الحل والترحال

لا يكف الرئيس السوداني عن تحقيق «الانتصارات» الكبرى بتحدي «منع السفر» الذي طالبت به الأمم المتحدة. ويلحق هذه الانتصارات الاحتفالية نوع من الإساءات المتعمدة غالبا، والجميع في غنى عنها؛ فقد أعلن رئيس البرلمان الكيني أنه يتحفظ على دعوة البشير إلى بلاده «مع أن للرئيس الكيني الحق في توجيه الدعوة».

الواقع أن السودان ليس في حاجة إلى انتصارات أمام كاميرات التصوير. إنه في حاجة إلى الخروج من الخوف الذي يحيط بمصيره، وليس بمذكرة جلب يعرف الجميع أنها لا تعني شيئا لأحد. فكل ما حققته المذكرة حتى الآن أنها أعطت الرئيس السوداني الفرصة لعقد المهرجانات ورفع عصاه الشهيرة في وجه خصومه، ثم فرصة التجديد لنفسه بصرف النظر عن مقاطعة القوى السياسية والوطنية في البلاد. «يحتل السودان المرتبة العاشرة بين أضخم بلدان العالم مساحة، وهو الأكبر مساحة في أفريقيا والعالم العربي، ويحتل موقعا محوريا في قارتنا، ويشترك في حدوده الشمالية مع مصر، وحدوده الجنوبية مع كينيا، فضلا عن سبع دول أخرى تشترك معه في الحدود». هذا ما قاله الأخضر الإبراهيمي وديزموند توتو في النداء الذي وضعاه بعنوان «السودان: مستقبل على المحك».

يقول النداء إن على المجتمعات الدولية عموما والدول الأفريقية خاصة «أن تضع احتياجات الشعب السوداني قبل مصالح قادته». ويخشى الرجلان، بما لهما من اعتبار دولي ووزن أفريقي، من أن تصرف الحكومة السودانية قد يؤدي العام المقبل إلى سقوط الوحدة الوطنية. فالعنف الخطابي في الخرطوم لا يغير شيئا من التردي المريع في دارفور والجنوب. والحرب الحقيقية ليست بين البشير والمدعي العام الأرجنتيني، الذي ليس سوى موظف قد يتقدم باستقالته غدا، لأجل أي منصب أفضل، كما فعل عدد من قضاة المحكمة الدولية الخاصة بالرئيس الحريري.

حرب الخرطوم هي حرب وحدة البلاد ومستقبلها، وهذه لا تخاض ولا تربح بالأسفار في معاكسة مذكرة السنيور أوكامبو. لا مجال للمزيد من إضاعة الوقت وهدر الطاقات والتغافل عن المآسي المرعبة التي تضرب السودان. وإذا كانت الخرطوم ترفض أن تأخذ خصومها التقليديين والقوى السياسية التقليدية على محمل الجد، فإن عليها على الأقل، أن توفد بعثة من أهلها تستفتي الجيل الشاب وتسأله رأيه وأمانيه ومواقفه، بعيدا عن الأحزاب والمصالح والمحسوبيات.

سوف تفاجأ الخرطوم. وهذا ما كان يحذر منه الأخضر الإبراهيمي وديزموند توتو ومجموعة حكماء أفريقيا، وأولئك الذين لا مصلحة شخصية لهم سوى ضبط براكين القارة، الخامدة والفائرة سواء

سمير عطا الله
الشرق الأوسط

تعليق واحد

  1. شكر ا سمير فعلا نحن العملنا لاوكابو راس وقعر الفت اكثر من مائة قصيدة اوتزيد ورويت اكثر من ثلاثون مدحة في العميل اوكابو وكتبت وماذالت تكتب صحف الخرطوم ليل نهار في الصفحة الاولي بالخط الاحمر العريض اوكانبو ؟الي متي الهم الذي لاتعرف نهايتة ومن تهاويل هذا الاوكانبو ساْل شيخ سمع المشير يهدر ويزبد ويوعد ويهدد في العميل اوكنبو ياولدي انت الزول الزعل البشير رئيس اي حزب فرد الصبي دا رئيس حزب المحكمة الدولية واردف الشيخ السؤال ياولدي قلت لي ساكن الخرطوم اجاب الصبي دا ساكن في بلاد برة بلاد الخواجات اصحاب العيون الخدر طيب ياولدي حكايته مع البشير شنو الصبي حكايتة دنو الاجل وقلة الحيلة

  2. "الانتصارات الكبيرة" التي يحققها سعادة المشير بزياراته "الخارجية" لدول الجوار ذكرتني ما كنا نفعله صغارا حين ندخل للاستحمام في الشتاء (قبل السخانات). كنا ندخل و نفتح الدش ببطء و ننتظر ثم نمد يدنا نتحسس الماء و نرجعها بسرعه ثم نمد جزءا اكبر ، حتي اذا اطمأنينا علي درجة برودة الماء توكلنا علي الحي الذي لا يموت و كتمنا انفاسنا و اندفعنا بسرعة تحت الدش مع الدلك الشديد ثم نخرج بنفس السرعة التي دخلنا بها تحت المياه الباردة.
    هذه هي انتصارات الرئيس في زياراته (الخارجية)
    لم نتكلم عن ما تتكبده الدولة من تسهيلات و دفع و تنازلات لدول الجوار حتي تقبل باستقبال الرئيس!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..