الفن.. نفحة من الاكسجين في زمن السلطان اردوغان

فنانون يحاولون الصمود بعد هجمات اخيرة والتضييق على حرية التعبير وتبعات محاولة الانقلاب، ويعولون على الصور المجازية لإيصال رسالتهم.

ميدل ايست أونلاين

هامش التعبير يتقلص

انقرة – يرفض فنانون في اسطنبول الاستسلام للخوف بعد سلسلة الهجمات الاخيرة في المدينة وحملات التضييق على حرية التعبير فضلا عن التبعات الخطيرة التي تلت محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي.

وكانت “لؤلؤة البوسفور” استحالت منذ العام 2010 مركزا نابضا للفن المعاصر، الا ان واصف كورتون مدير “سالت” وهو اهم مركز خاص للفن افتتح العام 2012 في حي غلطة، يقول ان اسطنبول “لم تعد المكان المثالي وسنصبح معزولين”.

وتؤكد فنانة من اسطنبول “قبل ذلك كان فنانون او امناء متاحف يأتون مرة في الشهر على الاقل للقائي. هذه السنة لم التق احدا تقريبا” معربة عن قلقها من الصعوبات التي يواجها الشباب الاتراك في البروز على الساحة الدولية.

فالاعتداءات وتجدد المواجهة مع الاكراد والخشية من تشدد اضافي من قبل نظام الرئيس رجب طيب اردوغان الذي ينتمي الى التيار الاسلامي المحافظ، تلقي بثقلها الكبير.

ويقول واصف كورتون المدير السابق لاحد متاحف نيويورك والمروج الكبير للمبادلات بين الفنانين الاتراك والاجانب “اصبحت تركيا بلدا يصعب العيش فيه خصوصا لاوساط الفن التي تحتاج الى حرية التعبير”.

ويوفر الفن “نفحة اكسيجين” على ما يؤكد الكثير من المراقبين الذين يتحدثون عن “ازدياد التعصب” لا سيما في صفوف مؤيدي النظام.

الا ان كل الفنانين المعاصرين ومعهم واصف كورتون، يجمعون على الترحيب بفشل المحاولة الانقلابية ضد “السلطان” اردوغان في 15 تموز/يوليو رغم انهم يرون انه ساهم في كتم انفاس الفنانين والصحافيين ورجال السياسة من المعارضين ويعتبرون انهم ضد الانقلاب لمصلحة الوطن في المقام الاول ولتجنب زعزعة امن البلاد واستقراره.

وتقول بينار اورينشي وهي فنان بصرية وكاتبة “لا اريد ان ارى انقلابا في هذا البلد بعد الان!” بعدما خبرت “العواقب الخطيرة والمضرة” لانقلاب العام 1980.

الا ان عمليات التطهير الواسعة مع توقيف اكثر من عشرة الاف شخص احترازيا من بينهم صحافيون، تثير قلق الفنانين من قيام اجواء ضاغطة جدا.

فقد دخل شرطي بلباس مدني خلال عرض فيلم محتجا على انه يتناول الاكراد.

فرد كورتون عليه قائلا “هذا غير محظور”. وقد تلقى كورتون مساء اتصالا هاتفيا تضمن التحذير التالي: “اذا عرضتم افلاما كهذه بعد الان ستواجهون مشاكل”.

وفي كانون الثاني/يناير وقع اكثر من 1200 مثقف وفنان “عريضة من اجل السلام” تدين العنف الذي يرتكبه الجيش في عملياته ضد الاكراد.

وقد اتهمه اردوغان بـ”الخيانة” وبوشرت ملاحقات قضائية في حق الكثير منهم فيما خسر بعضهم مناصبهم كاستاذة جامعيين.

وتؤكد فنانة تتعرض لملاحقات طالبة عدم الكشف عنه هويتها، “هامش التعبير يتقلص اكثر فاكثر”.

واثارت التظاهرات للدفاع عن متنزه غيزي التي ضمت الاف الاشخاص المدافعين عن البيئة والاقتصاد التكافلي والحوكمة الرشيدة املا قبل ان يقمع النظام هذا التحرك بعنف.

ويقول الرسام ناظم دكباس الذي ترجم اعمالا لاورهان باموك الى الانكليزية واعمالا لنابوكوف الى التركية “القول ان كل شيء تدهور بعد محاولة الانقلاب الفاشلة خاطئ. كانت تركيا تواجه مشاكل خطرة على صعيد حرية التعبير قبل ذلك وكانت تعتقل صحافيين ومدافعين عن حقوق الانسان”.

ويعيش هؤلاء الفنانون في “جو من الغموض” مع ان الدول تكاد لا تمول الفن المعاصر، الا انهم لا يريدون الاستسلام.

وينوي مركز “سالت” العمل بعيدا عن الواجهة لتطوير افكار جديدة في مجتمع اصبح اكثر عدائية.

وتؤكد فنانة تدعو الى الاستمرار في التجمعات المشكلة لتنظيم جلسات نقاش والمعارض “لقد صمدنا في ظروف اسوأ منذ ذلك”.

ويقول دكباس “يجب الا نبكي على مصيرنا بل ان نكون خلاقين!”.

ويضيف “قد تضفي اعمال فنية لا يبدو انها على علاقة بما نعيشه ايجابية محل الخوف والركود والانقسام”.

وتدعو بينار اوغرينشي الى اشكال جديدة للتعبير “فالفن التركي يوجه رسائل مباشرة جدا. علينا استخدام صور مجازية. ربما علينا ابتكار حكايات رمزية اذ لا يمكن توجيه الاتهام الى هذا النوع من الحكايات”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..