
على قوى اعلان الحرية و التغيير و حكومتها الانتقالية ان تحسن إدارة عملية اختيار ولاة الولايات المدنيين بطريقة لا تفرض فيها واليا على ولاية غصبا عن إرادة جماهيرها ، فمن شأن ذلك أن يفجر الأوضاع في الولاية و يقود إلى مواجهات بين الجماهير و الوالي الجديد.
ثورة ديسمبر أورثت الشعب السوداني العنيد بطبعه صفة عناد زائدة و ظهر هذا في وصف الثوار لأنفسهم ( بالراكبين رأس ) ، و لهذا فإذا جاءهم والي مدني لا يرضي تطلعاتهم فإنهم سيركبون رأس معه ، و ستخرج الجماهير من الصراع مع الولاة العسكر لتدخل صراعا مع الولاة المدنيين ، و سيعني هذا استمرار الوضع البائس في الولايات . و مع العلم بان الجماهير ستنتصر في النهاية فالواجب ان يحذر الجميع صراعا شبيها معها .
نعلم أن الطريقة التي اختارتها قوى الحرية و التغيير هي إعطاء حق ترشيح الوالي لكتلها و أحزابها و منظوماتها ، بعد أستيفاء عددا من شروط الأهلية العلمية و العملية ، و هناك شرط مهم جدا ورد ضمن هذه الشروط و هو تمتع الوالي المرشح بالقبول الجماهيري الواسع ، و هو من وجهة نظري الشرط الاهم ، و لكنني و حتى هذه اللحظة لا أعلم كيف يمكن لقوى اعلان الحرية و التغيير قياس هذا القبول الجماهيري الواسع ؟ كيف يمكن التفريق بين مرشح واخر بناءا على القبول الجماهيري الواسع ؟ و كلنا نعلم بأن الطرق العلمية التي يمكن بها تحديد القبول الجماهيري هي الانتخابات او الاستفتاء ، و بما انه يتعذر في الفترة الانتقالية إجراء انتخابات على مستوى الولايات فهل سوف تجري قوى اعلان الحرية و التغيير استفتاءا بين مرشحين اثنين على الأقل او اكثر على ولاية واحدة لكي تحسم الجدل حول من هو الأكثر قبولا من الجماهير ؟
حتى اللحظة الراهنة هناك صراع جماهيري لم يظهر للعلن في أكثر من ولاية حول من هو الوالي الأحق بقيادة الولاية في المرحلة الراهنة ، و بالتأكيد اذا لم يعالج هذا الصراع من قبل المجلس المركزي لقوى اعلان الحرية و التغيير بالجدية و المسؤولية و الشفافية اللازمة فقد يتحول هذا الصراع من السر الى العلن و تخرج الجماهير هذه المرة ضد والي مدني معين من القوى الرئيسية للثورة ، و ستكون هذه بلا شك لحظة فارقة في تاريخ الفترة الانتقالية ، و قد تكون العاصفة التي ستفتح للجماهير باب الخروج على قرارات قوى اعلان الحرية و التغيير و قواعدها للعبة السياسية في الفترة الانتقالية .
يجب أن تستمع قوى الحرية و التغيير للجماهير في شأن اختيار الوالي ، و أن لا تستمع لكتلها فقط ، و خاصة جماهير حاضرة الولاية يجب ان يكون لهم صوت مسموع ، فهم الأقدر على تعطيل عمل الوالي المختار ، و هذا لا يعني تهميش رأي بقية مناطق الولاية و إنما يعني اختيار وسيلة ترضي الجميع ، و لا تفرض واليا لم تراه الجماهير بينها في الثورة او لا يتوفر في تاريخه سجل زاخر بالعمل الوطني من أجل الوطن و الولاية و هما الطريقان اللذان يقودان الشخص للقبول الواسع من قبل الجماهير.
انفجار جماهير ولاية واحدة ضد واليها المدني بحجة أنه ليس اختيارها و لا يتمتع بقبولها قد تتبعه انفجارات متعددة في ولايات أخرى، فهذه الثورة علمت الجماهير التناغم و الهارموني في ركوب الرأس و الوقوف قنا ، لذلك مهم الانتباه و الحرص من قبل قوى الحرية و التغيير و التأكد من أن الوالي المختار للولاية هو الأكثر قبولا لدى الجماهير بين رصفائه ، فهذا هو العامل الوحيد المهم في هدوء الجماهير و استقرار الولاية .
يوسف السندي