أخبار السودان

أحمد عبد الرحمن : الشيوعيون ما «خلوا لينا» فرصة لنجتهد فالحزب الشيوعي واليسار عموماً لديهم مقدرة التدوين والكتابة والتوثيق أكثر من أي مجموعات أخرى.

حاوره: الطاهر حسن التوم:

خير من يؤرخ لمرحلة وحدث سياسي هو من عاش الحدث وصنع أحداثه، وأزعم أن ضيف «مراجعات» الشيخ/ أحمد عبد الرحمن، رئيس مجلس الصداقة الشعبية القيادي بالحركة الإسلامية، ممن عاشوا الأحداث الكبيرة في تاريخ البلاد وممن صنعوها نجلس اليه ليضع سهمه في كنانة التوثيق للتاريخ الذي عايشه وعاصره.
في الحلقة الثانية نحاول أن نجيب على السؤال: لماذا فشلت تجارب الحكم الديمقراطي في السودان، ومن المسؤول عن فشل الحكم الديمقراطي؟
> هل نستطيع القول إن الحركة الإسلامية ديمقراطية في بنيتها وبنائها المؤسسي؟
الحركة ديمقراطية بما لها من مقومات. فالديمقراطية تقوم على قدرة الفرد على الاختيار السليم، والحركة الإسلامية كان وما يزال لها الحظ الكبير من المتعلمين والمثقفين وقطاعات الوعي في المجتمع، وهؤلاء لهم القدرة أكثر من غيرهم على اتخاذ القرار السليم، وهم أقدر من غيرهم ألا يستجيبوا لأي ترهيب أو ترغيب.
> وهل الأحزاب السياسية السودانية أحزاب ديمقراطية؟
سؤالك صعب. الأحزاب التقليدية الى حد كبير نشأت في اطار التركيبة الاجتماعية في البلاد، وولاء قواعدها قائم على الطائفة «الختمية والأنصار»، فوق ذلك أتت القبعة السياسية فبات الرئيس الحقيقي هو رئيس الطائفة سمه إماماً أو شيخاً، أو ما شئت. ويصعب عليهم -رغم محاولاتهم الكثيرة- ممارسة الشورى أو الديمقراطية، وفي نهاية المطاف حين تبحث عن القرار تجده بيد الشيخ أو الامام.
> لكن الحركة الإسلامية لديها شيخ.. الشيخ حسن عبد الله الترابي؟
بالنسبة لي ذلك أمر متأخر، وحصل في غفلة منا، ولا أعتقد أننا جلسنا وبكامل قوانا العقلية وأطلقنا لقب الشيخ، ولكن الناس تبحث عن مصطلحات احترام للقائد، وخاصة في تنظيم له جانب دعوي وديني، لذا أقرب لقب مناسب يعبرون به عن تقديرهم واحترامهم هو الشيخ.
> أهو مجرد تعبير ولا دلالات له في الواقع العملي؟
لم نكن نرحب بلقب الشيخ، وانتقدناه، ولكنه فرض نفسه، ووجد قبولاً شديداً عند الشباب، وبصورة أكبر من الشيوخ. فنحن الشيوخ تزاملنا والكلفة بيننا وبين الشخص الذي عملنا معه «الشيخ» مرفوعة، ولكن في النهاية، وحسب نقدنا وتصورنا فان من مستلزمات الشيخ الحيران، فلا شيخ دون حيران، والحيران يضعون اعتباراً كبيرا للشيخ، ولعلّ علاقة الشيخ بالحيران معروفة.
> هل كان في الحركة الإسلامية حيران؟
نعم.
> حيران للشيخ حسن الترابي؟
لا «كررها ثلاثاً». الشباب قبلوا بأنهم -إلى حد كبير جداً- يكونوا حيراناً للترابي.
لكن هناك قطاعات كبيرة جدا لم تكن راضية بلقب الشيخ، ولكنهم لم يكونوا معترضين اعتراضا كبيرا، بحسبان الجهد الكبير والمقدر الذي بذله د. الترابي سيما عطاءه الفكري والدعوي المميزين، و«الفَرَقة» بينا وبينه كانت كبيرة جداً وهو ما أهّله لأن يطلق عليه البعض لقب الشيخ.
> لقب الشيخ هل كان عنده دلالات عملية؟
بالضرورة له دلالات عملية، فقد كان كلامه لا يرد.
> بالعودة إلى سؤالنا الأول، هل نستطيع أن نقول إن الحركة الإسلامية حافظت على وصفها حركةً ديمقراطية؟
في النهاية تأثرت، وفي الآخر شعرنا بتجمع الشباب يمارس الطاعة المطلقة لأمر الشيخ، الأمر الذي أدى إلى تململ وسط منتقديه، والذين استشعروا أن الحركة حدث فيها انحراف كون القرارات تمحورت وتمركزت -إلى حد كبير جداً- في يد الشيخ، ونجم عن ذلك كتابة المذكرة «مذكرة العشرة» بيد أقرب الناس للشيخ. الغريب أن الشيخ وإلى أن قرأتُ المذكرة لم يكن يعرف من أمرها شيئا، ما مثل له «حكاية صعبة جدا».
ولو عرضت عليَّ المذكرة لما كنت لأوقّع عليها، رغم كوني مؤيداً لمضامينها، فبسبب العلاقة الخاصة التي ربطتني بالشيخ سنوات طويلة ما كنت أجرؤ أن أوقع.
> أراك تقول الشيخ؟
ذلك أصبح واقعا، ولكن أتعامل معه بلفظة الأخ حسن أكثر من الشيخ، والأخ ذات وقع حميمي أكثر وتدل على الرفقة الطويلة التي جمعتنا، ولكن بالنسبة للشباب والطلاب يتعذر عليهم ذلك، ولازم يكون بينه وبينهم «فرقة» كبيرة.
> متى حصل انحراف أو تغيير في مسار الحركة الإسلامية من حركة ديمقراطية إلى حركة غير ديمقراطية هل هو بعد إسباغ لقب الشيخ على د. الترابي؟
الحركة ظلت ديمقراطية بما عندها، وهي الوحيدة التي تملك مؤسسات واجتماعات راتبة وقرارات متابعة للتنفيذ، ولا أعتقد أنها تقارن بأي تنظيم على مستوى الداخل.
> إذاً لماذا مذكرة العشرة؟
المذكرة كانت رداً طبيعياً لإصلاح الانحراف الذي وقع. حين عرضت المذكرة في مجلس الشورى كنت أول من تحدث، وقبل أن تقرأ، فقد كنت أعلم بالمذكرة ومضمونها وأعرف بعض من وقع عليها. اعتراضي على المذكرة ذكرته في حديثي وقلت إنه رغم اتفاقي مع مضامين هذه المذكرة لكني أعترض على دخولها إلى مجلس الشورى بطريق غيرٍ مألوف، ويخالف التقاليد المعمول بها. فجدول أعمال مجلس الشورى يتم عبر المكتب القيادي. فانبرى د. غازي صلاح الدين بالرد عليّ وقال إنه طالما خلت اللائحة من نص يمنع مجلس الشورى أن يقبل مباشرةً أن تعرض عليه بعض الموضوعات فذلك مباح.
كان واضحاً أن الموضوع تقف وراءه مجموعة مترابطة ومتماسكة، أرادت أن تمرِّر المذكرة التي وجدت هوى عند أعضاء مجلس الشورى، الذين استشعر معظمهم الانحراف واتضاحه.
> رغم أن د. الترابي نفسه كان يقول إن التيار الذي يغالبه تيار تحكّمي استبدادي غير شوري ولا يدعو للحرية كما يفعل هو؟
هذا حديث أتى متأخراً، وهو عبارة عن رد فعل لما حدث. الموقف كان صعباً جداً خاصة على د. الترابي، فالترابي كان شخصاً صاحب قدرات كبيرة جداً وتوفرت له آليات تمكّنه من معرفة كل صغيرة وكبيرة على مستوى السودان إذا به يفاجأ من أقرب الناس إليه!
> وما الآليات التي كانت توفر له المعلومات؟
هنالك آليات كثيرة داخل مؤسساتنا مهمتها توفير المعلومات. فنحن نحرص على المعلومات سواء أكانت مدنية أو عسكرية، وهو كان أكثر شخص تصب المعلومات عنده عن كل ما يدور، وكان يلم بكل شاردة وواردة.
> طالما كانت له كل تلك القدرة، فلمَ غابت عنه مذكرة العشرة؟
بسبب الثقة الكبيرة، ومن مأمنه يُؤتَى الحَذِر. وهو لم يكن يصدق أن أقرب الناس إليه واقفون وراء المذكرة. وللأمانة جلست إليه في ذات أمسية عرض المذكرة، وقلت له إن الإخوان «مقدمو المذكرة» صدقونا في العمل الاجتماعي والسياسي وقدموا كل ما يمكن أن يقدمه الفرد واسترخصوا دماءهم لأجل الحركة، وأرجو ألّا يلاحقوا وألا يعاقبوا، وإن يمكنك الله من العفو عنهم. . هذا إن أردت أن تكون رئيس دعوة، وأما إن أردت غير ذلك فستلاحقهم وستعاقبهم.
> وما كان رده؟
صمت. وكان له مقدرات استيعابية كبيرة.
> بحكم معرفتك بالدكتور الترابي هل كنت تتوقع أن يستجيب لنصحك؟
أعتقده فكر فيه ملياً وأعطاه اعتباراً.
> بحكم معرفتكم بالعمل السياسي في البلاد، هل يعاني الحزب الشيوعي ذات الأزمة، سيما وأن الشيوعي عاش انشقاقاً وصراعاً مع عبد الخالق، فهل تنطبق عليه ذات الوصفة بحدوث انحراف في مساره؟
الشيوعيون ما «خلوا لينا» فرصة لنجتهد. فالحزب الشيوعي واليسار عموماً، لديهم مقدرة التدوين والكتابة والتوثيق أكثر من أي مجموعات أخرى بما فيها الحركة الإسلامية. واليسار عاش منذ فترة باكرة انشقاقات كثيرة، لعل أكبرها الانشقاق الذي ابتدره كادرهم عوض عبد الرزاق «اسمه الحركي عامر» ووقتها عاشوا صراعات ومشكلات أفضت إلى مواجهات شديدة كلها مدونة ضمن أدبياتهم، لا شيء مخفي، أما السبب لذلك فكان شعورهم بهيمنة الرفيق -رحمة الله عليه- عبد الخالق محجوب.
> هل تأثرت الحركة الإسلامية بالتنظيم الشيوعي؟ فهناك من يقول إن تقاليد العمل الحزبي الشيوعي أثرت على الحركة الإسلامية؟
أرادت الحركة الإسلامية أن تكون تنظيما فعالاً في ظروف السودان، واستفادت من كل التجارب المحيطة بها بما فيها الشيوعية والبعثية وغيرهم. كنا مهتمين بهذا الأمر اهتماماً خاصاً، ونرى ما يمكن أخذه منهم، وفي النهاية استقطبت الحركة عناصر كبيرة منهم، وتعدّى الأمر المعرفة النظرية إلى الوجود الفعلي لمجموعات قيادية منهم ممن أراد الله بهم خيراً وباتوا وسطنا.
> إن كانت الأحزاب الكبيرة غير ديمقراطية، والحركة الإسلامية حدث فيها انحراف من حركة ديمقراطية إلى غير ذلك، إلى أن حلّ الانشقاق، وحالياً الجدل المستمر عن الإصلاح في المؤتمر الوطني، كذلك عاش الحزب الشيوعي الانشقاق، فمن أين تأتي الديمقراطية للسودان وتلك حالة أحزابنا الحديثة وغير الحديثة؟
وضعت أصبعك على موطن الداء. فقد توافر للنخب إمكانيات أوفر مما عكسته الممارسة. ولحد كبير جدا النخب مسؤولة عن مسار الديمقراطية في السودان نجاحا أو إخفاقا.
عدم نجاح تجربة ديمقراطية في السودان، باعتباره دولة من دول العالم الثالث، ترجع أساسا لعدم توفر البنيات الأساسية والضرورية لأي نظام ديمقراطي. وأذكر أن بروفيسور صب لويس من جزر الهند الغربية كتب مقالاً في مجلة «إن كاونتر» الصادرة من لندن وقال فيه: «لا فرص نجاح للديمقراطية في كل البلاد الأفريقية، والدول التي مارست الديمقراطية بصورة فعلية أقل من أصابع اليد فيما البقية فشلت». وما وضعه البروفيسور لغاية يومنا هذا قائم، بالنسبة للسودان أو غيره من الدول الأفريقية. ولويس يقول بحتمية سيادة الأنظمة غير الديمقراطية، ولكن ماذا بعدها؟ وأقول إلى اليوم نحن قابعون في مرحلة «وماذا بعد؟»، فالأمر القائم أنظمة ديكتاتورية أو أنظمة غير ديمقراطية منقوصة. ولكن الدول الأفريقية تمضي في الطريق وأعتقد «صب لويس» قال: «موضوعيا لا يمكن أن تمارس الديمقراطية إلا إذا كان مستوى الاقتصاد والاجتماع في مستوى أفضل»، وتجدني أؤيده، فالسودان -إلى حد كبير- فشلت فيه الديمقراطية لعدم توفر الوعي والتعليم -فهما يكملان بعضهما بعضاً- ونتيجة للفقر. وخارج العاصمة لا يفهم الناس ما تعنيه الديمقراطية. وقد ترشحت للانتخابات مرتين، إحداها انتخابات مجاعة، وكانوا يتحدثون عن قيمة الصوت الانتخابي، فسألت مجموعة التقيتهم في حي أبو آدم قادمين من أم روابة ويبدو عليهم أنهم لم يتناولوا الغداء فسألتهم: الصوت في أم روابة بكم؟ فردوا عليّ. فسألتهم: وبكم تتوقعونه في الخرطوم؟ وأجابوا أيضا. فقلت لهم: «لو أصواتكم دي كلها بهذه الطريقة فالديمقراطية ما عندها طريق في السودان».
> الأحزاب السياسية تقول إن وصفة ترسيخ الديمقراطية هي مزيد من الديمقراطية، وترد على عدم قدرتها على إحقاق الديمقراطية في السودان لكون العسكر ينقضون على السلطة ويقطعون الطريق أمام التجارب الديمقراطية واتصالها، وبمقارنة الحكم العسكري بالديمقراطي تجد أن فترات الحكم العسكري أطول كما أننا بعد الاستقلال بعامين دخلنا الدورة الجهنمية؟
هذه النقطة سأجيبك عليها لاحقاً، ولكن ضمن الرد على سؤالك الأول، فإنه علاوة على عدم توفر البنيات فإن التدخل الأجنبي في السودان -وغيره- له دور كبير جدا، حيث كان يفضل الأنظمة العسكرية، وكانت أياديه واضحة جدا في التغيير الأول «انقلاب إبراهيم عبود».
> وكيف يبين ذلك؟
كانت دعوة مباشرة من حزب الأمة فقد خشي من أدوار مصر السياسية، فاستدعى الجيش الذي تمنّع ابتداءً، لكنهم نادوه وقالوا له «غلبتنا» واستخدم عبد الله خليل خلفيته العسكرية. وتاريخياً حزب الأمة مسؤول عن انقلاب عبود.
كل الانقلابات التي تمت، شهادة عدم قناعة النخب بالديمقراطية، بدليل أن كل الانقلابات التي تمت في السودان من ورائها مدنيون أو منظمون في أحزاب وأفراد ذوو تطلعات، والتدخل الأجنبي وراء كل انقلاب حدث. وللسيد الصادق المهدي تصريح تلا انقلاب الإنقاذ قال فيه: «ده الانقلاب الوحيد الما عندو علاقات خارجية»، فيما بقية الانقلابات يستبين فيها القوميون العرب وروسيا وتشيكوسلوفاكيا. . فعنصر التدخل الأجنبي اساس في كل الانقلابات ليس في السودان وحده وإنما في المنطقة.
> الأحزاب تقول إن علاج الديمقراطية مزيد من الديمقراطية ولم يقولوا التعليم أو التركيبة الاجتماعية؟
المقولة صحيحة وقولة حق، والديمقراطية نظام رفيع وصلت له البشرية بعد مخاض طويل ونجاحات وإخفاقات، ويظل النظام الذي ينبغي أن نسعى للوصول إليه، لكنه سيأتي بثمن كبير، وسيلاقي نجاحات وإخفاقات أسوة بتعلّم «سواقة العجلة» والذي تعاني فيه السقوط والنهوض، لكن في النهاية الأمر سيستقيم.
النظام الديمقرطي هو المشروع السليم الذي يجب أن نعمل كلنا من أجله، وهذا لا يتأتّى إلا إن اتفقنا على مرحلة انتقالية. . وعلى أيام الجبهة الوطنية قلنا إنه لا يمكن أن نصل إلى الديمقراطية مباشرة ولا بد من فترة انتقالية يمنح خلالها للجبهة تفويض لفترة زمنية من قبل الشعب لأجل تسريع الخطى في تأمين مستوى أفضل وحياة اقتصادية واجتماعية. ويومها خالفنا الأستاذ أحمد زين -عليه رحمة الله- وأعتقد أننا نسعى لتبديل نظام بآخر.
> وافقت الأحزاب في مقولتهم «إن الديمقراطية تعالج بمزيد من الديمقراطية» ولكنك قلت قبلها إن هذه الأحزاب فاقدة للديمقراطية في داخلها، فكيف لحزب يفتقر للديمقراطية أن يوجدها؟ كذلك الواقع الاجتماعي لا يعطيك هذه الديمقراطية إلا بموجب انتشار التعليم ووضع حدٍ للفقر. فكيف للزمن أن ينتج ديمقراطية، أوليس من الأولى أن نصل إلى خلاصات بعد كل تلك المدة؟. . ففي العام 1958م وبُعيد عامين من الاستقلال دخلنا في الدائرة الجهنمية أولم يأن أن ينتهي هذا التيه الوطني الطويل إلى مسلمات؟
الرد بسيط جدا، والخيار واضح جداً، والشعب السوداني برمته إن خُيّر فسيختار الحرية، وذلك على أساس أن بيت القصيد في الحياة هي كرامة الإنسان التي هي حجر الزواية لبناء أي مجتمع سليم، والعطاء يرتبط بالحرية، والشخص لا يستطيع أن يعطي إلا ضمن مناخ يشعر فيه بأنه حر. . وأهل السودان لا يمكن أن يستبدلوا الحرية بخيار آخر سواء كان ممثلاً في العسكريين أو في جماعة أوصياء عليهم، وذلك مهما يكن، وإن كان ذلك «عدم إتاحة الحريات» ممارساً في مرحلة الوعي والتعليم ضعيفان خلالها، والأوضاع الاقتصادية سيئة، والآن السودان والحمد لله يشهد تصاعداً في الوعي والتعليم بصورة غير مسبوقة. ففي عام 1994م كان عدد المدارس في دارفور «21» مدرسة، لكنها اليوم اكثر من «250» مدرسة ثانوية، وعليه أعتقد بتوافر فرص التعليم -صحيح قد لا تكون مرتبطة بالوظيفة- ومن الأحسن أن يكون لدينا خريجون كثر في التعليم من أجل التعليم حتى يثروا القطاع الخاص، وهذه كلها مقومات لإنجاح الخيار الثاني «خيار الديمقراطية والشورى»، فكلنا اقتنعنا أن الخيار الأول مرفوض للرجل العادي حتى لغير المتعلم، الذي يرفض أن يكون تابعا ولا رأي له، الوعي انتشر، ومن يتحدثون عن امتلاكهم خيارا غير الديمقراطية ومقبولاً ليحدثونا بمنطقهم.
مشكلتنا هي النخب، وإلى حد كبير وبحكم الاستعمار الإنجليزي أخذنا عمياناً ديمقراطية «ويستمنيستر موديل» وعاجزون أن ننفتح قليلاً ونرى أن نجاح الأنظمة رهين بوضع اعتبار للتركيبة الاجتماعية للبلاد. عليه يلزمك ابتكار نظام يشبه الناس والمرحلة التي وصلوا إليها، والأمريكان ضربوا مثلا إذ إنه وبعد خروج الاستعمار الإنجليزي عن أراضيهم لم يتبنوا النظام الإنجليزي مباشرة، بل ابتكروا نظاماً أمريكياً دماً ولحماً. . نظاماً يعمل حالياً ويشبههم تماما ويحوي عبقرية الإنسان الأمريكي والمؤسسين الأوائل لأمريكا. ذات الأمر ضروري في السودان لإنجاح التجربة الديمقراطية، وينبغي أن نعيد النظر في ابتكار نظام جديد وخلق ديمقراطية تناسبنا، ويلزمنا أن نحاول -قدر الإمكان- تصحيح البيئة «الاقتصادية والاجتماعية. . إلخ» حتى نمكن الإنسان من الوعي. علينا أن نضخ كمية كبيرة جداً من الوعي بأفضلية النظام الديمقراطي.
هنالك تجربة لنيجيريا نقلتها من الولايات المتحدة الأمريكية واستمرت عشر سنوات وانتهت للفشل، كونهم حاولوا أن يضخوا أدبيات الديمقراطية الأمريكية ونظام الحزبين. فيما نحن وإلى اليوم عاجزون عن معرفة النظام الذي نريد أن نعمل به ومدى جدواه: أهو نظام المجلسين «الشيوخ والنواب»؟ أم نظام مجلس شيوخ الذي عملنا به بعد الاستقلال وعدنا إليه لاحقاً؟ هذه قضايا على النخب أن تثيرها، وعلى الجامعات تقديم عطاءاتها للمجتمع والتجاوب مع مشاكله.
القواسم المشتركة بيننا والقيادات الحزبية أكثر مما هو متوفر في أي دولة أخرى، جراء المعارك والمجاهدات التي خضناها سوياً. فطبيعتنا الاجتماعية تمنعنا من مواجهة بعضنا وكل ذلك يبشر بأن المستقبل للديمقراطية وللسودان.
> حين ننظر للتجربة السياسية التي بدأت في العام 1989م وإلى اليوم «بدايات العام 2013م»، هل تعتقد أن الديقراطية بأي فهم كان: غربية أو خاصة، واضحة عند الحركة الإسلامية ومنسوبيها؟
هذا تحدٍّ يواجه الحركة الإسلامية ويجب أن تعترف به.
> بعد مضيّ أكثر من عشرين عاما؟
نعم. وهذه فترة ليست بالطويلة ودخلنا خلالها تحديات.
> ضف للعشرين سنة ما جرى منذ الاستقلال في العام 1956م؟
أي شخص منصف عليه أن يعرف أننا من «قولة تيت» في العام 1989م لم نرتحْ أبدا، وقوى كبيرة جداً خاضت حروباً ضدنا، وحرضت علينا جيراننا وجيوشهم ليعتدوا علينا، وعليه أعتبر كل هذه المرحلة استثنائية، وحتى الآن لا أدعي امتلاكنا سياسات واضحة ننفذها لأنهم «ما خلّونا». انتهت مشكلة الجنوب ففتحوا لنا جبهة دارفور، وانتهت دارفور ففتحوا لنا ملف الإرهاب. انتهى الإرهاب، وماضين في ذلك الطريق، والقوى التي جابهناها كبيرة ولا يستهان بها، وفي المعارضة كانت رؤيتنا نظرية ومثالية جدا «يوتوبيا» لإقامة النظام المثالي والديمقراطي.
وعندما تسنّمنا الحكم اصطدمنا بذات المعادلة التي لم تجدها الأحزاب السابقة لنا «مؤتلفة ومنفصلة» معادلة الحرية والاستقرار، حيث جوبهنا بذات الأمر، ولو أن أهل السودان -كلهم- خيروا بين الاستقرار والأمن من جهة، والحريات من جهة أخرى، لاختاروا الاستقرار والأمن، فمن دون الأمن والاستقرار لا توجد تنمية ومشروعات، ولكنّا رغم ذلك وطبقاً لشهادة السفير الكيني الذي قال إنه عاش في بلاد كثيرة جداً، لكن خطى التنمية في السودان غير مسبوقة، بدليل أن كوبري توتي لم يكن موجوداً قبل أربع سنوات، ثم نظر إلى كوبري المك نمر وقال إنه الآخر لم يكن موجودا. . فلو تكفلت بإضافة سد مروي ومجمع نهر عطبرة وستيت وتعلية خزان الروصيرص، هذه مشروعات أربعين سنة، ولكن رغم ذلك كله نعطي اعتباراً لاستقرار وأمن المواطن.
> على مستوى العمل السياسي كنتم في حالة صراع دائم مع الأحزاب السياسية. لديكم مشاكل في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، كما انفصل الجنوب. . وبالتالي فالكسب السياسي صياغة حالة وفاق مبنية على رؤية مع الأحزاب بأن الملعب يسعنا جميعاً وهي رؤية غير موجودة حالياً؟
أتفق معك فيما ذهبت إليه. فنحن رأسمالنا شهادة جامعة الخرطوم وليس لنا في هذه البلاد ضريح أو قبة، لدينا برنامج طرحناه ووجد القبول من أهل السودان وفاز بالأغلبية بلا منازع وبشهادة العالم كله، ولأن «الشيلة تقيلة وما هينة» حاولنا أن نسعى ومن أجل السودان قلنا «خلونا» نتفق على قواعد اللعبة الديمقراطية التي تخول لها النجاح والمسير في الطريق الديمقراطي، خاصة ونحن نعرف بعضنا جيدا.
> هذه المعرفة نضعها بين قوسين؟
نعرف بعضنا في المعارضة والحكومة، وهذه تمكننا من الكلام «ولسانا يكون طويل شوية» ونقول دعونا نتفق: لا عنف في السياسة سواء بكمبالا أو القوات المسلحة. «شايل تصلح بالسلاح» فلا مكان لك. . وهذه ثقافة ينبغي أن نعمّقها في الشعب.
> بديل السلاح أن تهيئ الملعب للاعبين؟
أنت لا تفرض عليّ شروطك، دعونا نتفق على قواعد اللعبة «ما في سلاح» والحمد لله السيد الصادق المهدي وأسرته بثقلهم في البلاد أقروا بهذا.
> لكن عنده من وقع على وثيقة «الفجر الجديد»؟
هذا أمر آخر، لكن الصادق أعلن أمام الرأي العام أكثر من مرة التزامه بعدم اللجوء للسلاح كوسيلة للتغيير والتصحيح، والتزامه بعدم اللجوء للاتصال بالأجنبي «عربي أو غير عربي» وهي خطوات كبيرة وجريئة تحمد للسيد الصادق المهدي. وأعتقدنا -حالياً- في وضع أفضل من المعارضة، ولنا دور أكبر في تهيئة المناخ لجمع الصف الوطني، وذلك من منطلق أن الموضوع «شيلة كبيرة».
> هذا حديث مكرور، فمن ناحية نظرية جميل جداً ولا غبار عليه، ولكن ما من شواهد عملية تعززه؟
من الأوفق أن نكرر القول لإقناع الغير.
> ولماذا عجزنا عن إيجاد الوفاق الوطني الذي تحدثت عنه؟
الوفاق الوطني من أطراف مختلفة وليس من طرف واحد، وهذا ممكن، إن أراد ربنا بهذه البلد خيراً. البرامج لا خلاف فيها من النواحي الموضوعية وقواعد اللعبة نتيجة لتجاربنا كلنا اقتنعنا بعدم جدوى الاستعانة بالأجنبي وعدم فعالية التغيير بالسلاح. وأي شخص -الآن- واعٍ جداً بأن أي محاولة للتغيير بالسلاح حال نجحت فهي الفوضى بعينها.
> هل الديمقراطية فكرة مركزية داخل الحركة الإسلامية؟ وهل الحركة الإسلامية تؤمن حالياً بأن نموذج الديمقراطية الغربية الأوجب بالاحتذاء أم تمتلك نماذج أخرى؟
هذا الموضوع بحاجة إلى قراءة واهتمام أكبر من الموجود حالياً، وعلى الناس أن يسالوا أنفسهم: هل النظام الديمقراطي المأخوذ إلى حد كبير جدا من التجربة البريطانية نجح في السودان؟ وهل يمكن أن ينجح؟ أم بحاجة إلى توليف أسوة بالسيارات القادمة من الخارج حتى تلائم طقس البلاد؟ علينا أن نستفيد من تجاربنا في النظام الديمقراطي ليكون أكثر فعالية مما هو عليه الآن.
> السودانيون مقبلون على انتخابات في العام 2015م ونريد أن نضع أسساً تخول لنا الخروج من المأزق الذي دخلناه منذ الاستقلال؟
الانتخابات فرصة كبيرة جدا للنظر لأنظمة كثيرة للانتخابات، ولا بد من الاستفادة منها. وأعتقد أن نظام الدوائر الانتخابية لا يمكن أن يكون فعالاً ولابدّ من «خلطة» كما جربناها أخيراً، بمعنى أن نبحث عن نظام ديمقراطي يساعد على تبني نظام انتخابات يوفر مشاركة لكل القوى السياسية الموجودة سواء على المستوى الجغرافي أو القطاعي، إذ تجدني غير موافق على نظام «الكوتا» التي يجب أن نلجأ لها في ظروف استثنائية فقط كما فعلت إنجلترا بدايات عهدها بالديمقراطية «كوتا للمثقفين»، ولدينا وإلى آخر انتخابات عملنا بنظام الكوتا، والذي من شأنه أن يضعف الأحزاب والأخيرة هي الآليات الحقيقية للممارسة الديمقراطية، وعلى المثقفين والمرأة والمهنيين الاتجاه للأحزاب «ما في حاجة اسمها كوتا» وسواء أكنت مهندسا أو طبيبا عليك أن تلتحم بالجماهير وتحظى بثقتها وتدخل الأحزاب لتعزيزها وتقويتها، ولكن بكل أسف فإن الحديث في هذا الموضوع يخشاه الناس ولا يتحدثون عنه.
> تدخل فيه الجندرة؟
تعجبني سعاد الفاتح، وهي من قيادات هذا البلد، ولكنها خاضت طريقها ليس بالكوتا وإنما بعقلها وجهدها. ودوما ما قلت إن سعاد الفاتح وثريا إمبابي انتزعتا حقهما ليس فقط لأجل أن تصوت المرأة ولكن لتترشحا ويتم التصويت لهما. وبعد أكتوبر مباشرة قدمن مذكرة لسر الختم الخليفة في موكب مهيب، وحاولت كقيادي في الحركة الإسلامية معرفة فحوى المذكرة ولم أنجح في ذلك إلا بعد أن سلمنها، حيث عرفت مضمونها، القائل بعدم قبولهن فقط أن يصوتن للرجال، فهن شقائق الرجال ويحق لهن الترشيح. نحن نحتاج لذلك النموذج والذي تتنافس فيه القيادات النسوية والرجالية لأجل خدمة الوطن وتحظى بثقة المواطن.
> قلت بمعرفتكم للقوى السياسية بعضهم في الحكومة والمعارضة، فهل تكمن المشكلة في معرفتكم بعضا أم هو التنافس والغيرة والرغبة في الاستئثار بالسلطة؟
أخشى ذلك. فقد كنت آمل أن نستفيد من المعرفة في أمور إيجابية، وكنت أعتقد أن العلاقة التي نمت في ظروف شدة على أيامنا في المعارضة، واستمرت أثناء وجودنا في الحكومة (الوفاق الوطني 88-1989م)، ومرت تلك الفترة دون أي خلافات ولولا القوى الخارجية والتدخل الأجنبي السافر «ليس الغربي وحسب وإنما والعربي» لاستمررنا في الحكومة دون انقلابات. فالتدخل الأجنبي كان مدعاة لأن نفترق، وهم استغنوا عنا باعتبار أنه لا الغرب ولا العرب يريدون الحركة الإسلامية وأثير هذا وأحدث فجوة بيننا وإخواننا، ولكن لا مبرر لأن تستمر هذه الفجوة.
> المعارضة تقول إن الحركة اإسلامية لا تريدها وأنها تريد أن تحكم لوحدها؟
هذا نفس الكلام الذي نقوله، ولنا دليل واضح ومسطور في كل الكتب، بأنهم خضعوا للضغوط الغربية واستغنوا عنا دون سبب، رغم أن قدرتنا أكبر منهم نتيجة أعداد المتعلمين في صفوفنا، والدليل مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير والذي ضم 60% من حملة الشهادات، ودع خريجي السجون منهم، فتلك سيرة ذاتية منفصلة (إشارة للنضالات)، وحين نّدعي امتلاكنا قدرات أكبر أحيلك لما قمنا به في العشرين سنة من استخراج للبترول، والذي ظل مطمورا منذ أن خلق الله السودان، ولكن الإرادة لم تكن موجودة، والعجز والشلل الموجودان أعجزاهم عن فعل «أي حاجة».
> عودتنا على الصراحة، فإن الأجيال التي تناظرنا تشعر بعدم رضا عن نخبنا السياسية منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا فهل السبب عائد لأزمة نفسية بين الفرقاء وتجعل من الوفاق الوطني أمرا مستعصيا؟
هذا التعميم 1956 – 2013م لا أسلم به كاملا. صحيح منذ العام 1956م كان هنالك عجز واضح وشلل ولكن في العقدين الأخيرين كان الوضع أفضل نسبيا مما كان عليه. وموضوعيا حتى الأعداء يقرون بتصحيح العبارة التي قلتها.
> أتحدث عن العلاقة مع الأحزاب؟
الحق يقال «الواحد يختشي»، فالوضع في السودان الذي استقل في العام 1956م وإلى 2013م لا يشرف، علينا ألا ننظر فقط للخرطوم العاصمة بل للأقاليم كلها. السودان نال استقلاله قبل ماليزيا، وجنوب أفريقيا، ولذا علينا أن نخجل وألاّ نحمّل المسؤولية لفصيل، فالكل مسؤول. فهل يكون ذلك عظة لنا لنبدأ كتابة صفحة من أجل المواطن السوداني الذي تعب وعانى كثيراً رغم الإمكانات الكبيرة في ظاهر الأرض وباطنها؟ علينا أن نتجمع ونستجيب لنداء المواطنين من أجل حياة أفضل.
> هل من علامات تدل على إمكانية أن نتجمع ونستجيب؟
من العلامات أن الحزب الاتحادي الديمقراطي- وهو حزب عريق ظلّ وسيظل يؤثر في الحياة الاجتماعية والسياسية- اتخذ مواقف إيجابية.
> الاتحادي حزب منشق على نفسه؟
أياً كان انشقاقه؛ وإن كانت الانشقاقات تتوجه لخدمة السودان فلا يمكن أن نفرض على الناس أن يكونوا في إطار واحد. ظل الحزب الاتحادي الديمقراطي- ومنذ أن نشأ السودان- منشقاً، وهو أمر ليس بجديد عليه، وحزب الأمة شارك في السلطة، والحزبان دخلا السلطة بأعداد كبيرة ويشكلان القطاع المتحضر والواعي، وسيصعب عليك الأمر إن وقف الحزبان موقف المعارضة، فقياداتهما أكثر الناس «نقة» واهتماماً بمصالحهم ومصالح الوطن، ومنطلقاتهم في ذلك واضحة، والحزبان أخيراً اتخذا قراراً -في تصوري- سليم، والسيد الصادق مشكلتنا معه أننا نحاول جعله يتبع قوله بالعمل ولا نريده أن يتحدث عن عدم اللجوء للسلاح وواحد من منسوبيه يوقع على وثيقة «الفجر الجديد»، ولكني مع ذلك أستبعد لجوء الأمة والاتحادي للسلاح على عكس البقية. عموما البلد بحاجة للقول الوطني واتباع ذلك بالعمل.
> هناك من يرى أن الأحزاب بدأت تتراجع وتضعف لبوار أفكارها وعدم إيناعها نتائج وثماراً، ولعلّ هذا بسبب الانشقاقات والعجز عن التطوير، لذا ونتيجة لذلك يتم الالتجاء -حالياً- للقبيلة التي باتت العاصم للمثقف والسياسي؟
ظاهرة تراجع الأحزاب موجودة حتى على المستوى الأوروبي.
> حدّ اللجوء للقبيلة؟
عصبية الحزب تراجعت، حتى في أمريكا ضعفت وفكرة الحزبين هناك متمثلة في إقامة حكومة تقف على مصالح الناس. . إنجلترا بعد تاتشر تراجعت كثيراً ولم يعد ممكنا التفريق بين المحافظين وحزب العمال، وبات حزباها ميالين للشورى -وليس الديمقراطية- باعتبارها وسيلة أنجح. ولا أتفق معك بأن الناس في السودان رجعوا للقبيلة، ولكني أظنهم آبوا إلى جهويتهم، والجهوية ضعيفة جداً، فالضربات التي تلقتها القبيلة من الحكومات المتعاقبة والمعارضة جعلتها في حالة عدم تصديق. والآن المثقفون الذين يلعبون أدواراً كبيرة في المعارضة «ما عندهم شيء اسمه قبيلة وما عايزنها كلو كلو»، رغم أن القبيلة سلاح فعال لمعالجة كثير من القضايا.
الناس التجأت للجهويات، وباتوا يتحدثون عن دارفور، وجنوب كردفان، ليس باعتبارهما جزءاً من السودان، ووضح حاليا وبكل أسف أن الناس انكفأوا عليها، وهذا تراجع.
> من المسؤول عنه؟
إلى حد كبير، المسؤولية تقع على عاتق قبضة النظم المركزية في إنشاء كيانات كتلك التي قامت، وبكل أسف مع وجود النظام الفيدرالي لا تزال القبضة المركزية موجودة ويترتب عليها مثل الذي حدث.
> حين تشاهد وفودا من القبائل تلتقي حزبا من الأحزاب كحزب المؤتمر الوطني الحاكم لمبايعة زعيمه هل ذلك أمر إيجابي أم سلبي؟
هذا أمر سالب ولا أوافق عليه، ومن الأولى ألّا يعطوا اعترافا من الأصل. كفاية. فقد نلنا استقلالنا منذ عقود ولا يمكن أن نأتي ونستقبل الناس تحت لواء القبيلة، والقرآن يقول إن للقبيلة أغراضا جيدة، غير أن النظام الذي أتوقعه في السودان ينصب اهتمامه بالفرد، لا أريد أن أقول ضد القبلية ولكن ضد أن تتخذ القبيلة سلاحاً وقوة تستخدمها الحكومة، أو آلية تستخدمها المعارضة.
> ختاماً، لماذا فشلت تجارب الأحزاب السياسية في إنتاج حكم ديمقراطي مستقر؟
لا أتفق معك في إطلاقك حكم الفشل، فأنا ضد الإطلاق والتعميم في السياسة. في السودان سبقنا إخوان يجب أن نذكر محاسنهم منذ استقلال السودان وانتزاعه من القوتين «الإنجليز والمصريين»، ومساهمتهم ليكون هنالك سودان حديث بتطلعات وأشواق. نحن فقط حاولنا الدفع في هذا الطريق ولكن قابلتنا وما تزال تقابلنا صعوبات. هذه الصعوبات لن تثنينا من الوصول إلى الهدف المنشود، وهو مجتمع متحضر ومتميز يلتزم بنظام ديمقراطي يناسبه، وهذا الأمر يحتاج لتضافر الجهود واتقاء الله في هذه البلاد، إذ ينبغي الوقوف عند الخطوط الحمراء في احترام السودان وحدوده المعروفة واحترام الرأي والرأي الآخر، واحترام الحرية ونتيجة صندوق الانتخابات.

الصحافة

تعليق واحد

  1. أخبار إقليمية
    أحمد عبد الرحمن : الشيوعيون ما «خلوا لينا» فرصة لنجتهد فالحزب الشيوعي واليسار عموماً لديهم مقدرة التدوين والكتابة والتوثيق أكثر من أي مجموعات أخرى

    بالله العظيم دا إسمو كلام…صادرتم الدين والأخلاق والعرف والمعرفة والثقافة وإحتكرتم حتى (الذات العلية…جعلتم الله ملكاً خاصا لكم دون باقي خلقه أجمعين!!)…إدعيت (م)أنكم أصحاب الرسالة والعرفان والكشف والمشروع الحضارى…وحامى حمى الدين…وفرسانه في قارتنا (القارة السوداء)….بماذا ضايقكم الشيوعيون…وهم القلة…وهم الضعفاء….وهم (القلتو عليهم…إنتهينا)…شتتموهم…شردتموهم…سحلتموهم…سجنتموهم…تآمرتم على (تكفيرهم) وطردهم من البرلمان… علمانيون ،كفار ،طابور خامس ،عملاء..أقمتم كل بنائكم الفكرى والنفسي والقيمى على إطفائهم(COMPLETE EXTINCTION)تماما…ولكنهم بسبب من بساطتهم ونجاعتهم وشجاعتهم ونبالتهم وكريم خلقهم وأمانتهم وعلو كعبهم في ميادين الثقافة الحقة والوعي المتشبث بالحق والمتسربل بالحقيقة مطلقا و بدافع من وطنيتهم التى لا يطالها شك ولا خبال متأسلم دعى…صمدوا وإنبعثوا…وما يزالون… من نيران المعارك كالعنقاء ..كالغول…وكالخل الوفى…فهم الأوفياء لمواطنيهم ولوطنهم بلا أدنى جدال….

    عجيب هذا (الأحمد عبد الرحمن) وهو في خبائه الثمانينى الملئ بالثقوب والخروم والفضائح…وهو يصوغ هذه العبارة البلهاء بل كل(خوائه ودلاقه وطراشه الإعتذاري التبريرى المتعفن الذى طرحه علينا)….!!!
    الشيوعيون…الشيوعيون…الشيوعيون…وكأنهم مردة أتوا من خارج هذا الكوكب…أوطلاسم غامضة جاءت ذات صدفة إلى (البلد وزمان الناس هذا)…!!!
    لم يحل الشيوعيون…ولا غيرهم …بينكم وبين الكتابة والثقافة والتدوين…والفن…والأدب والرياضة والمسرح والموسيقى والتشكيل بمدارسه المختلفةورفد حياة الناس بكل ماهو خير وجميل ورائع وطيب ومحبوب لدى الناس والكافة..نعم لم يقف الشيوعيون ،ولا غيرهم من قوى المجتمع، حاجزا ليصدكم ويحول بينكم وبين هذه الملكات والمنح والمواهب والروائع!!!
    نعم لكنه الكلام المجانى المرسل والذى لا يكلف صاحبه شيئا…إنه (مرة أخرى وثانية وثالثة ما سميته مرارا وتكرارا اللواط الفكرى…والتدعير اللغوى…والإستمناء الفارغ الذي يصدر من كافة هؤلاء المستلوطة المتأسلمين من لدن ترابيهم ومرورا ب(على حاجهم)..وأفنديهم وطيب زين عابدينهم..وحسن مكيهم…هو هونفس (الدلاق والخراء والفسو والضراط )الإتذاري التبريرى الفارغ…يعيدونه علينا وهم يشهدون ما فعلته اياديهم الباطشة بحق البلاد والعباد واديان الخلق وأعرافهم باللون والشكل والطعم والرائحة…!!!

    إمتلكتم زمام البلد والشعب والمثل والدين لأكثر من ربع قرن من الزمان بما فيها فترة ليست هينة من حقبة (السفاح الأبله ..نميرى..لاتغشته رحمة ربك…)وما كان حصادكم سوى الجدب واليباس والفرقة والشتات والتمزيق والحرب والقتل والفساد والإفساد وإغراق حياة الناس بالبؤس والمذلة والرهق…وكافة أصناف المعاناة والآلام والشقاءوالعنت!!
    في الأصل هل يمتلك (المتأسلم الدعى) ناصية مثل هذه الملكات…يشهد الشعب المستمع والمتذوق والقارىء والمشاهد نتاج ملكاتكم فيما أطلقتم عليه وبالصوت العالي الجهير (المشروع الحضارى)…النفرة…الذكر والذاكرين…الإستراتيجية..السنوية..الخمسية..العشرية..الربع قرنية…الجمهورية الثانية…دولة العلم والإيمان….إلخ هذا التلاعب الطنان بالألفاظ!!!
    دع الشيوعيين في حالهم…نعم دعوهم في حالهم…وإلتفتوا لحال البلد الذى لا يسر صديق….ولا يثير إلتفاتة عدو (حنق مغيظ)!!

    لقد إنشغلتم بالسلب والنهب والسرقة والفساد وإفساد حياة الناس….كيف ينتج (المافيوزىA MAFIYA-MAN) أدبا وفكرا وثقافة ويحافظ على قيم وطن ومواريث أمة…نعم هذا لا يجوز!!!

    يا أحمد عبد الرحمن ستطاردك (م) لعناتنا…ولعنات هذا الشعب حتى القبر…وسنظل ندعو الخالق الرحيم أن يريكم علامات سخطه وغضبه وأنت وأنتم وأنا وهم ونحن أحياء نشاهد ونرى
    اللهم لا ترحمهم..ولا تعف عنهم…زلزل الارض عليهم..أنزل بهم بأسك الشديد بلا رأفة عليهم ،بلا هوادة.. وعلى نسلهمم ومشايعيهم…هم الكذابون …الأدعياء السرقة القتلة الظلمة الفجرة…أرنا فيهم بشارات قدرتك…بقدر ما أذلوا وأهانوا وبطشوا وروعوا هذا الشعب الطيب السمح الجيل!!

  2. الشيوعيون أفضل منكم ملايين المرات وذلك ليس فى التنظيم فقط بل فى الشفافية وحبهم للوطن وعفة يدهم ولم نسمع بشيوعى سرق وأعرف معظمهم معرفة حقيقية مسلمين بحق ينطقوا الشهادتين ويصلون ويصومون ويعرف الله حق قدره ولكنكم أنتم بائعى الدين بالدنيا وحرامية ولا تخافون الله والدليل ماأوصلتوه للبلاد من دمار وسرقة وتطاول فى البنيان وتدمير كل شىء فى الوطن وذلك لأنكم أخوان الشيطان.

  3. والحركة الإسلامية كان وما يزال لها الحظ الكبير من المتعلمين والمثقفين وقطاعات الوعي في المجتمع،

    الحظ الكبير من المتعلمين والمثقفين وقطاعات الوعي (اضحك ام ابكي ) لواقع الحال المنحط بايدي النمذكورين

    الشيوعيون ما «خلوا لينا» فرصة لنجتهد. فالحزب الشيوعي واليسار عموماً، لديهم مقدرة التدوين والكتابة والتوثيق أكثر من أي مجموعات أخرى بما فيها الحركة الإسلامية. واليسار عاش منذ فترة باكرة انشقاقات كثيرة، لعل أكبرها الانشقاق الذي ابتدره كادرهم عوض عبد الرزاق «اسمه الحركي عامر» ووقتها عاشوا صراعات ومشكلات أفضت إلى مواجهات شديدة كلها مدونة ضمن أدبياتهم، لا شيء مخفي، أما السبب لذلك فكان شعورهم بهيمنة الرفيق -رحمة الله عليه- عبد الخالق محجوب.

    لا يهمنا انشقاقات الحزب الشيوعي كثير ا بقدر ما يهمنا قولك (( ** واستفادت من كل التجارب المحيطة بها بما فيها الشيوعية والبعثية وغيرهم. كنا مهتمين بهذا الأمر اهتماماً خاصاً، ونرى ما يمكن أخذه منهم، وفي النهاية استقطبت الحركة عناصر كبيرة منهم،))** نقل بالمسطره يا مؤرخ يا كاذب الفكر يحارب بالفكر وليس بالدجل والغش

    والله الرفاق يقودوكم للبحر وترجعون عطشي اتقوا علمهم وفهمهم لا تستهونوا حزبنا العتيد العنيد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..