ارتباك الخطاب الإعلامي

ارتباك الخطاب الإعلامي

أحداث ومؤشرات
[email protected]

من القصص السودانية الواقعية التي سارت مجرى المثل أن أحد مدمني (القهوة) قرر قرااً نهائياً التخلي عن تعاطي القهوة أو (التدخين)، وفي مناسبة جامعة أعلن للجمع عن عزيمته التي لا رجعة عنها، واستحسنوا صنيعه، وعندما جاء وقت الفطور وفطر الناس جميعاً، وتعاطوا ما كانوا يتعاطونه، وذكرهم حينها أنه لم يشرب القهوة حتى تلك اللحظة (وهو كويس لم تعمل له حاجة)، وكررها في منتصف النهار، وبعد الغداء، وبعد صلاة العصر وبات يكررها بصورة هستيرية لكل من قابله ويقول له إنه تخلى عن القوة ولم يشرب فجاناً واحداً منذ الصباح، وعند المغرب زاد الجرعة الهستيرية وطفق يرويها لكل من قابله ويكررها للبعض بحسبان أنه لم يعلمه بذلك، كان هناك رجل كبير ظل يراقبه منذ الصباح، فناداه وطلب له قهوة وقال له” (اشرب ساي تاني أكثر من كواريكك دي داير تعمليك شنو).

يبدو أن الوضع الاقتصادي أدخل الحكومة في حالة كالتي مر بها ذاك الذي عزم التخلي عن شراب القهوة، ففي الوقت الذي قال فيه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أمام البرلمان إن الموسم الزراعي الصيفي أنتجَ محصولاً جيداً يُبشَّرْ بوفرة في المحصولات والسلع ، ويسهل للمواطنين أمر الحصول عليها، وانـخـفـاضِ أسعارها، يحذر البرلمانيون من فجوة غذائية محتملة بسبب ضعف الإنتاج وقلة المخزون الاستراتيجي ونقص التمويل.

وسبق أن أصدر وزير الخارجية في جو تصالحي مع نفسه تصريحاً قال فيه إن الاقتصاد السوداني في حالة انهيار، ولا يمكن للعالم أن يقف موقف المتفرج -(وإن تملص منها)-، وخرج وزير المالية علي محمود ينفي بشدة انهيار الاقتصاد الوطني، ويقول إن الحديث عن اقتصاد منهار (كلام فاضي)، ويأتي النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه ويقول: إن الحكومة لم تفقد البوصلة في إدارة الاقتصاد، ويرجع مستشار رئيس الجمهورية، ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني د.نافع علي نافع للقول أن الحكومة استعانت بأصدقاء لحل المشكلة الاقتصادية…

هناك سلسلة طويلة من التصريحات والأقوال المتناقضة وغير المتوافقة لوصف حال الاقتصاد الوطني من الحكومة ومن حزب الأغلبية المؤتمر الوطني .. ولا أعتقد هناك (جقلبة أكتر من كدي) كما يقولون نفي النفي تأكيد.. فلابد من مواجهة الحقيقة المرة والسعي إلى حلها.

لم يكن إطلاق تلك التصريحات تخبطات عشوائية كما يزعم الكثيرون إنما القصد منها تعويم القضية، وجعل المواطن بعيداً عن إدراك الواقع أو تجهيله، هو تعامل لا يمكن له أن يصمد فترة طويلة، فالواجب أن توحد الحكومة خطابها الإعلامي حول هذه القضية الحساسة، والتي تلقي بآثارها السالبة على كل الأنشطة الحياتية، وخاصة الاستثمار الأجنبي الذي سكتت عنه الوزارة المختصة حيناً من الأشهر.

*هذا العمود تم سحبه من صحيفة السوداني الورقية

تعليق واحد

  1. زمان قالوا ليكم قروش البترول اصرفوها على البنية التحتية للانتاج، عملتوا فيها دولة بترولية وصرفتوا العائدات في البذخ والعمارات والفلل والزيجات والتحويل للخارج. فهل جاء ضحى الغد واستبنتم النصح؟ game is over

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..