رفع الدعم أو ماذا نريد من حكومتنا المدنية إنتصرت ثورتنا الفتية

نجح شبابنا في التخلص من دكتاتورية إسلامية عسكرية ضربت بيد من حديد كل من وقف في طريقها خلال ثلاث عقود مضت. استشهد المقاومون ، وعُذّب النقابيون ، و شُرّد من قال لا للطغيان، استنزف النظام خيرات البلاد وباع الأراضي و دمر المؤسسات ونهب الأموال لصالح بقائه، قسّم البلاد وزرع الفتن القبلية والاثنية، زاد المهمشين تهميشاً وأوسعهم ضرباً وتقتيلاً في الشرق و الغرب والجنوب، توالدت الغبائن وتضاعفت بين مكونات المجتمع تغذيها عوامل الحرب والتفكك والتشرذم (الفقر، الجهل وانهيار التنظيمات المدنية).
ازدهرت رؤوس الأموال الاسلاموطفيلية وتحكمت في موارد الوطن لصالح بقاء الطغمة مدعومة بخدمة مدنية مشوهة فاسدة ونقابات مدجنة تتقن مواكب التأييد العبثية.
إنتصرت ثورتنا على الطاغية انتصاراً ممهوراً بدماء شهداء لا زالوا ينتظرون قصاصهم ، ولا زال شعبنا يتلمس طريقه وسط مقاومة المصالح والجيوب التي نشأت وترعرعت في كنف الحركة الإسلامية ومؤتمرها اللاوطني وأتباعه من محترفي السياسة وآكلي الفضلات . أصبحنا على واقع مرتبك ودولة ضعيفة تقودها سلطة انتقالية قائمة على وثيقة تنتظر الترقيع بمفاوضات ملتوية لسلام في رحم الغيب ، وحكومة مدنية بصلاحيات ملتبسة ، وحاضنة سياسية تهتم اغلب مكوناتها بتعظيم فرصها في سباق ما بعد الفترة الإنتقالية متجاهلة أو متغافلة عن واقع الحال الذي يهدد مستقبلها ومستقبل الشعب برمته.
أزمة إقتصادية لا ترى حكومتنا سبيلاً إلى حلها الا بقرار رفع الدعم عن الوقود في إطار حزمة متكاملة ترمي إلى إدخال بلادنا في نظام اقتصادي عالمي متهاوي أصلاً، فضحته أزمة جائحة الكورونا وربما تحولت إلى مسمار نعشه الأخير. مبررات كثيرة تسوقها حكومتنا لرفع الدعم عن الوقود ربما كانت منطقية بحساب السوق والربح والخسارة ولكنها تتجاهل دور الدولة و واجبها في رعاية مجتمعات هشة تسودها الأمية ويحكمها الاصطفاف العرقي ويسيطر على اقتصادها طفيليون امتصوا دماءنا خلال اكثر من ثلاثين عاما وما يزالون.
ارفعوا الدعم عن الوقود ولكن: لاتوهمونا بدعم مباشر لمرتبات العاملين فأغلبنا لا يعمل أصلاً مقابل مرتب، نحن يا سادة نبيع المناديل الورقية على الأرصفة ونعرض خدماتنا الهامشية في تقاطعات المدن لمواطن ضعيف القدرة الشرائية.
وفّروا مجانية التعليم العام و وجبات التلاميذ. حققوا العلاج المجاني والخدمات الطبية.
ارجعوا الكشف الموحد للخدمة المدنية وحفزوا العاملين تصاعديًا على أساس بُعدهم من المراكز الحضرية. حفزوا ضريبياً وتجارياً المزارعين والمشاريع الزراعية والصناعية تصاعدياً ايضاً على أساس بعدها من المراكز الحضرية وعلى أساس عدد المستخدمين بها. أصلحوا الوزارات والمؤسسات ومرافق الخدمة المدنية بتنقيتها من الفاسدين والمخربين واعداء الثورة وعلى رأسها وزارة المالية ووزارة الداخلية و وزارة الدفاع والجيش وجهاز الأمن والهيئة القومية للمواصفات وهيئة السدود والمجلس الأعلى للأدوية والسموم.
أعيدوا لنا سوداتل وراجعوا عقودات بيع موبيتل وتشغيل ام تي ان.
أصلحوا النظام الضريبي والغوا الضرائب الغير مباشرة وعلى رأسها القيمة المضافة وراجعوا اداء الجمارك. أصلحوا النظام المصرفي وراجعوا عقودات بيع بنك الخرطوم وأوقفوا الطباعة العشوائية لعملتنا الوطنية بعد تغييرها. أمّموا المؤسسات الخاصة المملوكة لأفراد والتي تم تمويلها بأموال حكومية او مشبوهة خلال فترة النظام البائد، أمموها اولاً ثم بعد المراجعة أعيدوا لكل ذي حق حقه (إن وُجد). أنشئوا بورصة لكل الصادرات المعدنية والزراعية والحيوانية.
ادخلوا منظومة الصناعات الدفاعية بالكامل (بما فيها مصانع الأسلحة) تحت ولاية وزارة المالية. راجعوا كل المرافق التي تمت خصخصتها، كيف ولمن تم بيعها وأصولها وكيف تم تقييمها. ادعموا سكك حديد السودان وطوروا شبكتها.
نفذوا مشاريع البنى التحتية وخدمات المياه والكهرباء والطرق في الريف والمناطق المهمشة.
حاكموا المفسدين والمهووسين الذين كانوا وراء الهجمات الإرهابية ضد المصالح الأمريكية، صادروا أموالهم لصالح التعويضات، لا تحملونا ذنباً لم نقترفه. يا سادتي يذهب الواحد منا إلى المستشفى للعلاج فلا يسلم نفسه إلى الجراح ولا يخضع لمشرطه ما لم يتوفر على معلومات تؤكد كفاءته ونجاحه في عمليات مشابهة؛ هذه المعلومات تساعد في بناء درجة من الثقة لدى المريض تحول الجراح في نظره من مهني إلى مُنقذ.
ان الاستحقاقات والمطالب التي أوردتها بعاليه لو شرعت الحكومة في أداءها ستكسب ثقة المواطن المطلقة ومن ثم إذا ما اقترحت اي إجراءات مهما كانت مؤلمة او قاسية فان الشعب سيصدح وراءها آميين.
الوليد علي احمد
[email protected]
8 أبريل 2020م



