الجنيه السوداني .. خبراء يرسمون سبل نهضته

الخرطوم:الراكوبة
حمل المؤتمر الصحفي بنمبر سونا الذي كان من ضمن متحدثيه محافظ بنك السودان المركزي وزيرة المالية، حيث اعلن المحافظ الفاتح زين العابدين عن إجراءات صارمة لإستقرار الأسعار وسعر الصرف خلال الايام القادمة، بيد انه احجم عن الكشف عنها، لكن يبدو ان وزيرة المالية المكلفة هبة محمد علي مررت للحضور إحدي هذه الإجراءات والتي جاءت في شكل مطالبة منها للمركزي بضورة الإستجعال بتحريك السعر الرسمي للدولار، وبررت الوزيرة طلبها لتفادي أن يضحي العاملين بالخارج بأموالهم بأن تعامل بسعر 55 جنيه،وأعتبر ذلك بغير العادل،وأكدت أن تغير سعر الصرف سوف يضمن دخول أموال المغتربين عن طريق النظام المصرفي الرسمي،وقالت نحترم دور المركزي بشأن سياسات سعر الصرف في هذا الوضع،وشددت علي معالجة سعر الصرفي الذي يعاني من مشكلة كبيرة،وزادت”في السودان يوجد 5 أسعار صرف مختلفة والبلد والوحيد في العالم”،وأعتبرت ذلك بالمشكلة الجوهرية في الإقتصاد يجب معالجتها.
ولعل اول المحاور التي إرتكزت عليها سياسات البنك المركزي للعام الحالي استقرار سعر الصرف، استقرار المستوى العام للاسعار والحد من التضخم، لكن يبدو ان هذه السياسات تدار بخوف وحذر من غول السوق الموازي الذي اتمدد بصورة كبيرة، حيث لم يفلح البنك في إختراقه طيلة الفترة الإنتقالية للحكومة.
بيد أن عضو اللجنة الإقتصادية بقوي الحرية والتغيير عادل خلف الله يري ان المؤتمر الذي انعقد أمس سبق الجهد الكبير الذي بذلته اللجان التي تكونت عقب لقاء قوي الحرية والتغيير برئيس مجلس الوزراء، ووزراء القطاع الإقتصادي مه بنك السودان والضرائب والجمارك، والذي بموجبه تشكلت ثلاثة لجان رئيسية (الإيرادات، الإنفاق، السياسات المالية والنقدية)، مبينا ل(الراكوبة) انه تم إجازة بعض تقارير اللجان وتبقي تقرير لجنة، لتوحيد هذه التقارير وترفع لرئيس مجلس الوزراء لإلتئام إجتماع اخر للخروج بالخلاصة المبنيه علي ضوء سياسة اللجان، مشيرا الى ان بنك السودان وزارة المالية والحرية والتغير واصحاب العمل قدموا اوارق بالمؤتمر الإقتصادي بشأن سعر الصرف وإستقرار الأسعار، لافتا الي ان المطلوب للخروج بسياسات مستوعبة للمشكلة ومتضمنه حلول عاجلة قصيرة المدى بان تعتمد على ماخلص منه للمؤتمر الإقتصادي واللجان الثلاثة، واضاف ان بنك السودان عندما قدم ورقته للجنة السياسات كانت ممتازة عامودها الفقري تبني سياسية سعر صرف مرن مستدام بعد ترفير مطلوباتها في مقدمتها بناء إحتياطات النقد الأجنبي، والتي تعتمد علي السياسات المالية والنقدية فيما يتعلق بحصائل الصادر، ودور بنك السودان في الدخول كمستثمر ومشتري للذهب عقب إقتراح اللجان عليه بإمكانية الإستفادة من أموال طائلة موجودة في حسابات بعض المؤسسات، وبدلا من ان يهضمها التضخم وتفقد قيمتها تكون محركة في إستثمار يشرف عليه بنك السودان المركزي مثل الزكاة والصندوق القومي للتأمينات الإجتماعية والصندوق القومي للمعاشات، والاوقاف، وقال أن هذه اموال طائلة جدا توفر كتلة نقدية يديرها بنك السودان في إستثماره لشراء الذهب ويبتي بها إحتياطاته من النقد الأجنبي بجانب توفير العادم من النقد الأجنبي دون ان يضطر مع وزارة المالية بان تستنيد منه، لافتا إلى ان ما أعلن في المؤتمر كان الاوب ان ينتظر ما تم الإشارة اليه سابقا ويتبني ما تم الترل إليه.
وحدة مفترضة
ويجزم عادل بانه في غياب بناء إحتياطات من النقد الأجنبي أو الذهب فإن سياسة سعر الصرف المرن المدار لن تؤدي إلا الى مزيد من عدم إستقرار سعر الصرف ولن تقود إلا الى وحدة مفترضة بين السعر الرسمي والسوق الموازي مما يترتب عليه مزيد من الزيادة في أسعار السلع والخدمات الأساسية والتي يعبر عنها مؤشر التضخم، والذي لا يكون في معزل عن ما أعلنته وزارة المالية التي لم تتقيد بالإتفاق الذي تم في إجتماع ٢٨ ديسمبر بين مجلس الوزراء وقوي الحرية والتغير والذي تم فيه الإتفاق علي إعلان ميزانية مع تجنيب حزمة التحرير، بيد ان الوزارة حركت سعر الصرف من ١٥ الي ٥٥جنيه للدولار الجمركي، مما ترتب عليه عليه إرتفاع السعر الموازي من ٥٠ متخطيا حاجز ٨٠ جنيه، لافتا الى انه في شهر أغسطس أعلن ما عرف بتعديل الموازنة حيث تم تحريك سعر الصرف من ٥٥ الي ١٢٠ جنيه مما قفز بالسعر الموازي متخطيا حاجز ٢٠٠ جنيه، واوضح ان الإعلان عن تحريك السعر دون توفير متطلبات التي أشارت اليها ورقة بنك السودان والتي أكدت عليها قوي الحرية والتغيير يدفع بالسوق الموازي الى من من تدهور الجنيه.
تحريك السعر
وكشف ان توصيات لجنة السياسات اتفقت علي مبدأ تحريك السعر الرسمي ولكن بشرط ان تتبع سياسات مالية ونقدية تؤدي بناء إحتياطات من النقد الأجنبي وبدونها سوف يبقي الجنيه يلهث وراء سراب بقيعه، فكلما تحرك سعر الصرف الرسمي كلما تحرك السعر الموازي، وجزم بان تحريك السعر لا يخد مشكلة عجز الموازنة ولا تقوية القوي الشرائية للجنيه لجذب مدخرات المغتربين من الخارج لداخل الجهاز المصرفي، وتوقع ان يعمل علي زيادة نسبة التضخم والتي بدأ يزيد بقفزات، واصفا ذلك بالإتجاه الخطير لإنكماش الإقتصاد ورفع مستويات أسعار السلع يعجز عنها غالب الناس عنها بجانب زيادة تكلفة المنتج الوطني ويضعف فرص الصامد منه حاليا في حلبات المنافسة مع المنتجات المستوردة، إضافة الى الأثار الإجتماعية الأخري.
سياسات متكاملة
وتشير الإحصاءات البنك المركزي الى التراجع الكبير للجنيه السودانى امام الدولار بسبب عدم استقرار سياسات بنك السودان المركزى والوزارات ذات الصلة، مما ادي الى ضعف الصادرات وزيادة الواردات معا.
ويقول الخبير الإقتصادي د. عادل عبدالمنعم ان السيطرة علي سعر الدولار مهمة بجانب السياسات، مؤكدا ان السياسات النقدية لوحدها لا تستطيع السيطرة علي سعر الصرف، بل يجب ان تتبعها سياسات متكاملة نقدية ومالية، ورهن ل(الراكوبة) استقرار سعر الدولار بعدة إجراءات أجملها في ترشيد الإستيراد من الخارج وانت تخفض فاتورة الإستيراد بنسبة ٤٠٪ كما حدث في جمهورية مصر عندما شرعوا في إجراءات السيطرة علي الدولار، بجانب زيادة الإيرادات الضريبية، ف٦٠٪ تاتي من الجمارك عبر ضريبة القيمة المضافة ومن ضريبة الواردات، وربط زيادة الإيرادات الضريبية عبر الجمارك بإتباع سياسة نقدية مهمة جدا يجب ان تدخل في هذه المرحلة والمتمثلة في تحريك سعر الصرف للدولار الجمركي من ١٨ جنيه الي ٦٠ جنيه كأقل إعتبار، وبالتالي زيادة الإيرادات الجمركية ب٥ أضعافها مما يعالح العجز في الموازنة وإيقاف طباعة النقود التي تؤدي للتضخم، واعتبر بعدم واقعية سلعة يبلغ دولارها في السوق ٢٦٠ جنيه تحاسب لاغراض الجمارك بقيمة ١٨ جنيه للدولار، واعتبرها السبب الرئيسي في إنخفاض إيرادات الجمارك، واكد ان السياسية التقدية لتحرير سعر الدولار الجمركي مهمة جدا لجهة أنها تتكامل مع السياسة المالية لترشيد الإستيراد،وتوقعان تشمل سياسات المركزي زيادة لسعر الدولار الجمركي.
دعم الجنيه
وقال عادل لمحاربة السوق الموازي وإستقرار سعر الصرف يجب ان يرتبط ايضا بواقعية لسعر الصرف الرسمي للجنيه السوداني بالمركزي بان يكون سعرا تأشيري مستقرا لمحاسبة المصدرين وإغراء المغتربين بالخارج لتحويل عبر المصارف، مما يتوجب علي بنك السودان منح سعر تأشيري للدولار الرسمي بالدولة بواقع ١٥٠ جنيه، لافتا الي ان هذا الأجراء يساعد المالية في تغطية العجز بان تحاسب بالسعر الرسمي في الموازنة فيما يتعلق بالقروض التي تأتي من الخارج التي تدخل في الموازنة، وشدد علي أهمية إيقاف الصرافات الخارجية، وأن تتم التحويلات عبر البنوك والمصارف من الخارج، وان يتم السماح للبنوك بالإجتماع علي فترات لتحديد سعر حافز للتحويل للمصدر والمغترب لتفادي زيادة السعر الرسمي كل مرة، جازما بانه من السهولة عمل إصلاحات اقتصادية كبيرة جدا عبر السياسات المالية والنقدية الداخلية منها رفع الدعم عن الوقود والقمح، وشدد علي أهمية تسعير اي سلعة تستوردها الدولة من الخارج بالسعر الموازي بإستثناء الدواء، مما يحقق الشفافية الإقتصادية وإيرادات حقيقة للدولة ووقف عجز الموازنة وإيقاف طباعة النقود بجانب دعم الجنيه الذي يحمله المواطن بيده، بمعني ان الدعم ليس دعم قمح او محروقات وإنما يجب ان يكون الدعم دعما للجنيه بسياسات مالية ونقدية وتجارية صحيحة.
واستبعد عادل ان يؤدي تحريك السعر الرسمي لزيادة سعر الدولار بالسوق الموازي، وإستند في حديثه علي أن السعر الموازي يتحرك بشيئن هما ترك سعره بالسوق بدون تنظيم او قيود او سياسات تحكمية، إضافة الي إنخفاض الحنيه نتيجة لطباعة الورق الذي تقوم به الحكومة لسد عجز الموازنة، الذي يذهب للدعم غير المرشد، وأكد ان جميع العوامل التي تؤدي الى زيادة الدولار بالسوق الموازي موجوده حتي وإن لم تقم الحكومة بزيادة السعر الرسمي، لافتا الي حكومة معتز موسي في عهد النظام السابق قامت في أكتوبر ٢٠١٧م بزيادة السعر الرسمي بمساواة الدولار بسعر السوق الموازي بواقع ٤٧ جنيه، بيد انها لم تعقبها خطوات مصاحبة، في زيادة السعر الرسمي تصحبه حزمة متكاملة، من ترشيد الإستيراد وزيادة الإيرادات الضريبية، وزيادة الدولار الجمركي، إضافة لحافز التحويل المضاف لسعر البنك، مما ادي الي مجاراة السعر الحكومي مع السعر الموازي، الأمر الذي وصفه بالخطأ،وقال ان حزمة صندوق النقد الدولي التي ترفضها قوي الحرية والتغيير هي حزمة متكاملة وناجحة وتتطلب تنفيذها متكاملة.