حول فِرية المظاهرات الجنجويدية و الكيزانية في أوروبا

برير إسماعيل
*في البدء نتساءل عن هل سينجح أنصار الجنجويد و الكيزان لنقل الحرب الجنجاكيزانية من داخل السودان إلى الخارج لتتحول منظمات المجتمع المدني السودانية في الخارج لمنظمات يؤمها البلابسة من الجنجويد و الكيزان بعد المظاهرة التي نظَّمها أنصار الجنجويد في لندن في يوم السبت الموافق 30 سبتمبر 2023م؟!*.
*و هل ستتحول منظمات المجتمع المدني السودانية في أوربا و في غيرها من قارات العالم لمنظمات منادية بالحسم العسكري للحرب الجنجاكيزانية لصالح أحد الطرفين تحت عدد من الذرائع السياسية ؟*
*الشاهد أن منظمات المجتمع المدني السودانية في الداخل و الخارج ليست بالمنظمات المحاربة وفقاً للمرجعيات الدستورية و اللائحية التي أُسِسَت بناءً عليها هذه المنظمات و عملت على تحديد طبيعة عملها السلمية الداعمة للحقوق المدنية للإنسان السوداني في كل أنحاء السودان*.
*إنَّ الدعوة السياسية المشروعة لحل مليشيا الجنجويد المسماة مجازا بقوات الدعم السريع لا تعني بأي حال من الأحوال التصفية الجسدية لمطلق سوداني جنجويدي و لكل الحواضن الإجتماعية لمليشيا الجنجويد و في ذات السياق فإن الدعوة السياسية المشروعة لحل المنظومة الكيزانية لا تعني بأي حال من الأحوال التصفية الجسدية لكل الكيزان و لحواضنهم الإجتماعية و لابد من التأسيس لدولة سيادة حكم القانون و إلا فما هي الجدوى من الثورة و من التضحيات الكبيرة التي قدَّمتها الحركة الجماهيرية الثائرة في مسيرتها مقاومتها الطويلة عبر نضالها السَّلِّمي والمُسلَّح ؟*.
*إن إقامة مظاهرة في أي من المدن الأوروبية لدعم ما يُسمى بالجيش السوداني أو لدعم الجنجويد ستكون محصلتها النهائية ضرب أهداف منظمات المجتمع المدني السودانية في الداخل و الخارج معاً في مقتل و كما سوف تؤدي مثل هذه الأنشطة الداعمة للمهجود الحربي للطرفين لتفتيت وحدة هذه المنظمات لصالح الأطراف المتحاربة بصورة مباشرة أو غير مباشرة*.
*المهام التي تنتظر منظمات المجتمع المدني السودانية في الداخل و الخارج معاً أكبر بكثير من المهام الحالية التي يجب أن تركز فيها منظمات المجتمع المدني السودانية في الداخل و الخارج على عملية وقف الحرب عبر بناء الكتلة المدنية الحرجة لتجفيف المصادر التي يتغذى منها المتحاربون بلا مسوغات أخلاقية و سياسية الأمر الذي تضررت منه كثيراً المكوِّنات المدنية في داخل البلاد و خارجها*.
*إنَّ محاربة الكيزان و جنجويدهم الذين صنعوهم لتحقيق مكاسب سياسية وضيعة في أوربا لا تتم عبر دعم المجهود الحربي بل يجب أن تكون عبر العمل السياسي الراشد الداعي لسحب الغطاء السياسي من الجنرالين المجرمين البرهان وحميدتي و عبر الأنشطة الثقافية و الديبلوماسية و الإنسانية و القانونية و بالخروج في المظاهرات الجماهيرية المنادية بتحقيق الأهداف التي ناضلت من أجلها مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة العريضة*.
*في حالة أن نجح الجنجويد و الكيزان في تحويل منظمات المجتمعات المدنية السودانية في الداخل و الخارج لمنظمات داعمة للمجهود الحربي للطرفين بواقع موقف كل منظمة على حدة حينها ستفقد هذه المنظمات دورها المعروف و سيتم القضاء عليها تماماً وفقاً للخطة الجنجاكيزانية التي ظلَّ هدفها الإستراتيجي تحويل المكوِّنات السودانية التقليدية مثل القبائل و العشائر و الإثنيات على سبيل المثال لا الحصر و المدنيَّة المعروفة لمكوُّنات محاربة لبعضها و البعض و حينها سيخسر الجميع ما عدا الكيزان و جنجويدهم الذين ليس لديهم ما يخسرونه و لهذا السبب شنوا هذه الحرب ضد بعضهم البعض و ضد الكل*.
*نقول للكيزان و الجنجويد المتظاهرين في أوربا إياها المحرية فيكم حيث إزدواجية المعايير و غياب الإتساق في المواقف في كل المظاهرات التي يتم تنظيمها من قِبلكم في الداخل والخارج*.
*لقد كانت الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية و المُسلَّحة ضد المنظومة الجنجويدية الكيزانية الكبرى و يجب أن تظل كذلك إلى أن تحقق هذه الثورة أهدافها النبيلة العليا التي ضحت من أجلها غالبية مكوِّنات قوى الثورة العريضة السِّلِّمية و المُسلَّحة و عليه لا يقبل المنطق أن يتحول البرهان و ود حمدان لأبطال بعد أن وجدا ضالتهما في الصراعات السياسية العبثية بين غالبية مكوِّنات القوى المحسوبة على الثورة بعد 11 أبريل 2019م و عملا على الإستثمار فيها*.
*إنَّ عدم تجريم السودانيين الجنجويد في أوربا للمليشيا الجنجويدية المسماة مجازا بقوات الدعم السريع في مظاهراتهم المقامة في عدد من المدن الأوروبية يعني ببساطة شديدة أن المنظومة الأخلاقية لدى هؤلاء المتظاهرين أنصار الجنجويد مضروبة*.
*الشاهد أن عدم إدانة السودانيين الجنجويد في أوربا لجريمة الجنجويد في دار أندوكة التي وقعت على أسس إثنية و عدم إدانة قتل ذات الجنجويد للشهيد خميس أبكر والي غرب دارفور وحدها كفيلة بتجريد المظاهرات التي أقامها و سيقيمها هؤلاء الجنجويد السودانيين في أوربا من جميع القِيم الإنسانية*.
*معلوم أن غالبية الجنجويد السودانيين المتظاهرين في أوربا كانوا قد تحصلوا على الحماية الدولية في البلدان الأوروبية وفي غيرها من الدول المنضوية تحت مظلة الأسرة الدولية بسبب الجرائم التي كان قد إرتكبها ذات الجنجويد الذين كانوا مدعومين من قِبل المليشيا الإجرامية الأم المسماة بالجيش السوداني و لكنهم الآن أي الجنجويد السودانيين يتظاهرون في أوربا و بلا وازع أخلاقي لإدانة ما يُسمى بالجيش السوداني بينما يقضون الطرف عن كل الجرائم التي إرتكبتها المليشيا الجنجويدية الإجرامية الصغرى المسماة بقوات الدعم السريع في هذه الحرب الجنجاكيزانية*.
*في ذات السياق فإن الكيزان السودانيين في أوربا و في غياب تام للإتساق و للوازع الأخلاقي عملوا على إدانة الجرائم التي إرتكبتها إبنتهم مليشيا الجنجويد الصغرى المسماة بقوات الدعم السريع في ظل التجاهل التام للجرائم التي إرتكبها ما يُسمى بالجيش السوداني الذي أنجبت قيادته السياسية و العسكرية العديد من المليشيات الإجرامية الجنجويدية و التي تأتي في مقدمتها مليشيا القتل السريع بقيادة الجنجويدي الصغير حميدتي و أخيه عبد الرحيم*.
*المطلوب من جميع مكوِّنات القوى المحسوبة على الثورة إدانة و رفض كل الجرائم التي يرتكبها الطرفان بواقع كل جريمة على حدة أي أن يكون كل طرف من الطرفين المتحاربين و بصورة مباشرة مسؤولاً من النواحي الأخلاقية و القانونية و الجنائية و السياسية عن الجرائم التي يرتكبها*.
*الخلاصات تقول إنَّ الحرب الجنجاكيزانية ذات البعدين الإقليمي والدولي التي ظلَّ هدفها الإستراتيجي الإنفراد بالسلطة تحت ذريعة تحرير السودان من الغزاة الجنجويد كما يردد البرهانيون ذلك و من أجل القضاء على الكيزان كما يردد الجنجويد الحميدتيون ذلك قد عرَّت أعداداً كبيرةً من الناس من كل القيمة الإنسانية و عملت على تركهم بلا أي وازع أخلاقي و عليه يُمكن تسمية الحرب الجنجاكيزانية بالحرب الكاشفة للعورات و السوءات السودانية في داخل و خارج السودان*
*الجنجا جنا الكيزان و الجنجا و الكيزان أعداء السودان و الحلول الممكنة يجب أن تبدأ بالوحدة العاجلة لقوى الثورة العريضة و بناءً على برنامج الحد الأعلى للثورة حتى يتمكن الجميع من مجابهة التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد و يواجهها أهل السودان أجمعين في هذا الظرف التاريخي الحرج وصولاً للكتلة المدنية الحرجة لأن التعويل على دور الأسرة الدولية و على منبر جدة الذي يقوده آل سعود فاقدي الأهلية الأخلاقية و السياسية لحل الأزمة السودانية القديمة المتجددة سيكون بلا جدوى و في أفضل الأحوال سيساهم تعويل بعض القوى المحسوبة على الثورة على المجتمعين الإقليمي و الدولي لحل الأزمة السودانية في عملية إعادة إنتاجها*.
برير إسماعيل