مقالات وآراء سياسية

حينما تجف الدموع ويتجمد الحزن

محمد عبدالله برقاوي

ما أقسى الأيام  بعد رحيل من كانت ضياءاً في كل جنبات حياتنا ..أما للكل  لافرق عندها بين طارق لحاجة أوقاصدٍ لمودة ..وما أصعب الجلوس  بعد غيابها  تحت شجرتها التي كان جلساؤها يتفيأون ظلها  الدافي كرحابة صدرها الحنون ..وما أضيق ساحة الدار التي كانت تشع بنور بسمتها  الدافقة بالترحاب وأعينها  تتفتح كرما وحباً وهي تتفقد الأحوال  رغم عناء الجلسة الطويلة خلف عصي التوكوء على قوة الإصرار وقد  أقعدتها  السنون عن الخروج الى مجالس الصويحبات  فكن دائما المبادرات بالإرتشاف من زلال صباحها الوضاء .
رحلت أمنا الحاجة زهراء  بعد أن توضأت لصلاة الظهر ولكنها أدتها بإذن الله وراء أهل الجنة  ولم تسعفها تلك الذبحة المباغتة أن تتلوها في الفانية حيث أسلمت الروح وهي تقبض على موضع قلبها الكبيروتحث لسانها الا يخذلها في نطق الشهادة ..ثم أغمضت بصرها عن كل ما هو زائل لتستشرف معالم حياة الخلود عند المليك المقتدر.
وحينما أتيت لإلقاء النظرة الأخيرة عليها بعد أن  تسربلت برداء  الوداع الأبيض وأنحنيت لأطبع قبلة على وجهها الوضاء ..والله لم استطعم  في حياتي ماهو أحلى من ملامسة جبينها الناصع وقد ارتسمت أبتسامة هادئة أحسستها بمشاعر الرضاء بقضاء الله وقدره وأنا ارسم صورة ذلك الوجه بازميل الوفاء  والعهد بأن لا تغادر  شاشة  الأحداق ولايعلوها غبار النسيان على حائط الوجدان الى أن نلقاها في  ذلك العالم الذي هومصير كل ذي كبدٍ رطب .
كلٌ من عليها فان ويبقى وجه ربك ذوالجلال والإكرام ..والشكر موصول لكل من تكبد مشاق الحضور  لتقديم العزاء  بالجزيرة الفيحاء وقدارتمى بصدق  المشاعر في صدورنا المكلومة مخففا من نار الفقد  و ممتصاً   لوجعة  الفراق المر ..و التحية لكل  الذين عانقت مسامعنا ذبذبات أصواتهم  المرتجة بالحزن من على البعد فترددت أصداؤها لتبث فينا شيئا من  اليقين  بأن الدنيا لازالت بخير ولم تقطع أواصر الصلات الطيبة فيها بين الناس سيوف الزمن ولم تمحها خطوات المسافات..أما الذين كتبوا في الأسافير بمداد العيون فنقول لهم سلمتم من كل شر يا أهل الوفاء ..ونسأل الله الرحمة والغفران لفقيدتنا الغالية و أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنان..كمانبتهل اليه سبحنه تعالى  أن يقدرنا على رد صنيعهم جميعا نحفظ نقاء الصفاء لكل الذين حملوا عنا عبء المأسأة ..في مسراتهم وأفراحهم .
إنه  العزيزالحكيم ..وانا لله وانا اليه راجعون ونحمده على كل حال.

 

محمد عبدالله برقاوي

[email protected]

 

‫3 تعليقات

  1. لك الود يا آخى الأكرم محمد برقاوى من على البعد نرسل لكم تعازيها الحارة ونرجو للراحلة عنا الغفران والرحمة عند مليك مقتدر انك حين تكتب عن الفراق انك تعبر عنا كلنا وعن كل قلب ينبض بالمحبة والرقة وتعالى لكل أفراد أسرة وآل برقاوى

  2. رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته وأحسن عزاءكم … فقد الأم كسر لا يجبر …فقدت والدتى قبل عامين بنفس الذبحة ولكننى للأسف كنت خارج الوطن وحينما وصلت كانت أمى قد دفنت ولم أتمكن من رؤيتها ووداعها فأحسست كأن جزءا منى قد أنتزع ومازال فقدها يوجعنى إلى هذه اللحظة …وكنت دوما أردد
    أمى ليتنى كنت طفلة ….
    لأنهم يقولون للأطفال إن من مات مسافر ….

    فعليهن السلام يا أرواحا كم تمنينا أن يدوم بقاؤها فإن كانت الجنة تحت أقدام الأمهات فالأم هى جنة الدنيا التى كنا نتنعم فىها….
    لهن الرحمة جميعا …اللهم أجعل قبورهن روضة من رياض الجنة وأجعل نورهن يطفئ نار الآخرة وأجمعنا بهن فى جنة الفردوس….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..