بليلة، باكمبا ومنقة.. وجبات شعبية تفشت في السوح الجامعية

الخرطوم: دُرِّية مُنير
رحم الله أيام الطفولة، كُنا نأتي بتصرفات (على الفطرة) عندما نتذكرها الآن نضحك عليها، تلك اللحظات كنا كلما ﺗحلق طائرة نلوح لها ونصرخ (ﺑﺎﻱ ﺑﺎﻱ)، ﻛﻨﺎ نترقب بلهفة بالغة ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ أساس كي ﻧﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒر، وعندما ﺗﺴﺄﻟﻚ أﻣﻚ ﻛﻢ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ كنا نشير إلى عقربيها، ونقول: ﺍﻟﻜﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ أﺭﺑﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺼﻐﻴﺮﻋﻠﻰ ستة، حينها منا نشعر ﺑﺈﻧﺠﺎﺯ ﻭﻓﺮﺡ ﻋظيمين، ﺇﺫﺍ ﻃﻠﻌﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭنحن لم ننم، ﻭنحن ﺻﻐاﺮ تأكيدا ﻛل منا قد فعل ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻦ هذة الأشياء وكنا عندما يطلب منا الكبار (كوب ماء) نرتشف منه جرعة ونمسح أثرها، وكنا ندأب على فتح الثلاجة قليلا لترى متى يضيء النور.
طفولة مليئة بنوع من الشغب المحبب، ظل مذاقها عالقاً في أنفسنا إلى اليوم، لكن كثيرين من الذين تدرجوا حتى وصلوا الجامعة، لازالوا يتصرفون بطفولة، ما كرس لوجود وتنامي ظواهر متصلة بتلك الطفولة في الجامعات، فبعد أن كان الجامعيون يستنكرون تلك التصرفات التي كان من المفترض أن تترك في مرحلتي الأساس والثانوي، ولا تمصي إلى مدرجات الجامعات، أصبح الأمر الآن عادياً تماماً، ظواهر ظلت تتكرر كل عام بشكل راتب مثلها مثل المقررات كلها تشير إلى ما يشبه (الطفولة المتأخرة).
داندرمة وقنقوليز بالشطة
على امتداد سور الجامعة ومقاعد نشاطاتها تجد عدداً من النساء يقضين جل وقتهن في ممارسة أنواع شعبية من التكسب، فلم يجدن سبيلاً لذلك سوى بيع (القنقوليز والداندرمة)، وفي ذلك تقول حواء – بائعة: الوسط الجامعي بات غريباً، حيث أصبح مكاناً مريحاً للبيع والتكسب من مثل هذه الأشياء. وأضافت: يبدو أن العقول الجامعية لا زالت صغيرة، ولم تنفض عنها غبار الثانوي بعد، ومضت قائلة: الطلاب أصبحت أعمارهم صغيرة ويبدو أنهم غير مسؤولين عن تصرفاتهم، وهذا يشمل الجنسين، وعن نوع السلع التي تبيعها في الجامعة، قالت حواء: أبيع كل المنتجات البلدية المخلوطة بالشطة، وهي الأكثر مبيعاً، ولها زبائن يطلبونها يوميا ويكثرون من شرائها.
هواية (اللا هواية)!!
من داخل (حوش البقر) الساحة المقابلة لكلية القانون جامعة النيلين يجلس طلاب الجامعة في مجموعات، يمارسون أنواعا من الهوايات الغريبة مثل قضاء ساعات طويلة في شيء غير معلوم ولا يستفاد منه، يقولون إنهم يكسرون روتين المحاضرات الأكاديمية الصارمة بالونسة، يتراصون على (البنابر) المصفوفة على امتداد السور، وتحت ظلال الأشجار، وتحت جوالات الخيش، ويتحلقون حول من وجبة غداء، مكونة في الغالب من (بليلة بالشطة، أو باكمباء بالطحنية) يطلبونها على صحون صغيرة وبأسعار ليست زهيدة كما تظنون.
صار (الحوش) (ضرة) للكافتريات، ومحلات الأكل الأخرى مثل المطاعم ودكاكين (البوش)، رغم أن صحن البليلة أغلى من سندوتش الطعمية، وربما ضاهي سعر الهومبيرغر.
تقول عائشة بائعة الوجبات الشعبية: قضيت قرابة خمسة أعوام في مهنتي هذه، بدأتها ببيع الشاي ثم تحولت رويدا رويدا إلى بيع الباكمبا والبليلة، وكشفت عن أنها في الصباح تبيع الشاي وبعد الفطور تطبخ اللبيلة والباكمبا.
يا الشايل المنقة
طبق جديد غير مألوف اقتحم ساحة الطعام الشعبي (الجامعي)، ووجد رواجاً كبيراً، إنه طبق (المنقة)، تلك الفاكهة التي اعتاد الناس أن يتناولونها (قضماً) مقطعة على شرائح أو (مخلوطة) عصير، لكن هؤلاء الصبية الذين يدفعون أمامهم (درداقات) قرروا أن يقلبوا معادلة (المانجو) رأساً على عقب، يدفعون (درداقاتهم) نحو نشاط كلية التجارة بجامعة النيلين، وفي جوفها كل واحدة منها قرابة (200) حبة من (المنقة الخضراء)، ثم يقطعونها شرائحاً وهي (نيئة) وحامضة ويقدمونها في طبق مع الشطة المُذابة في عصير الليمون بسعر جنيهين فقط، (منقة خضراء) مملحة بالليمون والشطة حاذقة الطعم، أصبحت بين ليلة وضحاها الوجبة الأولى لطلاب الجامعات.
أحد الطلاب قال عن ذلك: بيع (المنقة الخضراء) تختلف عن بقية المهن فهي موسمية، وقد كانت في السابق رخيصة الثمن، ولكن عندما وجدت قبولاً ورواجاً ارتفع سعرها ارتفاعاً كبيراً
اليوم التالي