تساؤلات عن دواعي استمراره في الحكومة (الشعبي).. معارضة من داخل الحكومة

الخرطوم ــ الطيب محمد خير
يرفض حزب المؤتمر الشعبي المشارك في حكومة الوفاق الوطني، صبغ مواقفه داخل المؤسسات الحكومية باللون الرمادي. ويقول إن وجوده في الجهازين التشريعي والتنفيذي ضمانة لإنفاذ مخرجات الحوار الوطني بحسبانه مراقباً لأداء الحكومة والكشف عن الأخطاء سواء لدى الوزراء أو النواب التشريعيين.
ويرى مراقبون أن حزب المؤتمر الشعبي انفرد بكثير من السمات المتناقضة في مواقفه ورؤاه بين أحزاب الحوار الوطني الذي يعتبر نفسه حامياً لمخرجاته ما تسبّب في مواجهات سياسية ساخنة مع نظيره حزب المؤتمر الوطني حد استغراب الجميع من حالة التناقض الكبير في مواقف المؤتمر الشعبي الذي هو مشارك في الحكومة بلبوسه أثواب المعارضة خاصة داخل المجلس الوطني الذي شهد تجاذبًا لافتًا في المواقف بين نواب المؤتمرين الشعبي والوطني وبقية الكتل البرلمانية.
وفي وقتٍ يحرص نواب كتل أحزاب الموالاة، على الدفاع عن الحكومة وتزكية أطروحاتها حتى قبل بدء تنفيذها، يجتهد نواب كتلة حزب المؤتمر الشعبي في إبراز الإخفاقات الحكومية والتحذير من القرارات التي تتبناها الحكومة واتهامها بممارسة التضليل السياسي.
وهذا الوضع أدى إلى دخول المؤتمر الشعبي في مواجهات سياسية مع غريمه ونده المؤتمر الوطني الذي دخل معه فى سجال ساخن استخدم فيه جميع أدوات الرقابة التشريعية بما فيها الاستجواب وتقدّم بعدد من مشروعات القوانين وخاض معركة شرسة وعندما تقدم بعدد من مشروعات القوانين، منها ما يتعلق بمسألة الحريات، وتقليص مهام الجهاز الأمني وحصرها في تجميع المعلومات وتحليلها، وهي ذات القوانين التي خطّها زعيم الحزب حسن الترابي، قبيل وفاته .
وكان المؤتمر الشعبي هدد بالعودة إلى صفوف المعارضة في أعقاب إجازة المجلس الوطني حزمة التعديلات الدستورية المتصلة بمخرجات الحوار الوطني، وقال وقتها أمينه السياسي كمال عمر عبد السلام، إن التعديلات التي أجيزت في البرلمان لا تمثلنا، وهي عبارة عن مسخ مشوّه لمخرجات الحوار وبهذا الوضع ستكون مشاركتنا في الحكومة والبرلمان بلا معنى.
دفوعات:
دافع الأمين السياسي للشعبي الأمين عبد الرازق عن مواقف حزبه في حكومة الوفاق الوطني ويصفها كثيرون بأنها مناكفة، مشيراً إلى أنها مواقف تمليها عليهم المشاركة والمناصحة، ولكن لا يمكن أن تكون رمادية بحال من الأحوال.
وقال الامين لـ (الصيحة) إنهم يعتبرون مشاركتهم في حكومة الوفاق الوطني في جهازيها التشريعي والتنفيذي رمزية وهذا واضح من الحصة الممنوحة لهم في المشاركة التي لا تتعدى الـ(1%) وهي أقل من حجم الحزب الذي يعتبر أكثر حزب تنظيماً وهيلكة وانتشاراً في بقاع السودان المختلفة، وذلك بشهادة بروفيسور حسن الساعوري (حد تعبيره).
وعن اتهامهم بإثارة المشكلات، قال: نحن شاركنا في وضع البرنامج الذي تنفذه حكومة الوفاق وقطعنا عهدًا على أنفسننا بعدم سكوتنا على التجاوز في مخرجات الحوار أو الأخطاء التي يرتكبها الآخرون الذين يعملون على تخريب مخرجات الحوار التي هي برنامجنا السياسي حتى (2020)، وسنظل حارسين لها سنتصدى لكل من يحاول تخريبها من الشموليين في المؤتمر الوطني الذين يعملون على عرقلة إنفاذ هذه المخرجات وهم سبب إطالة أمد الحوار لثلاث سنوات بدل ثلاثة أشهر.
وأضاف الأمين أنهم لا يمكنهم الصمت على محاولات عرقلة الحوار، وقال: لن نصمت ونتفرج على تخريب هؤلاء الشموليين، وما نقوم به عمل مشروع وليس مناكفة ومعاكسة، وإنما نتحدث عن أخطاء مثل معارضتنا لقانون الصحافة لأن مشاركتنا لا تعني الصمت على التجاوزات في القوانين التي تتقاطع مع الحريات من بعض الأشخاص.
وعن عدم انسحابهم من الحكومة بسبب الأحوال الحالية، قال الأمين عبد الرازق إن لكل مقام موقفاً ومقالاً، مضيفاً بأنهم اختاروا المدافعة من داخل الحكومة، وشدد على أن كل من وقع على هذه المخرجات ملزم بالدفاع عنها.
ضد التصيّد:
قالت أمينة النساء بالمؤتمر الشعبي د ـ سهير صلاح إن المؤتمر الشعبي لا يسعى لتصيّد أخطاء الحكومة وتسجيل أهداف في مرماها وإن كانت هناك أخطاء يمكن معالجتها دون الإعلان عنها في الإعلام فيحدث ذلك لأنهم جزء من الحكومة ويهمهم نجاحها.
وأضافت سهير في حديثها مع (الصيحة) إن مشاركتهم في الحكومة تمت من أجل الحريات وإصلاح الجانب الاقتصادي بتقديم النصح الذي يستوجب على كل حزب في الحكومة أن يقوم به من خلال أجهزة التنسيق بين أحزاب الحوار عبر اللجنة التنسيقية الموسعة كماعون يتم من خلاله تقديم النصح، وقالت إنها لا أعتقد أننا نتصيد الأخطاء.
ورفضت سهير وصف تعاملهم مع المؤتمر الوطني بنظرية المؤامرة، مؤكدة أن قرار المشاركة اتخذ في أعلى مستويات الشورى في الحزب بنسبة عالية بما يجعل الآراء الرافضة لا تعبر عن المؤسسة وإنما هي رأي شخصي.
وعن التهديدات بالانسحاب من المشاركة الذي ظلت القيادات تلوح به قالت: هنا مواقف تحتاج أن تعبر عنها بصوت عالٍ، لكن التنسيق يظل مستمراً باعتبار هذه مسؤولية تقع على الشعبي وعليه ان يتحملها مع الآخرين نافية أن يكون في نيتهم الانسحاب من الحكومة، لأن حزبهم ملتزم بما أسمته بالمشروع الإستراتيجي الممثل في الوفاق الوطني لاستقرار السودان، مؤكدة أنهم حارسون لمخرجات الحوار وهم على تواصل مع الموقعين والرافضين.