقنطفها أحد المؤرخين المصرين ( جمال حماد
    وعندما حضر زعماء الأحزاب الاتحادية العديدة الي القاهرة كانت ضربة معلم صائبة من محمد نجيب ان ينجح في اقناعهم بضرورة توحيد جميع الاحزاب الاتحادية المشتتة في حزب واحد هو الحزب الوطني الاتحادي وتم توقيع الاتفاق في منزل محمد نجيب يوم3 نوفمبر واختير اسماعيل الازهري ليكون رئيسا لهذا الحزب.

    ولم تلبث المفاوضات ان بدأت في القاهرة بين مصر وبريطانيا لتعديل دستور الحكم الذاتي في20 نوفمبر1952 وعندما تعثرت المفاوضات بين الوفدين بسبب العقبات التي ظهرت اقترح السفير البريطاني بالقاهرة رالف ستيفنسون علي محمد نجيب قيام الرائد صلاح سالم عضو الوفد المصري في المفاوضات بجولة في جنوب السودان ليري بنفسه احوال الجنوب وتم لصلاح سالم بالفعل القيام بهذه الرحلة مع عدد من المرافقين في28 ديسمبر1952 واستغرقت زيارته عشرة ايام كاملة وشارك صلاح قبيلة الدنكا في غابات تيمولي في رقصتهم للحرب عاريا مثلهم فيما عدا ستره لعورته وفقا لتقاليدهم وعلي الرغم من ان هذا العمل قوبل من الاهالي الجنوبيين بالسرور فإنه قوبل بالسخرية من بعض الدوائر السياسية خاصة في بريطانيا مما جعل الصحف البريطانية تطلق عليه اسم( الرائد الراقص) واخيرا نجحت المفاوضات وتم للوفدين المصري والبريطاني توقيع اتفاقية الحكم الذاتي للسودان بمقر رئاسة الوزراء بالقاهرة يوم12 فبراير1953.

    وعندما اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية التي اجريت في السودان في25 نوفمبر1953 اتضح ان الحزب الوطني الاتحادي اكتسح باقي الاحزاب واصبحت له اغلبية ضخمة في مجلسي النواب والشيوخ وفي يوم 6 يناير1954 تم لمجلس النواب انتخاب اسماعيل الأزهري رئيسا للوزراء وتشكلت الوزارة من اثني عشر وزيرا كانوا جميعا من الحزب الوطني الاتحادي واحتفلت جميع وسائل الاعلام في مصر بهذا الفوز الساحق واصبح الشعبان المصري والسوداني ينتظران في شوق قرب الاعلان عن اتحاد البلدين الشقيقين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..