
الدول التي تحترم حقوق الإنسان وخاصة الحق في الحياة،تحاول جاهدة أن لا تقتل أو تصيب أحدا أثناء التظاهرات ،لذلك لا تستخدم الغاز المسيل للدموع إلا اضطرار وبكمية محدودة وبمهنية عالية وبعيد عن المساكن والمؤسسات الاجتماعية مثل المستشفيات والمدارس وغيره، لانه سام ومؤذي فهو قاتل إذا استخدم بكثافة وبطريقة مباشرة لأنه يحرق الرئة ويسبب الاختناق ويعرض النساء الحوامل الإجهاض، كما ان كثرة التعرض إليه تتسبب في اصابة العيون بالجلوكوما أو المياه الزرقاء ومن ثم العمى ،هذا غير الحساسيات المختلفة ،وأي مجتمع تعرض له بكثافة فهو سيكون مهدد باعاقات جماعية لنسبة كبيرة منه.
الشرطة السودانية ترتكب جريمة كبيرة جدا في حق الشعب السوداني ،وذلك بسبب استخدام الغاز المسيل للدموع بشكل مبالغ فيه ضد المتظاهرين رغم التزامهم بالسلمية ،وهي تعلم تماما أنه مضر ويسبب الاعاقات ، ويبدو انها استوردت أسوأ أنواع مسيلات الدموع في العالم وتستخدمها كلها في وقت واحد غير مهتمة بأثره على المواطنين عموما وخاصة المتظاهرين وأغلبهم شباب، كما أنها غير مهتمة بأثره حتى على كبار السن والأطفال والمرضى، لذلك تلقي به داخل المنازل والمستشفيات والجامعات وغيرها من مؤسسات اجتماعية ،كما أنها تلقيه على المتظاهرين مباشرة متسببة لهم في الأذى الجسيم والموت المباشر والاصابة بالامراض ،وليس أدل على ذلك أكثر من مصابي الثورة وظاهرة الحساسيات التي ظهرت في المجتمع ،أي أن المجتمع السوداني مهدد بالإصابة بإعاقات جماعية .
الأمر الغريب أن الشرطة حين يحين موعد انسحابها مع مغيب الشمس، يلاحظ أنها تطلق كميات كثيفة من الغاز المسيل للدموع في الوقت الذي يكون أغلب المتظاهرين انسحبوا من الشوارع وتركوها فاضية ،وأعتقد أنهم يتخلصون من كل الكمية التي معهم من باب التسلية .
منظمات حقوقية دولية كثيرة حذرت من اساءة استخدام الغاز المسيل للدموع ،وما يجدر الاشارة إليه أن منظمة العفو الدولية أسست موقع خاص يرصد إساءة استخدام الغاز المسيل للدموع ،وهناك تحقيق اشار الى ان الشرطة السودانية كثيرا ما أساءت استخدام الغاز المسيل للدموع ،وذلك بالقائه في المنازل والمستشفيات والشوارع الخالية ،بل واستخدمته لغير الضرورة وفي مواقف غير ضرورية،
ورغم التحذيرات الدولية التي وجهت لسلطة الانقلابيين في السودان من استخدام العنف المفرط ، إلا أنها مازالت مستمرة فيه وخاصة إستخدام الغاز المسيل للدموع ، فهي تلقي باطنان منه في مكان واحد ولساعات طويلة وبدرجة لا تمنح المواطنين القدرة على التصرف، مثلما يحدث في الأحياء ،حيث تقصف المنازل والشوارع الداخلية بكميات كبيرة غير دون اهتمام بمن يعيشون داخل المنازل من الضعفاء، لقد كنت شاهد عيان على منزل القيت عليه عشرة عبوات مسيل دموع في موكب 17 نوفمبر .
عموما نرجو أن لا تقف الامم المتحدة والمنظمات الحقوقية مكتوفة الأيدي تجاه هذه الانتهاكات ضد شعب لم يفعل شي غير أنه طالب بأبسط حقوقه ، وأن تعمل جاهدة من اجل وقف سوء استخدام الغاز المسيل للدموع ، فهو سيرفع من نسبة المعاقين في المجتمع السوداني ويزيد نسبة المصابين بالامراض الرئوية والحساسيات المزمنة ،وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات سيئة على الاقتصاد السوداني وتعطيل للمورد البشري