اقتصاد وأعمال

“كأن الحرب في مصر”.. ارتفاع “جنوني” للأسعار

“كأن الحرب في القاهرة وليست في أوكرانيا، والعقوبات على مصر وليست على روسيا” بهذه الكلمات سخر مصريون من الارتفاع الكبير في الأسعار خلال الأيام الماضية.

فخلال الأيام الماضية، ارتفعت أسعار السلع في مصر ما بين 20 -50%، فقد زادت أسعار اللحوم نحو 50 جنيها (3.2 دولار) منذ نهاية فبراير الماضي، بحسب شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة.

كما رفعت مخابز العيش السياحي أسعار الخبز بنسبة 50%، فالرغيف الذي يباع بـ50 قرشًا أصبح سعره 75قرشًا، والكبير من جنيه لجنيه ونصف، بحسب موقع درب.

وأكد عطية حماد، رئيس شعبة المخابر بالغرفة التجارية بالقاهرة، ارتفاع سعر طن الدقيق السياحي كان 9 آلاف جنيه (573 دولار) والآن أصبح 12 ألف جنيه (764 دولار).

وسيطر ارتفاع الأسعار على الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يقول أحد المغردين تغريدة على تويتر: “ارتفاع الاسعار المبالغ فيه ده لكافه السلع ولا اكن روسيا ضربت مصر مش أوكرانيا في إيه يا جماعة متوحد والله كدة فين الرقابه علي الأسعار مفيش رقابة على التجار يا حكومة حسو بالناس”.

وكتب آخر: “ارتفاع الأسعار في مصر في خلال 24 ساعه زاد 40% تقريبا الغرب وأمريكا فرضوا علينا احنا العقوبات بدلا من بوتين ولا ايه”.

وقالت روفيدة إبراهيم، ربة منزل: “أي شخص يذهب للشراء يندهش من ارتفاع الأسعار”، وأضافت: “أسعار الخضروات ارتفعت ٣ و٤ جنيهات للكيلو خلال الأيام الماضية، الكوسة وصلت ١٥ جنية بعد ما كانت ٧ أو ١٠ جنيهات”.

وتابعت إبراهيم، 39 عاما، في حديثها مع موقع الحرة”: “بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، لن نستطيع شراء الضروريات، والفقير لن يستطيع شراء شيء هيعيش على الماء والخبز والملح”.
ارتفاعات “جنونية”

وتسبب ارتفاع أسعار القمح في زيادة أسعار الدقيق، وبالتالي المكرونة التي أصبح سعر الطن منها يصل إلى عشرة آلاف جنيه (636 دولار) مقابل 7500 جنيه و8 آلاف جنيه (541 دولار)، قبل الزيادة.

كما زاد سعر طن الزيت إلى 28 ألف جنيها (1783 دولار) مقابل 25 ألف جنيه (1592 دولار). كما صعدت أسعار الذرة الصفراء خلال الأسبوعين الماضيين في الأسواق ألفي جنيه للطن، والتي تذهب منها نسبة 60 إلى 70 في المئة، كعلف للحيوانات.

وتخطى سعر طن الحديد حاجز ال16 إلف جنية (تسليم المصنع) مسجلا زياد تتراوح بين 500-1200 جنية للطن منذ مطلع الشهر الجاري، بحسب موقع الساحة.

وأكد ياسر سعيد، موظف حكومي (43 سنة) أن أغلبية السلع زادت بصورة “غير عادية”، مضيفا أنه لم يعد يستطيع شراء العديد من السلع مثل اللحوم والأرز والدقيق.

وقال سعيد في حديثه مع موقع “الحرة”: “الأسعار ولعت. كيلو الأرز ارتفع من 8 جنية ل14 جنية، وكيلو اللحمة إلى 160 جنيها مقابل 120 الشهر الماضي”.

وأعربت جمعية مواطنون ضد الغلاء لحماية المستهلك عن قلقها من “الارتفاعات الجنونية غير المبررة لأسعار السلع الغذائية” على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

وبحسب صحيفة الغارديان، ارتفعت الأسعار في مصر بنسبة 80٪ بين أبريل 2020 وديسمبر 2021 .
أسباب الزيادة

من جانبه، أرجع المحلل الاقتصادي، خالد الشافعي، ارتفاع الأسعار في مصر إلى سببين أولهما: الحرب الروسية والأوكرانية وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى ارتفاع النفط والقمح والزيوت.

وأشار الشافعي في حديثه مع موقع “الحرة” إلى أن مصر تستورد من أوكرانيا القمح والذرة والزيوت وسلع غذائية أخرى، مؤكدا أن الحرب الدائرة أثرت على واردات مصر في العديد من هذه السلع، مما تسبب في رفع أسعارها.

أما السبب الثاني، بحسب الشافعي، هو “جشع التجار واستغلالهم للحرب”، وقال إن الحرب لازالت في يومها الـ ١٢، ولم يحدث استيراد أي سلع بالأسعار الجديدة، لماذا رفعوا الأسعار؟”.

وقالت روفيدة إبراهيم: “مالنا ومال أوكرانيا، الزيادة قبل الحرب، لكن زادت بشكل كبير خلال الأيام الماضية”.

ويرى عضو مجلس النواب، عبد المنعم إمام، أن هذه الزيادات “غير مبررة”؛ لأن مصر تمتلك مخزونا لأغلب السلع يكفي 3-4 شهور.

وأشار إمام في حديثه مع موقع “الحرة” إلى أن الزيادة العالمية في الأسعار بلغت 22% وليس 50 % أو 75% كما هو الحال في مصر. وألقى إمام باللوم على أجهزة الرقابة في وزارتي التجارة والتموين، وطالبهم بتشديد الرقابة على الأسواق وفرض الغرامات على المخالفين.
“مبررات وهمية”

بدورها، أكدت مديرة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، هدى الملاح، أن ارتفاع الأسعار ليس في مصر وحدها بل في العالم كله بسبب ارتفاع الطاقة قبل الحرب وبعدها.

وأشارت الملاح في حديثها في موقع “الحرة” إلى أن الحرب الروسية ستؤثر على قطاعي السياحة والحبوب في مصر.

روسيا وأوكرانيا هما أكبر مصدري القمح إلى مصر، إذ بلغت نسبة الواردات الروسية نحو 50 بالمئة في حين بلغت الأوكرانية 30 بالمئة من إجمالي واردات مصر من القمح في 2021، وفقا لبيانات من اثنين من المتعاملين بالمنطقة.

ومع بداية الحرب، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، نادر سعد، إن بلاده لديها مخزون استراتيجي من القمح يقترب من خمسة ملايين طن في الصوامع أو المطاحن، وسينضم القمح المحلي إليهم بداية من 15 أبريل، ليكفي المخزون لمدة تسعة أشهر.

وقال محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء بأن “الزيادات جاءت بمبررات وهمية مكذوبة بل ومفضوحة وفيها من التبجح والحماقة ما يستدعي موقفا موحدا من الدولة والبرلمان والمستهلكين لوقف هذا الجنون”.

وأضاف العسقلاني في بيان: “الدليل على ذلك زيادة أسعار الأرز وهي سلعة لا يتم استيرادها لا من أوكرانيا أو روسيا وهي إنتاج مصري خالص ولا مبرر للزيادة سوى النهم وجني الأرباح ومص دماء المواطنين”.

وأكد الشافعي أن العالم بصفة عامة ومصر بصفة خاصة سيشهد مزيدا من ارتفاع الأسعار خلال الأيام القادمة.

كانت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة أعلنت الجمعة، أن أسعار الغذاء على مستوى العالم سجلت “ارتفاعا قياسيا” في فبراير 2022، وقفزت بنسبة 20.7 في المئة على أساس سنوي، وفي مقدمتها الزيوت النباتية ومنتجات الألبان.

وبلغ مؤشر أسعار الغذاء، الذي يتتبع السلع الغذائية الأكثر تداولا على مستوى العالم، ما متوسطه 140.7 نقطة في فبراير، مقابل 135.4 في يناير.

وطالب الشافعي الحكومة بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق وحماية المستهلك.

كما شددت الملاح على ضرورة دعم الفلاح وتوسيع رقعة زراعة القمح، والاعتماد على الطاقة البديلة والمتجددة.

بدوره، أكد عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب، أن وزارة التموين أخبرته بأنها ستطلق نحو 200 منفذ لبيع السلع بأسعار مخفضة في مختلف المحافظات خلال الأيام القادمة.

وقالت روفيدة: “الناس في الشارع مش لاقيه، الواحد بعد ما كان بيشتري كيلو من السلعة هيشتري ربع فقط، وبالنسبة للحوم والفراخ سنتوقف عن شرائها نهائيا”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..