نعم ثلاثة مليارات دولار

التصريح المنسوب للسيد وزير التجارة الخارجية الذي قال فيه إن عائدات تصدير الصمغ العربي قد بلغت ثلاثة مليارات دولار في الثلاثة أشهر الأخيرة قد سارت به الركبان ليس لأن فيه كثير مبالغة بل لأنه منسوب لوزير التجارة الخارجية الذي كان يجب أن يعلم علم اليقين أن كل صادرات السودان منذ أن انفصل الجنوب وخرج البترول لم يكن هناك حديث بالمليارات عن الصادرات على المدى العام ناهيك عن ثلاثة أشهر. أخبار الصمغ شبه المؤكدة تقول إنه في الثلاثة أشهر الأخيرة بلغت صادراته ثلاثين مليون دولار وبهذا يكون هو محصول الصادر الأول وبدون منازع في الأشهر الأخيرة (انتو قايلين الصمغ هين ولاهين؟) الصمغ العربي قبل النفط كان الصادر الرئيسي بعد القطن ثم خرج النفط وتدهور تصدير القطن طويل التيلة ويكفي أن نذكر هنا أن المساحة المزروعة منه انخفضت من اربعمائة الف فدان الى أقل من اربعين الف فدان والفضل في هذا يرجع لكارتيل وحرامية القطن عليه يظل الصمغ وحده راكزا في صموده.
شجرة الصمغ هشاب ثم طلح ظلت على ماهي عليه منذ فيضان نوح الى يومنا هذا وظل مزارعها أي الذي يطقها لاستخراج الصمغ على ماهو عليه دون أن تمسه يد الحداثة او حتى قليل رفاهية. ذات البؤس والفقر وذات أرض القيزان الرملية لم يشقها شارع اسفلت ولم تقم بها خدمات تعليمية او صحية والأخطر من كل هذا انعدام ماء الشرب في فترات طويلة من العام. يد الحداثة لمست منتج القطن فتم تطوير المحصول وأخذ المزارع يتعامل مع آليات حديثة حتى الثروة الحيوانية دخلها التلقيح الصناعي وأصبح منتجها يركب اللاندكروزر بينما ظل منتج الصمغ على ماهو عليه على مدى الدهور والحقب ومع ذلك يرفد خزينة الدولة بمبلغ مقدر من العملات الصعبة وهو لا يعرف أي شيء عن هذه العملات. لا يعرف سعر الدولار ولا يعرف سعر الصرف ولا يعرف بكم دولار يباع طن الصمغ بل لا يعرف كلمة طن إنما آخر وحدة وزن عنده هي القنطار.
الصمغ العربي هو المنتج الذي ينفرد السودان بإنتاجه عالميا ولا يمكن للعالم أن يستغني عنه ويكفي أن امريكا قد استثنته من مقاطعتها للسودان ومع ذلك ظلت أسعاره متدنية مقارنة مع حاجة العالم له فهو مكمل غذائي وعنصر غذائي يدخل في مستحضرات طبية وتجميلية كثيرة ولكن للأسف فشلنا نحن في السودان تسويقه فنحن حتى اليوم نتكلم على أن تكلفة إنتاجه قريبة من الصفر متناسين مطلوبات المنتج الأولى من ماء صحي وطرق وخدمات طبية وتعليمية ومعيشة. إن تكلفة الانتاج قريبة من الصفر لأننا حسبنا قيمة عمل المنتج الأولي حسابا بخسا.
نعم هناك جهود مقدرة تقوم بها الهيئة القومية للغابات ومجلس الصمغ وبعض المصدرين وبعض المصنعين للصمغ لا بل حتى بعض المستوردين للنهوض بحزام الصمغ العربي أرضا ومناخا وإنسانا ولكنها حتى الآن دون المطلوب فهولاء الشركاء إذا قاموا بمسؤوليتهم تجاه المنتج وقامت الدولة بواجبها تجاه تلك الرقعة الجغرافية وتم حساب تكلفة الإنتاج حسابا صحيحا بدءا بمطلوبات المنتج الأولي الحياتية يمكن للسودان أن يجني مليارات الدولارات وفي أشهر معدودة لأن هذا هو الوضع الطبيعي فمن فضلكم ابحثوا عن العلة بدلا من التندر من كلام الوزير الذي كتّر المهلبية.

السوداني

تعليق واحد

  1. مادام الصمغ العربي دا بجيب قدر كدا مايدو منها التعابه ديل حقهم بلا يحرق الاكلو عرق الناس

  2. العلة معروفة نحن شعب من النعاج يحكمونا ويتحكموا في عقولنا خرفان احياناً باسم الدين واحياناً باسم العروبة واحياناً باسم الوطن

    المهم الخرفان تحكم والنعاج تخضع

  3. نرجو منك يا استاذ وانت ابن مزارع فى الجزيرة ان تواصل حـديثك عـن الصمغ وتعرفـنا اكثر عـن شجـرة الصمغ كيف يتم زراعـتها؟ هـل عـن طريق بذور ام كيف ؟ وكم تحتاج من الوقت حتى تنتج ؟ وكم تستهلك من الماء ؟ وكيف تنمو ؟ هـل عـشوائيا فى الخلاء ام يتم بفعل الأنسان ؟ وكم عـمرها حتى تنتج ؟ واين مكان تواجدها أى فى اى منطقة يكثر تواجدها ؟ وهـل يمكن ان تنمو فى اى بقعة فى السودان ؟ وشكرا .

  4. شكراً لك يا أستاذ البوني على قول الحقيقة وتجاوز ما قال الوزير رغم علّاته إلى جوهر الموضوع وهو المزارع الذي يشقي وراء إنتاج الصمغ ولا يتعدّي نصيبه جنيهات لا تسمن ولا تغني من جوع رغم أهميّة هذه السلعة وندرتها على مستوي العالم. إذ نجد أنّ جميع الحملات والغزوات التي استهدفت السودان كان الإستيلاء على الصمغ أحد أهمّ الأسباب الداعية إليه وكان دوماً سعر الشراء رخيصاً إذ لم يكن يراد لهذه الشريحة الواسعة من المواطنين أن يكون لها حظّ في ما تنتج ليساعد على تطوير حياتهم. واستمرّ هذا النمط من الإستغلال حتّى بعد إجلاء المستعمر إذ حافظ المتنفّذون الوطنيّيون على ضمان تدفّق هذه السلعة دون أن يبذلوا جهداً موازياً في تطوير المنتج الاصلي إذ ظلّ على ما هو عليه بل وتدهور حاله على النحو الذي قد يقف معه عن الإنتاج تماماً.

    مناطق الإنتاج هي من أفقر المناطق في هذا السودان الفضل والمنتجون في طريقهم إلى التلاشي إن لم تتدخّل الدولة وبشكل جدّي لرعايتهم كمواطنين أوّلاً وكمنتجين ثانياً وعلى الجهات المستفيدة أيضاً تقع المسؤوليّة على إستخدام جزء من العائد لتطوير البيئة وليسهموا في زيادة الإنتاج.

    قضيّة إنتاج الصمغ العربي وما يحيط بها من غموض فيما يخصّ السياسات والأسعار بوجه خاص تقتضي مشاركة المنتجين وتمثيلهم بعدالة في جميع اللجان التي تعني بوضع تلك السياسات من إنتاج وتسويق وتطوير إذ لا يعقل أن يتمّ كلّ ذلك في معزل عنهم وتهميشهم عمداً ولا نجد هذه الحالة الشاذّة وبشكلها الصارخ هذا في قطاعات الإنتاج الأخري.

    أتمنّى أن يجد هذا الموضوع الهام الإهتمام الكافي من السادة قرّاء الراكوبة والمهتمّين بأمر تطوير الهامش.

  5. عزراً دكتور البوني واشكرك كتير لقولك قول الحق في كثير من المواقف…لكن الحقيقة هي..انه لو كانت شجرة الهشاب موجودة بالشمالية ونهر النيل لتحدث بانتاجها الركبان ولاصبحت حديث ازاعاتنا وتلفزيوناتنا وصحفنا السيارة والالكترونية …ولتم تنصيب وزير في الحكومة الاتحادية باسم وزير وزارة الصمغ العربي ..لكن للاسف حكومة المركز العنصرية تري في كل شئ غير موجود بالشمال يهمها امره بل بالعكس تسعي الي تدميره بكافة السبل ..والحديث عن هذه الحكومة عدوة نفسها وشعبها ذو شجون ..لكن الله هو الذي يسير شؤون عباده ويمهل ولا يهمل

  6. زي ما في وزير للنفط لازم يكون في وزير للصمغ العربي
    ببساطة لانه محصول الصادر الاول
    ولانه المنتج المحتكر عالميا للسودان
    يعني السوق مضمون 100%
    يعني لو لقي ربع الاهتمام بتاع البترول ممكن نحقق كلام الوزير بسهولة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..