تصارب تصريحات المسئولين

يعتبر التضارب في التصريحات الرسمية أكثر الأشياء التي تضر بالبلاد، وعدم توحيد الخطاب الإعلامى هو الأمر السائد منذ قيام ثورة الإنقاذ قبل ربع قرن من الزمان، فكم من تصريح نسف تصريحاً آخر حتى قبل أن تتناوله الصحف، وكم من موقف نسخ موقفاً آخر غير آبه بما ظل أصحاب الموقف الأول يبذلونه ليصلون الي هذا الموقف.
الأربعاء الماضي وقف وزير الخارجية أمام البرلمان، وقال بكامل إرادته ودون أى ضغط من أى جهة خارجية، مخاطبا نواب البرلمان الذين إنتخبهم الشعب، قال “في شان العلاقة مع إيران والخليج لا بد أن تكون أمورنا فيها واضحة هناك مجهودات تبذل لتوضيح هذه المسالة” وأردف “هذه المسائل فيها من الحساسية ما لا يمكن البوح به وهذه الإشارات كافية، وأنا أقترح أن يعقد البرلمان جلسة مغلقة لتوضيح بعض العلاقات الخارجية الفيها حساسية، ونحترم فيها سرية اللقاء”…..
الحديث بين الأقواس هو إقتباس لفظي مما قاله وزير الخارجية علي كرتي أمام البرلمان، وهو أمر يكشف بوضوح إن هناك بعض الأمور فيما يتعلق بالعلاقات مع بعض الدول، ومنها دولة إيران يجب أن تقال بعيداً عن الإعلام، وأن يتم تناولها بصورة سرية.
أمس خرج نائب رئيس الجمهورية ليقول “إن العلاقات مع إيران تتم في حدود المصالح المشتركة ولا يوجد بها أسرار، وإن العلاقة بين الخرطوم وطهران لن تكون على حساب العلاقات مع دول الخليج”.
بكل بساطة قال نائب رئيس الجمهورية إن وزير الخارجية يفتقد للمصداقية، ناسفاً ما قاله كرتي أمام البرلمان، بل ويمكن تفسير الأمر من جانب آخر، وهو إن وزير الخارجية تهرب من الحديث عن علاقات البلدين أمام البرلمان في حضور الإعلام بدعوى السرية، وإتخذ أمر الجلسة المغلقة طريقا للهروب من الإجابة على تساؤلات النواب.
بالطبع فإن الدبلوماسية التي يجلس علي كرتي على سدة إمبراطوريتها وزيراً للخارجية، تستلزم أن يكون هناك أموراً ومعالجات لأوضاع بعينها، بعيداً عن أعين الإعلام.. ونفترض إن نائب رئيس الجمهورية يعلم ذلك جيداً كونه سياسيى محنك وأستاذ في أفضل جامعات العالم، هى جامعة الخرطوم، ولكنه لبعض الكسب السياسي لا ضير أن يصف وزير خارجيته ببعض القصور.
سقت هذا نموزجاً على تضارب التصريحات في الدولة والتي كثيراً ما أفقدت الحكومة مواقعا دفاعية، ومواقفا قوية، لان الموقف عادة لا يصمد لدينا إلا قليلا. وأسوقكم أيضا لخبر تحدث عن منع مبعوث الرئيس اوباما من دخول السودان، كمعاملة بالمثل على منع امريكا منح رئيس الجمهورية تاشيرة دخول الى الولايات المتحدة، فقبل أن يجف مداد هذا التصريح جاءت وزارة الخارجية لتقول، إن أمر إعطاء تأشيرة دخول للمبعوث الامريكي أمر متعلق بتنسيق مواعيد الزيارة والمسؤولين الذين سيلتقيهم المبعوث وأن الوزارة لم تمنعه من الدخول.
فقط تخيلوا معي ماذا يمكن ان يفعل التصريح الأول بالدولة وما مدى تاثيره على المواطن ولكم أن تتسائلوا .. من قال ذلك التصريح، ومن خوله بالقول… الم أقل لكم أن تضارب التصريحات خطر يهدد الدولة؟!!
الدولة دولة الكيزان ، خطر يهددها ولّ يطلّع زيت أمها ، ده المطلوب