Short-cut

زمان مثل هذا

Short-cut

الصادق المهدي الشريف

? في غمرة الانشغال باستفتاء الجنوب نسي السياسيون أن ينظروا الى قضية دارفور.. ونسي المواطنون في صراعهم المعيشي أن ينظروا غرباً، رغم المستجدات الكثيرة على ساحة الإقليم المضطرب. ? فالجنوب قد علم ما له وما عليه.. بعد أن حصل على حق تقرير المصير، وفق اتفاق ذي سند دولي، ويريدُ سياسيوه أن يستغلوا هذا الحق استغلالاً يحقق مصالح ال…(مصالح منو؟؟؟؟). ? ولكنَّ دارفور حتى هذه اللحظة لم تنعم باستقرار ولو كان جزئياً، فالقضية حتى هذه اللحظة يدور رحى حلها في ثلاثة مواقع. ? الموقع الأول: والذي يُفترض أنَّه الأهم.. تدور حيثياته في الدوحة التي يتفاوض فيها المتفاوضون دون إرسال أي إشاراتٍ إيجابية. ? فالحكومة أرسلت وفداً (لا يلقي بعض أعضائه تحية الإسلام على الآخرين)، والتحرير والعدالة تكاد تكون منظمة مجتمع مدني منها الى حركة مسلحة.. لافتقادها للعناصر القتالية، ومعلومٌ أنّ الحكومة تحترمُ أعداءها حسب ثقلهم الميداني. ? رغم ذلك فإنّ حركة التحرير تزايد في مطالبها يوماً بعد يومٍ، ليس هذا فحسب، بل افترضت وقوع الانفصال وطالبت بمنصب النائب الأول للرئيس الذي يشغله الآن الفريق سلفاكير ميارديت. ? وجليٌّ أنّ الوفد الحكومي غير جاد في توقيع اتفاق مع حركة تجاني سيسي، لسبب رئيسي ومنطقي، وهو أنّ توقيع اتفاق معها لن يغير الأوضاع على الارض. ? لكنّها في كل الأحوال تعتبر طُعماً لاستدراج الحركات الاخرى للدوحة من أجل التفاوض.. هذا الوضع الغريب يشير الى أنّ ليل اهل دارفور سيطول الى امدٍ لا يعلمه إلا الله. ? الموقع الثاني: هو أرض دارفور نفسها التي أصبحت فيها حركة العدل والمساواة قاطع طريق بعد أن أفقدتها الهجمات الحكومية مواقعها. ? فالحركة هاجمت أمس الأول طوفاً تجارياً في منطقة الخور الأبيض، ووجدت مقاومة لم تمكنها من الاستيلاء على الطوف.. لكن قبل ثلاثة أسابيع استولت على 10 عربات تجارية تحمل مواشي. ? وهذا أسوأ ما يمكن أن تحدثه الإستراتيجية الجديدة في شقها العسكري.. أن تحوِّل الحركات المسلحة ذات المطالب السياسية الى حركات (شفتة وهمباتة) تعتاشُ من عرق البندقية. ? الموقع الثالث: هو جوبا (ويبدو أنها في طريقها لتكون العاصمة الجديدة للمعارضين السودانيين). ? حيث يمضي السيد مني أركو مناوي أسوأ أيام حياته وهو يلعن الشيطان الذي أوحى إليه بالجنوح للسلم، وتوقيع اتفاق مع الحكومة سلبه كرامته وجيشه. ? وقولنا أنّ جوبا هي المنطقة التي يجب أن يبدأ منها المشوار الصحيح والسليم لحل قضية دارفور.. لا يحتاجُ الى كثير ذكاء. ? فرغم أنّ الحكومة ترى أنّ تطبيق اتفاق أبوجا يماثل توقيع اتفاق جديد مع حركة التحرير والعدالة.. بمعنى أنّه لن يغير الأوضاع على أرض دارفور. ? إلا أنّ الحقيقة هي عكس ذلك.. فعدم تطبيق أبوجا جعل كل حركات دارفور تقدِّم رجلاً تجاه المفاوضات مع الحكومة وتؤخر أخرى.. وفي وعيها ما يحدث لمناوي وحركته. ? تطبيق اتفاق أبوجا والسعي لاستنهاض الالتزامات الدولية تجاهه هو الطريق الأقرب (Short-cut) لحل مشكلة الإقليم وأهله المشردين. ? فهذا على أقل تقدير سيمنح أهل دارفور مزيداً من مشاريع السلطة الانتقالية.. وأكثر من ذلك سيعيد الثقة في الحكومة ك(طرف) جاد في تنفيذ الاتفاقات. ? والثقة هي كلمة السر التي تفتح كل أبواب الحل.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..