وطن التكذب بالشعارات!!

اتجاه مؤشرات الأزمة في جنوب السودان نحو التدوال المسلح للسلطة في عهد أصبحت فيه الانقلابات العسكرية من المحرمات دولياً أمرٌ يعكس بجلاء أن النخب السياسية الجنوبية لم تفشل في استيعاب دورس أزمة السودان الواحد الذي فشل في مبدأ التدوال السلمي للسلطة، وإذا أجرينا تحليلاً لعمر الإنقاذ تجده مستمداً من كثرة التسويات بينه والفرقاء السودانيين سواء أكانوا قيادات حزبية أو ممثلين لجموعات الهامش لأنها لم تأت السلطة بالتدول السلمي، أي لم ننعم بانتخابات نزيهة وديمقراطية تخرج البلاد من أزمة التشاكس السياسي.. وها هي دولة الجنوب اتجهت نحو مهالك النكبة حينما اتخذت الصراع المسلح أداة للتغيير، ولا شك أن دوي المدافع صدم شعب الجنوب الذي صوت لصالح الانفصال ومنح قياداته ثقةً لم يستحقها حينما نسج أحلامه في وطن ديمقراطي آمن، وحينها لم يخطر بباله أن شبهة ستطال دولة الجنوب بتهمة اغتصاب قياداتها لنظام الحكم أو أن رئيسها سيدخل معركة حامية الوطيس مع رفقاء النضال الذين وصلوا ببلادهم إلى بر الاستقلال، الذي جعل شعبه يدور في فلك دولته المتحررة للتو من الشمال .
لا شك في أن المعارك القتالية في ميدان وئدت الحلم ولسان حالها يقول إن الشعارات كانت تخرج من (منفستو) الحركة الشعبية وتطغي على اللقاءات الجماهرية نراها اليوم تتناسب تناسباً عكسياً مع قدرة القيادة على خلق واقع يترجم تلك الشعارات إلى واقعٍ حياتي ملومس فكان الجنوب المحروب بدلاً من الدولة الجنوبية الآمنة المستقرة التي تعمل بجدٍ من أجل التنمية، وهو الشيء ذاته يضع الرموز السياسية في خانة (التكذب بالشعارات) لأنها فشلت في تجاوز الامتحانات القاسية.. الأغلبية من شعب الدولتين (السودان- جنوب السودان) موقناً أشد اليقين بأن صراعات النخب السياسية السودانية على السلطة ظاهرة تغذي ذاتها والشاهد أن الغضوط الشعبية ومطالبها لم تفلح في خلق ضغوط معنوية لهذه النخب كيما تنظر إلى الأخطاء وتتمعن في معاني شعارتها، وتتألم لعبارات الشجب المنطلقة من حناجر الشعوب.. سلوك ومواقف القيادات السياسية أمر يثير الارتباك والحيرة كلما توغلوا في الأخطاء، وتلقفوا الفشل.. نعم التناقض الفاحش بين الفكر والشعارات والمواقف طوق الواقع السوداني بالحريق المشتعل في الحروف والانقسام السياسي والاجتماعي حتى أصبح الوطن الكبير هيكلاً عظمياً.. وطن تكاثرت فيه المصائب وكثف ظلامه لا شماله الذي يرفل في الاستقرار ولا جنوبه عرف طعم الحياة بعد التنائي.. أي وطن هذا تدور محركاته نحو السالب منذ أكثر من (58) عاماً.
الجريدة
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..