أخبار السودان

تداعيات حرب السودان تطاول سكك الحديد

عثمان الأسباط

تعد سكك الحديد السودانية من أطول سكك الحديد في أفريقيا وجرى إنشاؤها عام 1897 مع بداية الاحتلال الإنجليزي، إذ إنها تربط جميع أجزاء البلاد، وكان نقل البضائع النشاط الأساسي لها مع خدمة ركاب بأسعار زهيدة.

ارتبط القطار في أذهان السودانيين بالحنين إلى عصر ذهبي اقترن بهذه الوسيلة لدرجة أن آداباً وفنوناً تشكلت من هذه العلاقة، فظهرت ألحان راسخة مع الزمن عبّر عنها مغنون معروفون، كما شكلت السكك الحديد عاملاً رئيساً وشرياناً حيوياً ربط بين ولايات البلاد المترامية الأطراف، وأسست لمعالم الحضارة والمدنية، وكذلك عززت الروابط الاجتماعية بين السكان كافة.

هذا الارتباط العاطفي اصطدم بالتدمير الممنهج وإهمال القطاع منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لكن الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك بثّت الحياة في هيئة السكك الحديد عبر تحديثها، مما أعاد لها الحيوية لفترة من الزمن، إلا أن تداعيات الحرب المندلعة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ أبريل (نيسان) 2023 ألحقت أضراراً بالغة بالقطاع في السودان، مما تسبب في توقف 80 في المئة من قطارات الركاب والبضائع عن العمل، فضلاً عن عمليات السلب والنهب التي تعرضت لها المحطات والفلنكات الخشبية لقضبان الحديد.

أضرار وتخريب

وأوضح مدير خطوط السكك الحديد في السودان عبدالرحمن إدريس أحمد لـ”اندبندنت عربية” أن “الحرب أثرت بصورة كبيرة في القطاع، وأسهمت في توقف خط الوجهات من الخرطوم جنوباً إلى ود مدني في ولاية الجزيرة وسنار وكوستي بإقليم النيل الأبيض، وكذلك الأبيض في ولاية شمال كردفان مروراً بمدينة الرهد حتى نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، فتوقفت هذه الخطوط عن الخدمة بسبب الظروف الأمنية في البلاد”.

وأضاف أن “قطارات الركاب التي تنطلق من العاصمة الخرطوم إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة توقفت رحلاتها أيضاً، إلى جانب خط قطار العاصمة المتجه إلى مدينة عطبرة شمال السودان الذي يعدّ الأكثر حراكاً قبل اندلاع الصراع المسلح”، شارحاً أن “خط السكة الحديد في شرق السودان الذي يربط بين هيا وكسلا والقضارف وسنار متوقف عن العمل، وفي الوقت الحالي تنشط قطارات البضاعة بين بورتسودان وعطبرة، وهي الوحيدة التي تعمل الآن”.

وأشار أحمد إلى أن “هناك عمليات سلب ونهب للمعدات والفلنكات الخشبية في بعض القطاعات قرب مدينة سنار، علاوة على وجود تلف وتخريب في خط السكة الحديد ببعض المناطق، وليس لدينا حصر دقيق لحجم الأضرار بخاصة في مناطق الاشتباكات المسلحة”، لافتاً إلى أن “هناك تأثيراً كبيراً في القطاع بسبب الحرب، نظراً إلى شح عائد الطن المنقول وضعف الإيرادات، إلى جانب نزوح كثيرين من العمال داخل البلاد وخارجها”. وأوضح أن “السكك الحديد في السودان مقسمة إلى خمسة أقاليم، ثلاثة منها من دون عمل منذ بدء الصراع المسلح، وبعد جهود مضنية اكتملت جاهزية خط عطبرة – حلفا، لكنه ضعيف الحركة، وعلى رغم تفاقم الأزمات التي تواجه القطاع فإن الهيئة ملتزمة صرف رواتب العمال الشهرية”.

انعدام الحماية

وقال عضو هيئة الإقليم الغربي، بابنوسة السابق، محمود تيه من جهته إن “خط الوجهة إلى مدينة نيالا توقف منذ اندلاع الحرب، إذ كان يسهم في نقل المنتجات الزراعية ومدخلاتها والسلع كافة دعماً للاقتصاد الوطني وتنمية الأرياف في إقليم دارفور، فضلاً عن خروج خطوط بابنوسة الرابطة بولاية شمال كردفان وعاصمة محلية القوز – الدبيبات في جنوب الإقليم”، ونبّه من أن “هناك عمليات سلب ونهب للرافعات الخشبية ومثبتات الفلنكة، وكذلك تفكيك معدات خطوط بعض المناطق بولايتي دارفور وكردفان، ومع استمرار القتال لا يستبعد توسع دائرة السرقات والتخريب”، مردفاً أن “بعض المحطات في القطاع الغربي تحولت إلى أماكن مهجورة، وباتت عربات نقل الركاب والبضائع تفتقر إلى الحماية من قطاع الطرق وتغطيها الأشجار والأتربة”.

اندبندنت عربية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..