
لا اعرف من اين ابتديء المقال ، ولكن اشد الاشياء ايلاما علي النفس ،انه تم ما تم امام قيادة قوات الشعب المسلحة حامي الشعب وصمام امانه، والله انها المهانة بعينها وانه الاستصغار بشحمه ولحمه،ما حدث لا يمكن ان نجد اي تفسير ولا يمكن ان تصدقه مسامعنا مهما امعنا في السمع ولا تستثيغه مداركنا مهما توسعت بنا الافكار واحاطت بنا التفاسير.و اكثر شيء دفعني للكتابة هو دفن جثامين الشهداء الثلاثة ومواراتها الثري ولا يعرف لاهلها اثر ولا لمعرفة كنهها دليل، واكثر ما عزز رغبتي في الكتابة هو دفن الشهيد قصي حمدتو بعد ان طال عليه الامد ولا يعرف له مصير وهو اقرب الي اهله من محيط القيادة العامة ،ولولا استخدام الحمض النووي لغاب للابد وطويت معه قصة تحكي مرات ومرات بروايات مختلفة.
الجيش الذي كتب فيه الشعراء المفردات تعدادا للبسالة والشهامة والمواقف قد هزمته مجموعة مجرمة بفعلتها الدنيئة ولقد خانته مجموعة متآمرة بالتستر علي الجريمة الخسيسة وعدم التحرك لحماية الابرياء العزل الا من عزيمة جعلت منهم قيادات لهذا الوطن الكبير.المجلس العسكري مسؤول مسئولية كاملة عن ما حدث،مسؤول في المقام الاول لانه سمح بهذا الفعل ان يكون بالموافقة علي استخدام القوة في فض الاعتصام او حتي جزء منه مجازا يسمي كولمبيا،ومسؤول لانه لم يتحرك لحماية الامنين في محيط القيادة الذين استأمنوا جيشهم سلامتهم وامنهم وكرامتهم وكبرياءهم بعد ان امتدت لهم ايدي المجرمين ولا اقول الجنود لان فعلتهم لا تتسق وشرف الجندية ،ومسؤول ايضا لانه لم يقدم من اجرم في حق الشعب الي التحقيق المشهود او المحاكمة العادلة. وهذا كله يستوجب اعادة هيكلة القوات المسلحة وفك ارتباطها بالحزب الحاكم السابق وبالرئيس المعزول.هيكلة تضع قومية الجيش في المرتبة الاولي وحماية الوطن والشعب في مقدمة الاولويات،هيكلة تعيد للجيش الهيبة والمكانة وهيكلة لا تجعل الجيش تحت رحمة مؤسسات او مليشيات تستغله وتستغل قدراته في خدمة اجندتها. المجلس العسكري السابق مسؤول عن الذي حدث ويجب ان يقدم حقائق لا تفسيرات لما جري في ميدان الاعتصام. نعم انتهي المجلس العسكري وانتقل بجملته الي مجلس السيادة ولكن تبقي مسؤلية الافراد الذين شكلوا المجلس العسكري وقتها عن الحدث ولا تسقط الا بانتهاء المحاكمات ورد الحقوق لاهلها.
مجلس السيادة ومجلس الوزراء تقع عليهما مسؤلية كبري في تحقيق العدالة لكل الذين تضرروا في ميدان الاعتصام، لولا هؤلاء الذين فقدوا الارواح الغالية والذين لا يعرف لهم مصير الان لما وصلتم الي مواقع هذه المسؤلية،ومسؤلية القيادة يتبعها واجب دوما ولا اري هنالك اوجب من تحقيق العدالة للذين راحوا ضحايا لعنف ممنهج امام قيادة الجيش وفي شوارع الخرطوم في ثورة ديسمبر، لانه عنف حدث بعد سقوط طاغية وفي ظل مجلس انتقالي عسكري يفترض به توفير الحماية لشعبه الاعزل الذي احتمي بساحاته.
لا نريد ان نستعجل الاحداث ولكن نريد شعار العدالة الذي خرجنا من اجله يتحقق لانه مبدأ مهم لتبدأ الدولة طريق المدنية الطويل، ولا مدنية بدون عدالة، لان المدنية تقوم علي احترام الحقوق بكافة اشكالها، فكيف تكون دولتنا مدنية وبعض منا يحرم الاخرين حق الحياة وهو يعيش فوق الارض امنا مطمئنا وضحاياه تحت الثري بلا ذنب او جرم جنوه.
العدالة وتطبيق القانون هو معبرنا الوحيد الي الدولة المدنية التي من اجلها خرجنا وواجهنا فيها البطش وطائش الرصاص، ولم نقبل دون ذلك شيئا.
اذا لم تكن قضية المحاسبة في جريمة ميدان الاعتصام ملحة فماهو الشيء الملح امام حكومتنا المدنية الان؟
اذا لم تكن قضية التحقيقات في اعتصام القيادة وفضه الان من اولويات حكومة حمدوك فماهي الاولوية التي ننتظرها ونحن نري من اجرم يمشي بيننا ويتنقل بكل حرية؟ وهذا جرم لا يمكن ان نقول قام به شخص واحد او اثنين او عشرين حتي، هذه قضية يجب ان يحاكم فيها كل من وطأت قدمه ميدان الاعتصام بتكليف او بدونه،وكل من شارك وخطط ونفذ ويمتد الحساب الي من شاهد وصمت ايضا.
بالتأكيد المحاسبة والمحاكمة تحتاج الي اليات ومؤسسات عدلية محايدة ونزيهة ولايمكن ان نضع هذا مبررا لكل هذا التاخير في ملف المحاسبة والتسويف .لاننا لو كنا جادون في امر المحاسبة لقدمنا امر حسم ملف رئيس القضاء والنائب العام علي كثير من الملفات التي حسمناها في الفترة السابقة.كمثال لا الحصر مدير التلفزيون ومجالس الجامعات وهيكلة السلك الدبلوماسي الي اخره. ولكن يبدو قضية المحاسبة وتحقيق العدالة هو اخر اولويات الحكومة الانتقالية، واخشي ان يكون هذا التراخي هو اول عوامل فشل حكومة حمدوك واراهن علي ذلك، لان النجاح لا يتحقق الا بتوفير العدالة .
اتمني ان تري قضية فض الاعتصام النور وان تكون لوحة في مكتب كل مسؤول حتي تتحقق العدالة للابطال الذين مهروا هذا الطريق بالارواح الطاهرة والدماء الغالية حتي تحقق ذلك النصر الذي به نعتز ونفاخر.
اتمني ان تصل الي الاصدقاء في مجلس السيادة ومجلس الوزراء حتي يعلموا ان المعبر الوحيد الي الدولة المدنية هو العدالة وان تكون بوابة هذا المعبر هي قضية فض الاعتصام وانصاف ضحاياه.
د.ابوبكر شمس الدين